«ترامب وماي».. حقبة جديدة من التنافس على الخليج

الأحد، 11 ديسمبر 2016 12:55 م
«ترامب وماي».. حقبة جديدة من التنافس على الخليج
بيشوي رمزي

تصريحات نارية أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، تجاه دول الخليج، ربما أثارت قدرًا كبيرًا من التحفظ لدى قطاع كبير من قادة دول الخليج، لعل أهمها ما يمكننا تسميته بمبدأ "الحماية مقابل النفط"، بالإضافة إلى موقفه المعادي للمسلمين، هو الأمر الذي أثار تكهنات بنهاية النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج في عهد دونالد ترامب، وربما كان دافعا لظهور قوى جديدة لمحاولة ملء الفراغ الأمريكي بالمنطقة.

لعل زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي الأخيرة للبحرين، تعكس رغبة بريطانية عارمة في مزاحمة الدور الأمريكي في الخليج، خاصة وأنها جاءت بعد أقل من شهر من تدشين قاعدة عسكرية بريطانية، هي الأولى من نوعها منذ السبعينات من القرن الماضي، وذلك في ظل احتياج الحكومة البريطانية لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع منطقة الخليج لتقدم بديلا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

فرص وتحديات
ان تصريحات ترامب لم تكن السبب في التوتر الذي أصاب العلاقات الخليجية الأمريكية، خاصة وأن لم تخرج عن إطار الخطاب الانتخابي، ولم تتحول إلى سياسات، ولكنها تمتد إلى سنوات الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض، حيث تأججت الخلافات الأمريكية الخليجية على خلفية التقارب الأمريكي الإيراني في ضوء الاتفاق النووي الإيراني، والذي قوبل بحالة من الرفض والتحفظ من قبل القادة الخليجيين، بينما تفاقم التوتر بعد إقرار قانون "جاستا" والذي الذي يسمح للأمريكيين بمقاضاة المملكة العربية السعودية ومسؤوليها، ومسؤولين آخرين، بتهمة التواطؤ المزعوم في هجمات إرهابية قاتلة في الولايات المتحدة.

ويقول الباحث الأمريكي حسين إبيش أن حديث دونالد ترامب المعادي للمسلمين ربما لا يؤثر كثيرًا علاقاته بدول الخليج، حيث أن سياسات الإدارة الجديدة تجاه المسلمين لن يؤثر سوى على المسلمين المتواجدين داخل الولايات المتحدة، ولن تمتد أثاره للخارج، إلا أن التحدي الأكبر سوف يتمثل في السياسات التي تتعلق بالقضايا التي تنظر إليها الولايات المتحدة باعتبارها تهديدًا أمنيًا لها، وعلى رأسها المسألة الإيرانية.

وأضاف إبيش، في بحث منشور له على موقع معهد دول الخليج العربي في واشنطن، أن هناك تحديات وفرص تواجه سياسات ترامب تجاه الخليج، حيث أن مجاهرته بعداء إيران ربما يسمح بتحسن العلاقات بصورة كبيرة، بينما يصبح التوافق بين توجهاته والتوجهات الروسية هي إحدى أهم نقاط الخلاف بين البلدين في المرحلة المقبلة.

الحسم إيراني
الموقف من إيران يبدو حاسمًا إلى حد كبير فيما يمكننا تسميته بالتنافس الدولي الجديد من أجل الاستحواذ على النفوذ في منطقة الخليج، ففي الوقت الذي وصفت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي الاتفاق النووي مع طهران بالأمر الضروري، وذلك خلال كلمتها أمام قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت الأسبوع الماضي في المنامة؛ كان ترامب حريصًا على إعلان موقفه المناوئ للاتفاق منذ حملته الانتخابية، وهو الأمر الذي لا يقتصر على خطابه الانتخابي، ولكنه امتد كذلك إلى اختياره لعناصر إدارته، والذين يتبنون مواقف معادية لطهران.

 ستروان ستيفينسون، رئيس جمعية الحرية الأوروبية العراقية، أكد أن اختيارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعناصر إدارته تمثل في ذاتها إشارة واضحة للتوجهات الأمريكية خلال إدارته، خاصة تجاه إيران، حيث أنه يبدو معتمدا إلى حد كبير على مجموعة من العناصر التي تبنت مواقف مناوئة للاتفاق النووي الإيراني، لعل أبرزهم جيمس ماتيس، والذي اختاره الرئيس الأمريكي المنتخب ليشغل منصب وزير الدفاع في إدارته، وذلك بعد أن تمت إحالته للتقاعد من قبل إدارة أوباما، نظرًا لموقفه المناوئ من التقارب الأمريكي لإيران.

وأضاف، في تصريحات أبرزها موقع "ديلي بيست" الأمريكي، أن اختيارات ترامب تعكس رغبته في رصد السلوك الإيراني، خاصة فيما يتعلق بالنشاط النووي في المرحلة المقبلة، حيث أن الرجل على ما يبدو يضع خطة لكيفية التعامل مع أي انتهاك ترصده الولايات المتحدة للاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الدولية الكبرى، برعاية أمريكية، في شهر يوليو من العام الماضي، وهو الأمر الذي من شأنه إحداث قدر من التقارب مع دول الخليج.

براجماتية ترامب
خلفية الرئيس الأمريكي كرجل أعمال واقتصادي، ربما تدفعه للتفكير كثيرًا في علاقته بدول الخليج في ظل رغبته في تصدر المسألة الاقتصادية لأجندته الانتخابية، وهو الأمر الذي يشغل كذلك الجانب البريطاني كثيرًا، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي تعانيها بريطانيا في المرحلة الراهنة من جراء الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وعلق الكاتب الأمريكي دين عبيد الله، في مقال منشور له على موقع "ديلي بيست" الأمريكي، بأن الرئيس الأمريكي المنتخب يدرك جيدًا كيف يحقق المصالح المالية بعيدًا عن أي أيديولوجيات، حيث أكد أن ترامب ربما يكره المسلمين، ولكن ليس جميعهم، حيث أنه يحب الأثرياء منهم، وهو الأمر الذي سيدفعه إلى التركيز بصورة كبيرة على علاقته بدول الخليج خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف أنه في ظل هجومه المتواتر خلال حملته الانتخابية على المسلمين، كان حريصًا على الإشادة بالعديد من الشخصيات الخليجية المسلمة، من بينهم حسين ساجواني، والذي يشغل منصب رئيس شركة داماك العقارية، والذي وصفه بالرجل العظيم والصديق الطيب، الأمر الذي يعكس البراجماتية التي يتميز بها ترامب.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق