الجيش ووكر الشياطين الفضائي
الأربعاء، 30 نوفمبر 2016 12:20 م
ليس هناك أدنى شك في أن الجيش المصري أكبر وأسمى وأرفع وأعظم من أن تنال منه «جزيرة الشياطين» المسماة تجاوزًا «قناة الجزيرة» الفضائية، المملوكة لإمارة «قطر»، فالجيش المصري من أقدم جيوش العالم، وأقواها منذ آلاف السنين وعلى مدار التاريخ، وحتى ولو مرت به مراحل تراجع وانكسار لسبب أو لآخر، فسرعان ما تنتهي هذه المراحل سريعًا، ليعود أقوى مما كان، ثائرًا لكرامته و«الأمة المصرية» الضاربة بجذورها الحضارية في أعماق التاريخ، يُنزِل بالأعداء أشر الهزائم، ينتقم منهم، ويلقنهم دروسًا قاسية.
وما نصر أكتوبر عام 1973م ببعيد، إذ جاء بعد ست سنوات فقط من هزيمتنا في حرب يونيو 1967م، التي كانت ظلمًا للجيش المصري، ونتاجًا لأخطاء سياسية وإهمال بعض القادة آنذاك.. وجاء النصر ثأرًا سريعًا لهزيمة يونيو، وتبعثرت «أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر» تحت أقدام أبطالنا البواسل الذين أذهلوا العالم، ببطولاتهم وعبورهم خط بارليف المنيع وتدميره تمامًا، بعد أن سارعت «قواتنا المسلحة» عقب هزيمة يونيو إلى تنظيم صفوفها مُجددًا، بإرادة فولاذية وعزيمة قوية لا تلين، وعقول فذة، وبأيادي وسواعد الأبطال الذين تربوا على أرض مصر وارتووا من نيلها، ورضعوا الوطنية والكرامة، وتدربوا في جيشنا الذي هو وبحق «مصنع الرجال»، وباعث الكبرياء والعزة في نفس كل مصري.
وحسبنا أن نعيد إلى الأذهان لمن كان ناسيًا، أن جيشنا هو المُحرِر الفعلي للكويت من الاحتلال العراقي عام 1991، وهو السند للعرب جميعًا يجدونه حين المِحن، أسسه محمد علي باشا الكبير الذي حكم مصر بدايات القرن التاسع عشر «من 1805 وحتى 1848م»، وأقام به امبراطورية عظمى، وخرج منه ثوار يوليو 1952.. هو «الجيش» الذى اختار الوقوف مع الشعب فى ثورتيه يومي 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013.. وإذا كان فيلم الجزيرة المسيء ينتقد فكرة «التجنيد الإجباري»، فهي ذاتها مصدر قوة الجيش، وتوحده مع الشعب.. فهذا النظام التجنيدي، لمن يحل عليه الدور من الشباب، يجعل كل واحدًا من المجندين إجباريًا، من أشقاء أو أقارب لواحد أو أكثر من الشعب، وبالجملة فهو جيشنا، منا، ولنا نحن الشعب.
من هنا، لا أفهم لماذا كل هذا الصراخ والردح والسب والشتم لـ «قطر» وأميرها على شاشات إعلامنا التلفزيوني، غضبًا من هذا الفيلم المُسيء، الذي أذاعته القناة القطرية يوم الأحد الماضي، ذلك أن «وكر الشياطين»، أقصد قناة الجزيرة، سقطت عنها الأقنعة الثورية المزيفة التي تسترت بها، وانكشف الوجه الشيطاني الحقيقي لها، ولم تعد تملك أدنى تأثير في المشاهد المصري، كونها مجرد منصة إخوانية تخريبية لا أكثر، تنشر الأكاذيب والفبركات التلفزيونية المكشوفة، وافتقدت المصداقية تمامًا، ولم تكن تستحق كل هذا الهري والضجيج وساعات الإرسال ومعها الكتابات المنفعلة.
ظني أن الفيلم كان يمكن أن يُذاع ويمُر دون أن يتنبه له الكثيرون، لولا هذه «المناحة» التي أقامها إعلامنا، كأنه يروج مجانًا لهذا الفيلم الرديء، الذي لا ينال من قيمة ومقام جيشنا العظيم، وأكاد أقطع بأن هذا الهرج الإعلامي التافه، كان وراء تذكير المصريين بهذا الوكر الشيطاني الفضائي، إذ المعلوم يقينًا هو انصراف ملايين المشاهدين المصريين عن«الجزيرة» عقب أشهر قليلة من عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي «3 يوليو 2013»، ووقوفها السافر في الخندق المعادي للشعب المصري وثورته ضد الحكم الإخواني، وحسبّ المغيبون القائمون على إدارتها، أن قناتهم يمكن أن تمنع ثورة المصريين ضد إخوانهم، أو أن تغير قناعاته، لكن عبثًا كانت تهيؤاتهم، كما فيلمهم التافه.. فإذا كان من مآخذ، فهذا أمر طبيعي في كل مؤسسات الدنيا العسكرية والمدنية، ويسجل التاريخ للجيش المصري قدرته دومًا على التعامل مع السلبيات وإصلاحها ذاتيًا، كونه مؤسسة عريقة تاريخيًا في التنظيم والانضباط والصرامة.
وإن كان ولابد من رد، فليكن من الدولة المصرية، بما تملكه حتمًا من أدوات وأوراق ضغط يمكن أن تمثل وجعًا وألمًا شديدًا لـ«قطر» ولكل من تسول له نفسه الإضرار بمصر، أما هذا العبث الإعلامي، ردحًا وسبًا وشتمًا، فهو مسيء لنا، ولا يليق بنا، وليس مفيدًا في شيء.
نسأل الله السلامة لمصر.
[email protected]