فيدل كاسترو.. رحل «رفيق جيفارا» وعدو أمريكا (تقرير)

السبت، 26 نوفمبر 2016 02:10 م
فيدل كاسترو.. رحل «رفيق جيفارا» وعدو أمريكا (تقرير)
مجدي سمير

رحل بالأمس فيدل أليخاندرو كاسترو، رئيس كوبا السابق، عن عمر يناهز الـ 90 عامًا، وسط مشاعر حزن من زعماء وشعوب العديد من الدول، وفرح من الولايات المتحدة التي احتفل مواطنيها حتى الصباح بوفاته في شوارع وميادين بعض الولايات.

ويعد «كاسترو» الذي أوصى بحرق جثمانه، رمز الشيوعية المتقدمة في العالم بخطاباته وعباراته الشهيرة، ورفيق درب المناضل الشهير «تشي جيفارا»، والعدو الأول للحكومات الأمريكية المتوالية على مدار نحو 50 عامًا، حتى صَورته واشنطن وحلفاؤها بـ «الشيطان»، اشتهر بارتدائه الزي العسكري الرسمي معظم فترات حياته، ولم يتولى «كاسترو» أي منصب زعامة بعد تنازله عن الحكم لأخيه عام 2006، عاكفًا على كتابة مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية.

-مسيرة نضال
ولد كاسترو عام 1926، لأسرة ثرية في كوبا، وتزوج عام 1948 من ميرتا دياز، التي أنجبت له ابنه الأول فيديليتو.

وبدأ مسيرته النضالية في كوبا، مطلع خمسينيات القرن الماضي، حمل السلاح ضد الرئيس فالجنسيو باتستا عام 1953 برفقة أكثر من مائة من أتباعه، إلا أن محاولته أحبطت وسجن هو وشقيقه راؤول، وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي واصل حملته لإنهاء حكم "باتستا" من المنفى في المكسيك، وشكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو، وقد اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدًا واسعًا في كوبا، وتمكنت قواته عام 1959 من الإطاحة بالرئيس باتستا، ثم تسلم "كاسترو" سدة الحكم وسرعان ما حول بلاده إلى النظام الشيوعي.

قام "كاسترو" بتأميم الشركات الأمريكية في كوبا، ما فتح باب العداء مع الولايات الأمريكية الجارة، ودفع واشنطن عام 1961 إلى تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا، إلا أن القوات الكوبية في خليج الخنازير ردعت المهاجمين وقتل العديد منهم واُعتقل حوالي ألف شخص.

وعام 1962 بدأت أزمة جديدة بنشر الاتحاد السوفيتي منصات صواريخ في كوبا، إلا أنها انتهت باتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ينص على سحب الصواريخ من كوبا مقابل التخلص من الصواريخ الأمريكية في تركيا، وظل "كاسترو" شوكة في حلق الولايات المتحدة على مدار 50 عامًا، إلا أن تنازل عن الحكم لظروف صحية لأخيه راؤول كاسترو.

تمكن "كاسترو" خلال سنوات حكمه من كسب قلوب الفقراء بعد أن جعل التعليم والعلاج في متناولهم، مما مهد له الطريق لشعبية غير مسبوقة امتدت إلى دول أخرى، كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد، والخطابة النارية التي توجه سهامها في الغالب إلى الولايات المتحدة، ثم تحول إلى أيقونة نضالية في العالم، أرسل 15 ألف جندي إلى أنجولا عام 1975، لمساعدة القوات الانجولية المدعومة من السوفييت، وفي عام 1977 أرسل قوات أخرى إلى اثيوبيا لدعم نظام الرئيس الماركسي مانغستو.

- نهاية المسيرة
اضطر "كاسترو" عام 2006 من التنازل عن الحكم لشقيقه الأصغر، ورفيق مسيرة النضال راؤول كاسترو، الذي غيًر شكل كوبا منذ تولي السلطة مجريا إصلاحات اقتصادية على غرار نظام السوق، واتفق مع الولايات المتحدة في ديسمبر 2014 على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية وإنهاء عقود العداوة، وبعد ذلك بستة أسابيع أبدى فيدل كاسترو تأييدا فاترا للاتفاق، مما أثار تساؤلات بشأن موافقته على إنهاء العداوة مع واشنطن.

وعاصر "كاسترو" زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لكوبا عام 2014، والتي تعد الزيارة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة منذ 1928، وفي سنواته الأخيرة لم يعد كاسترو يتولى أي منصب زعامة، واكتفى بلقاء الزعماء الأجانب من حين لآخر، وفضل العيش في شبه عزلة، إلى أن توفى مساء أمس الجمعة.

- كاسترو وتشي جيفارا
سافر "جيفارا" للمكسيك بعد أن حذرته السفارة الأرجنتينية من أنه مطلوب من قبل المخابرات المركزية، والتقى هناك "راؤول كاسترو" المنفي مع أصدقائه الذين كانوا يجهزون للثورة وينتظرون خروج فيدل كاسترو من سجنه في كوبا.

وبعد خرج فيديل كاسترو من سجنه قرر جيفارا الذي كان طبيبا الانضمام إلى الثورة الكوبية، وقد رأى كاسترو أنهم في أمس الحاجة إليه كطبيب. وأشعلوا الثورة ضد نظام حكم باتيستا الرجعي. وبفضل خطة جيفارا للنزول من جبال سييرا باتجاه العاصمة الكوبية تمكن الثوار من دخول العاصمة هافانا في يناير 1959 على رأس ثلاثمائة مقاتل، ليبدأ عهد جديد في حياة كوبا بعد انتصار الثورة.

وأصدرت كوبا قانونا يعطي الجنسية والمواطنية الكاملة لكل من حارب مع الثوار برتبة عقيد، ولم توجد هذه المواصفات سوى في جيفارا الذي عيّن مديرا للمصرف المركزي وأشرف على محاكمات خصوم الثورة وبناء الدولة الكوبية في فترة لم تعلن فيها الثورة عن وجهها الشيوعي بوضوح، وما أن أمسكت الثورة بزمام الأمور -وبخاصة الجيش- حتى قامت الحكومة الشيوعية التي كان فيها جيفارا وزيراً للصناعة وممثلاً لكوبا في الخارج ومتحدثاً باسمها في الأمم المتحدة.

وظل جيفارا على صداقة مع كاسترو ويتبادلا الرسائل حتى وفاته في أكتوبر عام1967 في بوليفيا.


- سلسلة اغتيالات
يعد كاسترو صاحب أكبر رقم قياسي بموسوعة "“جينيس" في عدد محاولات الاغتيال التي تعرض لها، إذ بلغت 638 محاولة فاشلة منذ عام 1959 وحتى تنازله عن الحكم.

وكانت الولايات المتحدة صاحبة نصيب الأسد من التخطيط لهذه المحاولات، اعتبارا من إدارة الرئيس أيزنهاور، مروراً بـالرئيس كنيدي، وجونسون ونيكسون وكارتر وريجان وبوش الأب و وصولاً إلى بيل كلينتون، مستخدمين وسائل متنوعة للتخلص منه مثل القناصة، المتفجرات، سيجار مسمم، والعبوات الناسفة مثل تلك التي وضعت داخل كرة بيسبول.

وكانت أخر أبرز هذه المحاولات عام 2000، خلال زيارة كاسترو دولة بنما، إذ وُضع 90 كيلو من المواد شديدة الانفجار تحت المنصة التي كان من المقرر أن يُلقي خطابه عليها، و لكن فريق الأمن الشخصي له، قام بعمليات تفتيش خاصة بهم على ساحة المنصة واكتشفوا تلك المواد مما ساعد على إحباط هذه المؤامرة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق