الانقسام يهدد مؤتمر «فتح» وانتخابات القيادة (تقرير)

الأحد، 20 نوفمبر 2016 02:23 م
الانقسام يهدد مؤتمر «فتح» وانتخابات القيادة (تقرير)

اعتاد حاتم أبو رزق التجوال في أزقة مخيم بلاطة للاجئين-أكبر مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية- خلال مصادماته مع الجيش الإسرائيلي، غير أنه أدار فوهة بندقيته وهجومه هذه الأيام تجاه القيادة الفلسطينية.

مع استمرار تمزق حركة فتح جراء الخصومات والعداءات، اندلعت معارك بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين موالين لفتح، في الشهور الأخيرة، ما دفع بمخيم بلاطة إلى هاوية من الاضطرابات.

وتأتي أعمال العنف التي يستهدف كثير منها إحدى قيادات فتح التي يعتبرها البعض فاسدة وصعبة المنال والمحاسبة في الوقت نفسه، فيما تتأهب الحركة لعقد مؤتمر تأجل شهرا لانتخاب قيادة جديدة للحركة نهاية الشهر الجاري ويعكس صراع سلطة قابل للانفجار بين زعيم الحركة العجوز الرئيس محمود عباس وخصمه المنفي محمد دحلان، أحد كبار المستشارين السابقين الذي يحظى بدعم بعض المسلحين وعدد من نشطاء الحركة الناقمين على الأوضاع.

يقول أبو رزق (30 عاما) والذي قضى قرابة السبع سنوات في السجون الإسرائيلية بعد اتهامه بتقديم الدعم خلال تفجير انتحاري: «لم أعد أريد أن أقاتل إسرائيل.. لست مستعدا للموت من اجل هؤلاء المسؤولين الذين لا يهتمون سوى بأسرهم ويتركوننا نعاني».

وخلفت أعمال العنف نحو اثني عشر قتيلا هذا العام، وحذر مراقبون من أنها قد تخرج عن السيطرة طالما ظلت فتح منقسمة.

ويدفع عباس (82 عاما) لإجراء انتخابات قيادة الحركة ومنظمة التحرير الفلسطينية- المنظمة الام التي تهيمن عليها فتح- قبل نهاية العام، في إطار ما يصفها المسؤولون بمحاولة معقدة لتعزيز سلطاته وقطع الطريق على عودة دحلان،لا ينوي التنازل عن السلطة أو اختيار خليفة، رغم أزمة صحية اخيرة طالبه الأطباء خلالها بالخضوع لفحوص لم تكن مقررة للاطمئنان على قلبه بعد شكاوى من إجهاد متكرر.

أولئك الذين يتم انتخابهم لتولي المناصب القيادية في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية يمكنهم اختيار مجموعة من النواب المحتملين، رغم أن أيا منهم لن يفكر في منافسة عباس على الارجح طالما ظل في المنصب.

آخر مؤتمر عقدته فتح كان في 2009 وآخر كان من المفترض أن يعقد في 2014، وكرر عباس تأجيله لأن دحلان كان لا يزال يحظى بدعم وتأييد قويين ولأن الزعيم الفلسطيني لم يكن مهتما بإجراء تغييرات في أروقة السلطة.

ومنذ ذلك الحين تخلصت الحركة- فتح- من كثير من أتباع دحلان.

عباس يعارض وبقوة عودة دحلان وذلك لأسباب شخصية وسياسية.

الرجلان اللذان كانا مقربين لسنوات، دب بينهما الخلاف بعدما وجه الأخير- دحلان- اتهامات واضحة بالفساد لرجلي الأعمال ياسر وطارق نجلي عباس في 2010.

وأدانت محكمة فلسطينية دحلان- الذي يعيش منفيا في أبوظبي حاليا- غيابيا في اتهامات فساد، وإذا ما حاول العودة للضفة الغربية دون موافقة عباس ورضاه قد يعتقل.

وتحدد بشكل مبدئي يوم التاسع والعشرين من نوفمبر الجاري لإجراء انتخابات فتح، على أن يعقبها اقتراع لانتخاب أعضاء اللجنة المركزية في فتح والتي تعد صانع القرار الرئيس في الحركة.

وفيما ينظر إلى الانتخابات الداخلية التي تجريها حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية- بغية استعادة شعبية فاترة- باعتبارها سخيفة ورجعية ضيقة الأفق، فإن التجمع المقبل يفاقم التوترات التي أشعلت بالفعل فتيل أعمال عنف في أنحاء الضفة.

الاشتباكات بلغت أصداؤها مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية ومخيم الأمعري قرب رام الله.

وقال جهاد حرب المحلل السياسي الفلسطيني: "القتال في الشوارع يدلل على اقتتال بين أروقة الحركة، وهو مقدمة بسيطة لما سيحدث إذا ما اندلعت معركة الخلافة".

الاشتباكات يغذيها الموقف الاقتصادي الحرج في الضفة الغربية وباتت السلطة الفلسطينية التي تعاني من عجز اقتصادي حاد، غير قادرة على توفير وظائف لمؤيديها كما اعتادت في الماضي.

ويعتقد أن كل جانب يغدق النقود على مؤيديه- وبينهم مسلحين- شراء لولائهم.

وكان مسؤولون فلسطينيون اتهموا دحلان الذي يتلقى دعما ماليا من الإمارات بإذكاء نار الفوضى للضغط على عباس.

وتقول الشرطة الفلسطينية إن مداهماتها في بلاطة، أحد الأحياء الفقيرة المزدحمة ب 20 ألف شخص مكدسين في كيلومتر مربع واحد فقط، هي محاولة لإلقاء القبض على 10 مسلحين مطلوبين في عدد من الجرائم، بما في ذلك القتل.

يدافع مسلحون مثل أبو رزق عن مصالحهم الخاصة، ونتيجة المواجهات انتشرت حالة من الخوف بين سكان المخيم. ويوم الأربعاء، أسفر تبادل لإطلاق النار بين الشرطة ومسلحين فلسطينيين في مدينة نابلس القريبة عن مقتل امرأة تبلغ من العمر 39 عاما وقعت في مرمى النيران.

وقال أكرم الرجوب، محافظ نابلس، إن المداهمات تهدف لإلقاء القبض على المجرمين الذين يحميهم المسلحون. وأضاف أن المسلحين يقاتلون الشرطة "في محاولة لإضعاف السلطة الفلسطينية"، وأنه "يتم تزويدهم بالأسلحة والذخائر باهظة الثمن لمحاربتنا."

ولم يقدم أدلة أو يقل من أين أتت البنادق، لكن السكان يتفقون على أن قوى خارجية متورطة بسبب الثمن الباهظ للأسلحة.

وتكافح السلطة الفلسطينية لنزع سلاح الميليشيات منذ نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2005، ولا تزال بعض أجزاء الضفة الغربية تظهر فيها الأسلحة.

تضيق إسرائيل الخناق على الأسلحة في أيدي الفلسطينيين وتغلق المصانع المنتجة للبنادق وتصادر المخابئ، ولكن الاتجار غير المشروع لا يزال جاريا على الرغم من ذلك. البنادق العسكرية من طرز إم 16، التي يتم شراؤها من عالم الإجرام الإسرائيلي أو المنتجة في المصانع الفلسطينية المؤقتة، هي السلاح المفضل، ولكن المسلحين أيضا يستخدمون المسدسات والمزيد من الأسلحة البسيطة المصنوعة على غرار المدفع الرشاش كارل غوستاف السويدي.

ينفي المسلحون تقديم دحلان المال لشراء أسلحتهم. ووصفوا بيع وشراء البنادق بمثابة عمل شرعي لرجال "عاطلين عن العمل ويحتاجون لكسب العيش". ولكن مع الحملة الإسرائيلية التي ترفع الاسعار، يبقى من غير الواضح كيف يمكن لهؤلاء الرجال تحمل تكلفة بنادق إم 16 التي يصل ثمن الواحدة منها إلى 15 ألف دولار للقطعة الواحدة.

تم عرض العشرات من بنادق إم 16 في استعراض مؤخرا في المخيم بمناسبة وفاة مؤسس حركة فتح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ألقى أبو رزق كلمة خلال الحدث، محاطا برجال يحملون بنادق إم 16، كما انتقد السلطة الفلسطينية بشأن المداهمات في المخيم.

أبو رزق ومسلحين آخرون مصممون على موقفهم، متوعدين بألا يلقوا أسلحتهم طالما بقي عباس في السلطة.

وقال أبو رزق "لن نصوت أبدا لعباس مرة أخرى، إذا بقي فسوف نظل نعاني".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق