القعيد: «خدش الحياء» عنوان «مفخخ» لتفجير المجال العام (حوار)
السبت، 03 ديسمبر 2016 06:01 م
الكثير من المعارك تخوضها لجنة الثقافة والأعلام بمجلس النواب، بعضها أوشكت حروبه على الأنتهاء، دون رابح حقيقي، وبعضها الآخر يشي بصراعات دامية لا تزال في أوجها، مابين مشروع قانون الإعلام الموحد، وقانون «إزدراء الأديان»، ليطل مشروع تعديل قانون «خدش الحياء»، برأسه ويثير إزعاج المثقفين والأدباء.
الكاتب الصحفي، والأديب يوسف القعيد عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، فى حواره لبوابة «صوت الأمة» أكد أن مشروع قانون «خدش الحياء» يعيد إلى الأذهان مجلس «الإخوان» ولا يختلف فى أصوله الفكرية عن قانون «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ويرخي ستائر الوصاية الدينية على المجتمع، معتبرا أن على المصريين أن يخوضوا معركتهم الدينية ضد التزمت الديني، ولايركنوا إلى أن مجلس النواب سيتصدى لها عوضا عنهم.. وإلى نص الحوار:
-كيف تقيم أداء لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب؟
بالطبع لن أطعن فى أداء اللجنة التي أنتمي لعضويتها في مجلس النواب، ولكن قد أنتقد بعض القوانين التي تعرض على اللجنة وتسعى لتضييق المجال العام.
-لماذا تعثر مقترح تعديل قانون «خدش الحياء العام» الذى ناقشته اللجنة منذ أيام؟
هناك مناخا خانقا يسيطر.. أنا أحزن عندما يناديني أحدهم سيادة النائب لأني لست راضيا عن دوري بمجلس النواب خلال مناقشة إلغاء عقوبة الحبس على تهمة خدش الحياء العام.. النقاشات كانت تعيد إلى الأذهان برلمان الإخوان الذي كانوا يناقشون فيه قضايا تضيق من الحريات العامة تحت مظلة دينية عندما سعوا لإقرار مشروع «هيئة الأمر والنهي» فيما يشبه الوصاية الدينية.
الأمر يجرى فى نفس السجالات لتعيدت هذا المجلس عندما ناقش البعض مشروع قانون تغليظ العقوبة على الختان.. الأصوات التي كانت ترى أنه ضرورة دينية هي الأعلى والأكثر صخبا، يؤشر لمناخ معادي للحريات ينتشر بقوة ويتخذ من حفظ الحياء العام شماعة ليفرض وجوده.
-لكنك ذهبت بعيدا في رفضك لهذا القانون؟
طرحنا القانون للنقاش على خلفية العقوبة التي يخضع لها الزميل أحمد ناجي، الذى اسندت إليه تهمة خدش الحياء العام، وعوقب بأقصى عقوبة، لمجرد أنه كتب عملا إبداعيا «رواية استخدام الحياة»، نختلف أو نتفق معه لكن العمل الإبداعي يظل عملا متحررا من القيود.. ويجب تعديل تلك المادة المتضمنه في قانون العقوبات، التي تتسم بالاتساع والفضفاضية.
تاريخ مصر حافل بمواقف من الدفاع عن الحريات، ونشر التنوير والعلم.. ومادة «خدش الحياء العام» في قانون العقوبات الذي يعود للعام1937 كان يجب أن تلغى تماما، لا أن يتمحور النقاش حول أنها ضرورية لحماية المجال العام. ستمرار وجود مادة خدش الحياء يعنى تفخيخ المجال العام، ليكون طوال الوقت في حالة ترصد وقلق ولا يسمح لأحد بالتحرك الفكري يمينا أو يسارا، وتقييدا لامغزى له في وجهة نظري.
لكنك أعربت عن مخاوفك من أن يطال قانون «خدش الحياء العام» نصوصا دينية فى القرآن والإنجيل؟
أنا قلت أن المنطق الذي يفرضه قانون خدش الحياء العام لن يطال فقط النصوص الأدبية والإبداعات الفكرية، وإنما سينسحب على النصوص الدينية أيضا، فإذا كانت روايات أديب نوبل نجيب محفوظ خادشة للحياء، كما قال بعض النواب فى الجلسات، فلماذا نستبعد أن تطال تهمة خدش الحياء النص القرآني وما جاء فى نشيد الأنشاد، وبعض نصوص الإنجيل وسورة يوسف مثلا، فيها آيات تمس الحياء العام، عندما قال تعالى «وغلقت الأبواب وقالت هيت لك».
عدم الوقوف على تعريف واضح لمفهوم خدش الحياء وأركان جريمة خدش الحياء سيضعنا أمام قنبلة يمكن أن تنفجر فى وجه الثقافة والإبداع في أي لحظة، فوجود مادة تعاقب بالحبس على تهمة لا يوجد إتفاقا واضحا حول ماهية «خدش الحياء» يدق ناقوس الخطر حول تفخيخ للحياة العامة، وأن ما أراه خدشا للحياء قد يراه غيرى لايمس حياءه.
-هل تخيم على برلمان 30 يونيه عواصف التشدد الديني برأيك؟
برلمان 30 يوينو يخيم عليه التشدد الديني. الجميع بدأ يستشعر ذلك، فالمسألة مسألة ثقاقة مجتمع ويجب أن يخوض معركته الثقافية ضد الظلامية والتزمت الديني.
هناك من يريد لنا العودة إلى عصور الظلام، البرلمان لن يخوض هذه المعركة بالوكالة عن المجتمع برغم إنزواء الإخوان من المشهد، وهذا لا يعني أن بصمتهم وعقلياتهم التي زرعوها فى رؤوس البعض لا تمارس سطوتها على الحياة العامة، إضافة الى الذراع السلفية التي تمثل المعين الفكري للتشدد الديني وفرض الوصاية على المجتمع، وهو مابدا جليا في معركة إلغاء قانون إزدراء الأديان والدفاع عنه باستماتة.
-كنت واحدا من المثقفين الذين دعوا لتجديد الخطاب الديني فيما عرف بوثيقة الأزهر والمثقفين؟ أين آلت هذه الوثيقة؟ وعما أسفرت؟
أنا ضد كلمة الخطاب في حد ذاتها لكونها ترجمة فرنسية لمصطلح غربي، مؤكدا أن كل محاولة لتجديد الخطاب هي بالنهاية محاولة ترميم، ولم تصمد طويلا. ويجب هدم الأساس الفكري للخطاب الديني وتبني مشروعا قوميا لتحرير الخطاب الديني من الملوثات التراثية التي لحقت به. وتخليص الفكر الإسلامي من الشوائب التي علقت به، وضرورة تحديد الهدف من التجديد بمعنى، وعلينا أن نجيب على سؤال لماذا نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني؟ ثم نضع الآليات المناسبة لذلك.
وثيقة الأزهر والمثقفين كانت محاولة للإتفاق على مفهوم مجتمعي للتجديد. حضرت مناقشات مع ممثلين الأزهر، وقدمنا تصورا لم يرقى لقيادات الأزهر الذين لم يقبلوا مساهمات المثقفين والمتنورين واعتبروها هرطقات ومضامين تدعوا للعلمانية.