بعد خسارة ساركوزي... كيف يكون المشهد الانتخابي في فرنسا؟
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 09:58 ص
خسارة الرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي " في الانتخابات التمهيدية لحزب الجمهوريين الفرنسي، والذي يميل إلى اليمين الوسط، كانت مفاجئة إلى حد بعيد في ظل توقعات واسعة كانت تدور حول وصوله إلى جولة الإعادة أمام منافسه رئيس الوزراء الأسبق "آلان جوبيه"، إلا أن منافسهما "فرنسوا فيون" تمكن من الحصول على أعلى الأصوات ليخوض الجولة الثانية أمام "جوبيه"، بينما أطاح " فيون "بـ "ساركوزي" ليس فقط من خارج السباق الانتخابي، ولكن من الحياة السياسية ككل، بحسب ما أعلن ساركوزي أثناء إعلان خسارته أمس الأول الأحد.
الخطاب الذي تبناه ساركوزي لم يختلف كثيرا عن تلك الدعاية التي تتبناها مرشحة اليمين المتطرف" مارين لوبان"، حيث دارت أفكاره حول حظر الحجاب الإسلامي وزي البحر المحتشم "البوركيني"، والذي ترتديه السيدات المسلمات، كما رفض رؤية جوبيه والتي تقوم في الأساس على خلق هوية فرنسية متعددة الأعراق والأديان، معتبرا أن مثل هذه الأفكار تعكس ضعفه وعدم قدرته على مجابهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وهنا تثور التساؤلات حول تداعيات خروج ساركوزي من السباق الانتخابي على المشهد الفرنسي خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية والمقررة في ابريل من العام القادم.
هزيمة ساركوزي شخصية
ساركوزي، والذي تولى منصب رئيس فرنسا في الفترة ما بين عامي 2007 و2012، كان أكثر المرشحين الفرنسيين قدرة في الفوز على منافسته ماريان لوبان، حيث كانت لديه قدرة كبيرة على التلامس مع مخاوف قطاع كبير من الفرنسيين من تنامي التهديدات الإرهابية، والقضايا المتعلقة باللاجئين والهجرة وغيرها، وبالتالي فإن خروجه ربما يصب في صالح مرشحة اليمين المتطرف" لوبان "، والتي ربما لن تجد منافسا لديه قدراتها على اللعب على وتر مخاوف المواطن الفرنسي.
يقول الصحفي الفرنسي لوران بونفوي، أن الكرة في ملعب المرشح الفائز في منافسات اليمين الوسط، والمقررة يوم 27 نوفمبر الحالي، موضحا أنه إذا كان مرشح حزب الجمهوريين غير قادر على إتخاذ مواقف متشددة، فلن يحظى بتأييد اليمينين، وهو الأمر الذي يصب في صالح لوبان، والتي تحظى بشعبية كبيرة بحسب استطلاعات الرأي التي تم إجرائها.
وأضاف" بونفوى"، في تصريح لـبوابة "صوت الأمة"، أن خسارة ساركوزي لا تعني عدم قبول الخطاب الانتخابي الذي تبناه بقدر ما يعكس عدم قبوله على المستوى الشخصي، موضحا أن "خسارة ساركوزي تأتي بسبب حالة الضيق التي أصابت الشارع الفرنسي من جراء الفترة التي قضاها في قصر الإليزيه، بينما لوبان مازالت لم تصل بعد إلى السلطة"،موضحا أن "فرصة لوبان تعتمد في الأساس على خطاب الفائز في إنتخابات اليمين الوسط، إلا أن المؤكد هو أنها سوف تخوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية القادمة."
خطابا مستساغا
ويأتى الارتفاع الكبير في أسهم المرشحة المتطرفة في إطار الصعود الكبير الذي يحققه التيار الشعبوي في الغرب بشكل عام، خاصة بعد الانتصار غير المتوقع الذي حققه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الاخيرة، والتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، الإ أن الوضع ربما يكون مختلفا في فرنسا في ضوء حصول أكثر المرشحين اعتدالا في الانتخابات التمهيدية لحزب الجمهوريين على الأصوات الأعلى.
تقول الكاتبة ماري ديجيفيسكي أن الانتخابات التمهيدية التي ينظمها تيار اليمين الوسط ربما تفتح الباب أمام تقديم مرشح يحظى بشعبية كبيرة يمكنه من مناطحة المرشحة اليمينية المتطرفة، خاصة وأن مجرد وصول لوبان لجولة الإعادة، وهو الأمر الذي تؤكده كافة الاستطلاعات، يبقى محل شك من وجهة نظرها، خاصة وأن مرشحي التيار المتطرف لم يسبق لهم تحقيق إنجازات كبيرة في الانتخابات الفرنسية.
وأضافت أن أفضل إنجازات الجبهة الوطنية التي ترأسها لوبان هو وصول والدها لجولة الإعادة أمام الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في عام 2002، وهو ما تحقق بسبب إنهيار شعبية شيراك، موضحة أن لوبان مازالت تحتاج إلى الكثير لتجعل نفسها مقبولة رئاسيا، حيث أن خروج ساركوزي سيطرح التساؤل ما إذا كان خطابها الانتخابي سيكون أكثر اعتدالا ليكون مستساغا أمام الرأي العام الفرنسي أم أنها سوف تستمر على توجهاتها المتطرفة.
التدخل الخارجي
ويبقى هناك رهانا أخر، ربما يكون بمثابة ورقة رابحة في يد لوبان، يتمثل في مدى الدعم الذي يمكن أن تتلقاه من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في ظل تقارير تدور حول لقاءات تجمع مجموعة من المقربين لترامب مع الساسة اليمينيين في أوروبا بعيدا عن المسئولين الرسميين بدولهم.
تقول ماريون مارشال لوبان، إبنة شقيق المرشحة الفرنسية للانتخابات الرئاسية في فرنسا، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنها تلقت دعوة من قبل ممثلي الرئيس الأمريكي المنتخب، وعلى رأسهم ستيفن بانون، والذي سيشغل منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين بالبيت الأبيض، للعمل سويا في المرحلة المقبلة، موضحة أنها قبلت الدعوة.