خبير في الشأن التركي يرصد التداعيات الاقتصادية والسياسية لـ«تفجيرات إسطنبول»
الإثنين، 12 ديسمبر 2016 06:41 م
تزور التفجيرات الإرهابية تركيا مجددًا في الفترة الأخيرة، حيث شهدت أسطنبول السبت الماضي تفجيرا إرهابيا مزدوجا أوقع 40 قتيلًا وجرح 166 آخرين، فيما كشفت السلطات التركية عن تفاصيل الحادث مؤكدة أنه وقع عقب انتهاء مباراة بين فريقي بشكتاش وبورصة سبور مباشرة، مستهدفًا نقطة انتظار خاصة بفرق مكافحة الشغب التابعة للشرطة بعد أن انتهت من تأمين خروج المشجعين، وأكد وزير الداخلية التركي، سليمان سويلو، أن التفجير نفذ بواسطة سيارة مفخخة.
وبعد يوم من الحادث، أعلنت حركة "صقور حرية كردستان" مسؤوليتها عن التفجير المزدوج، الذي يمكن اعتباره ضربة موجعة للحكومة التركية التي لم تنجح حتى الآن في احتواء التهديد الأمني الذي يشكله التنظيم منذ سنوات.
وهذه الحادثة ليست الأولي التي تنفذها الجماعة في تركيا، فمنذ انشقاقها عام 2004 عن حزب العمال الكردستاني تبنت الحركة العنف الدموي في مسار نشاطها من أجل تحقيق أهداف سياسية، لتضرب بقوة شديدة الأمن والسياحة التركيين.
ويأتي الحادث في غضون أشهر من سلسلة تفجيرات ألقي باللائمة في بعضها على تنظيم داعش، وأخرى على جماعة صقور الكردستانية، حيث لم تستفيق تركيا بعد من محاولة الانقلاب التي هددتها في يوليو الماضي، ووقوع تفجيرات أنقرة السابقة التي أدت إلى سقوط أكثر من 100 قتيل، الأمر الذي أدي إلى شن أنقرة سلسة من الإجراءات الأمنية العنيفة في الشهور الماضية ومن المتوقع أن تزداد وتيرتها في الفترات المقبلة جراء هذا الهجوم الإرهابي.
أمنيًا، اتخذت تركيا في الفترة الأخيرة على إثر الهجمات العنيفة ومحاولة الانقلاب الفاشلة إجراءات، بالإضافة إلى حملات الاعتقال الواسعة التي شملت عناصر يشتبه في انتمائها لمنظمات تصنفها أنقرة “إرهابية”، كانت آخر الحملات إلقاء القبض على 58 شخصًا من حركة كولن في 16 ولاية تركية، كما أوقفت قوات الأمن التركية 67 من قيادات حزب الشعوب الديمقراطي (أكبر حزب مؤيد للأكراد)، في مدن أنقرة وإسطنبول وأضنة ومانيسا، في إطار التحقيقات المتعلقة بـ"دعم الإرهاب".
وعن تداعيات هذا الحادث يقول الباحث المتخصص في الشأن التركي محمد حامد إن الحملة السياسية والعسكرية مستمرة على الأكراد، مؤكدًا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يبدو انه مزق اتفاق السلام مع الأكراد بلا رجعة، مؤكدًا أن التفجير الأخير يبعد الأنظار عن تعديل الدستور وانتقال تركيا للنظام الرئاسي والذي يعطي صلاحيات واسعة للرئيس على حساب البرلمان.
واتهم مجاهد أفجي، الذي يعد من الرجال المقربين من زعيم أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كليجدار أوغلو، المخابرات التركية بالفشل، مؤكدًا أن تفجيرات التي وقعت السبت الماضي، تشير إلى فشل السلطات التركية، قائلاً: «هذا العمل فيه هزيمة للمخابرات»، مما دفع السلطات التركية لاعتقاله.
ومن تداعيات هذا الحادث أكدت تركيا مواصلة عملياتها التي تسمى «درع الفرات» في شمالي سوريا، والتي بدأت منذ عام أو أكثر، حيث تدور مواجهات عنيفة بشكل شبه يومي بين قوات الأمن وأنصار حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية الكردية، فيما أعلنت رئاسة الأركان التركية مقتل 73 خلال الأسبوع الماضي ضمن حملته في سوريا، 41 منهم من منظمة حزب العمال الكردستاني و32 من تنظيم «داعش».
يضيف حامد عن تأثير هذه الهجمات الإرهابية، على الصعيد السياسي والاقتصادي بما فيها السياحة إن بعض البرلمانات الأوروبية كانت تسعي لرفع اسم حزب العمال الكردستاني من قوائم الإرهاب وهذا الحادث ستستغله أنقرة ضد هذا القرار، مشيرًا أن الحادث الأخير خلف موجه تعاطف دولية مع تركيا يمكن استثمارها في حملات قمع الاكراد والخدمة ( جماعة كولن) أكثر وأكثر وتعطيل فكرة إيقاف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
اقتصاديا، أكد حامد أنه قد تبدو مبادرة اردوغان بدعم العملة المحلية الليرة في وجه الدولار نجحت ولكن الاقتصاد التركي في حاجة إلى معالجات جذرية حتي يتخطي الكبوة التي كانت من تداعيات الانقلاب الفاشل، مؤكدًا أن التفجيرات الأخيرة ستؤثر بشكل أو بأخر في الوضع الاقتصادي.
وعن السياحة، أضاف الباحث المتخصص في الشأن التركي إنه رغم أن ألمانيا تضامنت مع تركيا في التفجير الأخير إلا أنها حذرت مواطنيها من السفر إليها لدواع أمنية، وهذا ما يجعل الموسم السياحي التركي ينكمش الي النصف على الأقل ولكن تركيا ستحاول منع تداعيات ذلك.