دعوة الرئيس التونسي لـ «السيسي» وتاريخ من التآخي بين البلدين
السبت، 26 نوفمبر 2016 01:03 م
دعوة هي الأولى من نوعها منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، وجهها الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى لـ"السيسي"، لحضور مؤتمر تونس الاقتصادي، المقرر انعقاده في 29 نوفمبر الجاري.
تلك الدعوة التي تُعد نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، تعكس مدى التقارب الإستراتيجي بين القيادة المصرية والتونسية، ومساعي البلدين لتعزيز العلاقات المشتركة في مختلف المجالات، واستكمال الملفات الأمنية والاقتصادية التي شهدت تفاهمات كثيرة عقب تولي "السبسي" الرئاسة التونسية، إذ أجرى أول زيارة رسمية له إلى القاهرة في أكتوبر عام 2015، التقى خلالها بالرئيس المصري.
ملفات الزيارة
الدكتور محمد عبدالكريم الباحث بمعهد الدراسات المستقبلية في بيروت لبوابة "صوت الأمة" أنها تعد دعوة مهمة في توقيتها، وتأتي تتويجًا لمباحثات ثنائية مكثفة بين الحكومتين التونسية والمصرية في الشهور القليلة الماضية، و"السبسي" شخصية مقربة من الرئيس "السيسي"، وتتشابه معه في الخلفية العسكرية وإدارة البلاد في أعقاب تجربة إسلامية قصيرة الأجل في البلدين، وإن كانت السياقات مختلفة.
وعن الملفات التي من المُتوقع أن تتضمنها زيارة "السيسي" المُرتقبة إلى تونس قال "عبدالكريم": "بطبيعة الحال فإن الملف الأهم بعد بحث العلاقات الثنائية، هو الملف الليبي الذي تنشط فيه القاهرة حاليًا على نحو غير مسبوق، عبر استراتيجية اتبعتها وبرهنت على قراءة ذكية للغاية للمشهد الليبي من قبل الرئيس السيسي ومعاونيه في هذا الملف، خاصة أن تونس أقرب للقاهرة في مواقفها تجاه الأزمة الليبية، ومن ثم فمن المتوقع أن تستكمل القاهرة توحيد الرؤية المصرية - التونسية في هذا الملف".
وأضاف "تستهدف زيارة السيسي تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وتونس وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بالفعل بين البلدين في مجالات التعاون العلمي والتكنولوجي والتعاون الصناعي وحماية الاستثمارات والسياحة".
علاقات اقتصادية
وتابع بأنه "في إطار الملف الاقتصادي؛ فإن بناء على أعمال اللجنة المصرية التونسية المشتركة يتوقع الاتفاق على البدء في خط بحري يربط بين صفاقس والإسكندرية والدفع بحجم التبادل التجاري إلى ما يتجاوز نصف مليار دولار مقارنة بحوالي 300 مليون دولار في عام 2015.كما تسعى مصر إلى زيادة حصتها في السوق التونسي والاستفادة من الفرص المتاحة حاليًا فيه".
ورأت السفيرة منى عمر، أن تلك الدعوة جاءت تقديرًا لدور مصر في الساحة العربية والعلاقات الطيبة بين البلدين. وأوضحت لوبابة "صوت الأمة" أن علاقات التعاون الاقتصادي بينهما قائمة بالفعل.
فيما أكد الكاتب والباحث الليبي عزالدين عقيل، أن الدعوة التونسية تستهدف تشجيع رجال الأعمال بالداخل والخارج على الاستثمار في تونس عقب تطوير البرلمان التونسي قوانين حماية وتشجيع الاستثمار.
وأضاف لبوابة "صوت الأمة" "قد يكون هناك وفد من خبراء الاستثمار المصريين المرافقين للسيسي لتبادل الأفكار والخبرات مع نظائرهم في تونس، خاصة أن البلدين يتشابهان بالوضع الاقتصادي، في حاجتهما لخطط إنقاذيه عاجله وفاعلة". وأشار "عقيل" أن هناك 18 اتفاقية تجارية تنظم العلاقات الاقتصادية بين مصر وتونس، أهمها "اتفاقية اغادير" الموقعة عام 2004 والتب تضم مصر وتونس والمغرب والأردن، بالإضافة إلى اتفاقية تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية، التي وقعت عام 1997، وتنص على الإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية للمنتجات المتبادلة اعتبارًا من يناير 2005.
والجدير بالذكر أنه مازال هناك بعض الاتفاقيات تحت الدراسة بشأن تفعيل التعاون بين نقطة التجارة في كل من مصر وتونس، والتي كانت قد وقعت في آخر اجتماعات اللجنة في يونيو 2010 بالقاهرة، ليشمل الفترة من 2016 - 2019 بهدف تبادل المعلومات والإحصاءات والنشر الإليكتروني، فضلًا عن دراسة تفعيل برنامج تنفيذي في المجال الصناعي، ومذكرة تفاهم بين الهيئة المصرية للثروة المعدنية والديوان التونسي للمناجم. وتبلغ الاستثمارات التونسية في مصر نحو 35 مليون دولار بنهاية عام 2014، متمثلة في مجالات الخدمات البترولية والسياحة والصناعات الغذائية واستصلاح الأراضي والنقل وقطع غيار السيارات والصناعات الخفيفة، بينما بلغ حجم الاستثمارات المصرية بتونس 2.2 مليون دولار، متمثلة في مصنع للتبغ وآخر للأثاث وقطاع الأجهزة الكهربائية.
تعاون أمني
وحول مدى التعاون المشترك بين البلدين إزاء قضية مكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني، أوضح السفير المصري لدى تونس نبيل الحبشي، في تصريح لصحيفة "المغرب"، إن مصر وتونس لديهما نفس الرؤية والموقف بشأن مكافحة الإرهاب؛ فكل من الشعبين عانى من الإرهاب الأعمى الذي استهدف المواطنين والسياح ودور العبادة ورجال الأمن وغير ذلك.
وأكد "الحبشي" على نجاح التعاون الأمني، قائلًا "ليست مصادفة أن مصر وتونس من أكثر دول المنطقة التي نجحت في كسر شوكة الإرهاب وإضعافه وهزيمته إلى حد كبير، فالتنسيق بين البلدين قائم سواء في الإطار العربي والإقليمي لمواجهة الإرهاب أو على المستوى الثقافي بينهما".
علاقات ثقافية
وحول الروابط الثقافية بين مصر وتونس، قال الكاتب عزالدين الأصبحي "لا غرابة أن يكون النشيد الوطني التونسي من كلمات أديب مصر مصطفى صادق الرافعي ومضاف إليها أبيات لأبو القاسم الشابي واللحن لأحمد خير الدين، ويقال إن التوزيع لمحمد عبدالوهاب"، مضيفًا "جاء العرب إلى تونس وكل المغرب العربي عبر مصر.. وعندما عادت الدولة فتية في شمال إفريقيا وأسس الفاطميون مجدهم بهذه البلاد البعيدة كانت عينهم على مصر". وتشارك مصر سنويًا في أكثر من 30 معرضًا من رسوم وفنون شعبية وأدبية، فضلًا عن المشاركة في أغلب المهرجانات والتظاهرات الثقافية في تونس، خاصة معرض الكتاب والذي عقد في أكتوبر الماضي 2014.
من ناحية أخرى جاءت تصريحات السفير نبيل بدر لبوابة "صوت الأمة" مؤكدة على حرص الجانب التونسي على مشاركة مصر في المؤتمر الاقتصادي، وحرص الدولة الشقيقة على دعم علاقتها مع مصر القائمة على الإحترام المتبادل.
وفي سياق آخر أشار السفير رخا أحمد حسن لبوابة "صوت الأمة" أن تلك الدعوة بلا شك بداية جديدة في العلاقات بين البلدين، مُفسرًا أن الدعوة تعتبر "مزدوجة"، حيث إنها تأتي كرد للزيارة التي قام بها الرئيس التونسي لمصر، مؤكدًا على أن التونسيين ينتظرون نشاط جديد في العلاقات مع القاهرة.
وأوضح أن الرئيس "السيسي" لم يؤكد بعد تلبية الزيارة نظرًا لأن ذلك يتوقف على الظروف المحيطة، إضافة إلى الإستعداد للمؤتمر الشهري الأول للشباب، والمقرر في ٣٠ نوفمبر الجاري، ومن المفترض أن يحضره الرئيس "السيسي"، مشيرًا أنه لذلك من الممكن أن ينيب أحد عنه في حضور مؤتمر تونس.
وتنظم تونس مؤتمر اقتصادي تحت شعار "منتدى دعم الاقتصاد والاستثمار فى تونس 2020" يومى 29 و30 من الشهر الجاري، بمشاركة زعماء ورؤساء وكبار المسئولين فى أكثر من 70 دولة، وبحضور نحو 1500 مستثمر من مختلف دول العالم.