سكان شرق الموصل يبدأون استعادة حياتهم الطبيعية بعد «داعش»
الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016 10:02 ص
بدأ السكان في قوقجلي شرق الموصل يعودون إلى حياتهم الطبيعية بعد حوالى شهر على انسحاب تنظيم داعش منها، عند مدخل القرية سوق مكتظ بالبضائع وزحمة مشترين في منطقة كانت حتى الامس القريب مسرحا للخوف والمعارك.
يعلو صراخ الباعة «دجاج، طماطم، سجائر» تقطعه اصوات انفجارت من داخل مدينة الموصل المحاذية لقوقجلي.
في غرفة صغيرة مبنية بألواح الزينك الحمراء اللون، يقطع خالد محمد صالح،55 عاما، الذي فرّ من المعارك في مدينته الموصل، اللحمة لبيعها. ويقول الرجل الذي لفّ رأسه بكوفية بيضاء وسوداء اللون لوكالة فرانس برس «المكان هنا آمن أكثر من اي مكان آخر في المنطقة، والسوق منذ حوالى أسبوع يشهد زحمة بهذا الشكل».
وفي الأول من نوفمبر، دخلت قوات مكافحة الإرهاب بلدة قوقجلي ولاقاها السكان بالترحاب. خرجوا يومها للمرة الأولى بملابس عادية غير تلك التي فرضها عليهم الجهاديون لمدة سنتين، ورووا ما تعرضوا له من فظاعات على ايدي عناصر التنظيم المتطرف، بينها مثلا تعرض كل من يطلق اسم داعش على الجهاديين لتخييط شفتيه.
في السوق الجديد الذي أنشىء قبل حوالى 15 يوما، يضع عبد العزيز صالح على طاولة امامه اكياسا من الحلوى والمعلبات، ويحمل بيده قطعة حلوى مغلفة بكيس بلاستيكي ملون بالاحمر والازرق، ويقول: هذه النوعية إيرانية، وقد كانت ممنوعة تماما.
ويؤكد بائع الخضار أشرف شكر (30 عاما) من جهته «في السابق، كان الجهاديون إذا صادفوا شخصا يبيع بضائع إيرانية، يصادرونها منه ويوقفونه فورا».
ويروي أنه لم يكن في إمكان المرأة أن تتبضع وحدها، بل كان يرافقها دائما رجل أو طفل يتكلم هو مع التاجر وهي تقف الى جانبه بخمارها على وجهها.
ويروي شبان تجمعوا حول بسطة أصدقائهم كيف منعهم الجهاديون من الدخان والنرجيلة والهواتف المحمولة وتصفيف الشعر وحتى من الألعاب النارية.
ويشير أحدهم الى شعره الأسود المرتب بعناية ويقول: حتى تصفيف الشعر كان ممنوعا.
ويضيف آخر: لم يكن مسموحا للأطفال خلال الأعياد أن يطلقوا الألعاب النارية، لم تكن لديهم سوى الأراجيح.
وتتناقض الزحمة في السوق مع الركام الى جانب الطريق، والدمار في الابنية المحيطة، ويفترش الباعة بسطاتهم المليئة بصناديق الخضار من طماطم وباذنجان وبطاطس وبصل، فيما يعرض آخرون الحلوى والمعلبات، ويبيع شاب الكاز ورجل مسن اللب.
ويقول فارس ماهر، 27 عاما، القادم من حي الزهراء الذي سيطرت عليه القوات العراقية داخل الموصل، ليشتري البضائع ويعود بها الى سكان منطقته، «آتي إلى هنا كل يوم لشراء البضائع وأعود بها لبيعها في حي الزهراء».
ويضيف أان عناصر تنظيم داعش كانوا يأتون بالبضائع من سوريا ويأخذون عمولة مرتفعة عليها، أما اليوم فكل شيء يأتي من اربيل.
لم تتغير الأسعار كثيرا بين الأمس واليوم، فسعر كيلو الطماطم أو الباذنجان لا يتخطى الألف دينار، وفق ما يقول بائعون. لكن ما يغبط الناس، خصوصا الذين لم يكونوا قادرين على العمل أثناء حكم الجهاديين، هو عودتهم إلى الإنتاج.
ويقول فضل حميد،21 سنة، النازح من الموصل «لم تكن هناك أموال بعدما انقطعت عنا رواتبنا وتوقفت أشغالنا، أما اليوم فأموالنا عادت إلينا".
ويشرح فضل قصته لفرانس برس "كنت اعمل موظفا في التخطيط العمراني. حين دخل داعش، انقطع راتبي، لازمت المنزل أعتمد على راتب التقاعد الذي يحصل عليه والدي".
في شوارع القرية الداخلية، فتح البعض محلات البقالة، وجلس آخرون أمام أبواب منازلهم، فيما تحولت بيوت أخرى إلى مقار عسكرية.
واستحدث أهالي قوقجلي السوق في الشارع الواقع عند مدخل القرية والذي تحول إلى ممر إلزامي للنازحين الفارين من المعارك في الموصل. ويقول حسين حيدر، 24 عاما، أمام بسطته لبيع الخضار إن الزبائن الأساسيين في السوق هم النازحون الموجودون هنا.
ويضيف: الشغل كثير والناس يأتون يوميا للشراء، والبضائع تصل يوميا من مدينة أربيل.
عند طرف السوق المكتظ، يجلس نازحون على الأرض بين الحقائب والأكياس ينتظرون أن تأتي سيارات لتقلهم إلى مناطقهم التي طرد تنظيم داعش منها.