«أبو حراز».. تنبأ بزوال «المتطرفين» مع حصاد الزيتون فقتلوه (بروفايل)

السبت، 19 نوفمبر 2016 02:44 م
«أبو حراز».. تنبأ بزوال «المتطرفين» مع حصاد الزيتون فقتلوه (بروفايل)
الشيخ سليمان ابو حراز
هشام السروجي

  

أسند رأسه على يده، الل إلى الأمام كعادته فى الجلوس، حتى يوشك على السجود، رفع عينيه إلى وجه مجالسه، نظر إلى وجهه بإبتسامه صافية، صمت لحظات، ثم أطلق لسانه «يا ولدي ستملأ جثثهم النتنه شوارع الشيخ –يقصد الشيخ زويد- وتعم رائحتها البيوت، وهتجمعها بيدك».. هكذا بشّر «الشيخ سليمان أبو حراز» أحد الضباط في شمال سيناء، وبالفعل لم يمر الشهرين، حتى كانت معركة الشيخ زويد في يوليو 2015، وجمع أشلاء التكفيرين هذا الضابط جليس الشيخ، فى سيارة نصف نقل، من شوارع الشيخ زويد.

من قبل ذلك الحديث بعقود، كان تنبأ بإنتصار أكتوبر وهزيمة الإحتلال الإسرائيلي، وأنه سيأتي أيام على سيناء تغطي أرضها الدماء، وتخرب البيوت على أهلها بيد الإرهاب، وينتشر الموت فى كل الأرجاء، لكن نهايته ستكون أسرع من بدايته.

كان عابدًا زاهدًا.. دمث الخلق.. لطيف المعاشرة.. شهي المفاكهة.. دقيق المكالمة.. قرب عمره من المائة عامًا.. عندما سأله المسؤولين عشرات المرات عن حاجته، كان يرد "البلاد والعباد"، أى أريد منكم تلبية متطلبات الناس والإهتمام بسيناء فقط، لم يطلب شيئًا لنفسه طيلة حياته، كان يكتفي بالقليل القليل من الطعام، كان يهيم فى الملكوت وأنت تحدثه، فتعتقد أنه لا ينصت إليك ولا يعيرك إهتمام، فتصمت، حتى ينظر لك ويرد بكلمتين فيهما خلاصة النصح والإرشاد، حاله حال العارفين بالله من اللدنيّن.

فى إحدى جلساته مع شباب من أبناء الطرق الصوفية فى مدينة الشيخ زويد، قال لهم بعد أن أشتكوا له عنف التنظيم الإرهابي، ووحشيته فى التعامل مع الأهالي، "سيزول الإرهاب مع إنتهاء حصاد «الزيتون».. وموتي على يد رجل من دمي بين صفوفهم"، وبالفعل مع نهاية الحصاد هذا العام ضرب الشتات عناصر التنظيم، وبدأ الأهالي الهاربين من بطشهم فى الرجوع لبيوتهم وقراهم.

كانت كلمات الشيخ تفزع أنصار بيت المقدس، كانت بشراه بنهايتهم القريبة، تؤجج النار فى نفوسهم، كان يخشوه حيًا، فأتهموه بالعرافة والكهانة والسحر، وخشوه شهيدًا فأخفوا جثمانه الطاهر بعد أن ذبحوه ظُلمًا. 

موته جاء طعنة فى نفوس أهالي سيناء جميعهم، توشحت الشوارع والبيوت والدروب بالسواد، حالة من الكأبة أسدلت ستائرها على شبة الجزيرة، شمالها وجنوبها، الغاضب العارم يجيش بنفوس الشباب، وأبناء الطرق الصوفية وكل من سمع عن الشيخ الشهيد. 

الصلاة على النبي، كان وصيته لكل من يزوره، لكن بساطته المعهودة تصادمت مع المتطرفين من التكفيريين، الذين أفتوا بكفر الشيخ، وكانوا من أبناء عمومته، حتى أنخرط أعتنق بعض الشباب من أهل بيته الفكر المتطرف، حتى أختُطِفَ الشيخ على يد حفيده، وأرتقى شهيدًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة