تحديات صعبة تواجه " مانويل فالس" في سباق الرئاسة الفرنسي المقبل فى 2017

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016 08:57 ص
تحديات صعبة تواجه " مانويل فالس" في سباق الرئاسة الفرنسي المقبل فى 2017

أجواء من الترقب تسود الساحة السياسية فى فرنسا مع قرب الإنتخابات الرئاسية الفرنسية فى شهر ابريل من العام المقبل، خاصة مع إعلان رئيس الوزراء السابق "مانويل فالس" ترشحه للإنتخابات التمهيدية للحزب الأشتراكي المقرر عقدها في يناير المقبل، لإختيار مرشح الحزب في الإنتخابات الرئاسية 2017.

وتشير العديد من التقارير إلى أن قرار "مانويل فالس" بالترشح جاء فى أعقاب إعلان الرئيس فرنسوا أولاند أوائل شهر ديسمبر الجارى قراره بالتخلي عن الترشح لولاية ثانية خلال الأنتخابات الرئاسية القادمة في سيناريو غير مسبوق لأي رئيس فرنسي في تاريخ الجمهورية الخامسة، ومع تقدم فالس بإستقالته عقب إعلانه الترشح للإنتخابات التمهيدية لليسار، تم تعيين وزير الداخلية السابق برنار كازانوف رئيسا للحكومة لتصريف الأعمال خلال الأشهر المتبقية على الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

فيما يجمع المراقبون على أن مانويل فالس سيواجه بمجموعة من التحديات الصعبة تجعل الطريق أمامه إلى قصر الإليزيه مليئا بالأشواك، وتتمثل تلك التحديات في قدرة فالس على تجميع قوى اليسار "المشتت" بالرغم من تخلي أولاند عن ترشحه لولاية ثانية إلا أن ذلك لم يؤد إلتى توحيد صفوف اليساريين بل زاد من الإنقسام داخل المعسكر الإشتراكي مع إعلان شخصيات يسارية ذات ثقل ترشحها للانتخابات التمهيدية، أمثال أرنو مونتبورغ وبنوا هامون، هذا بالإضافة إلى وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون وزعيم أقصى اليسار جان لوك ميلانشان اللذين قررا خوض غمار الانتخابات الرئاسية دون المرور عبر بوابة الانتخابات التمهيدية للحزب.

ووفقا لآراء المراقبين فإن فالس بعيد كل البعد عن أن يكون مرشح الأغلبية اليسارية، فهو يمثل يمين اليسار في موضوعات الأمن والأقتصاد والمجتمع والعلمنة، ودائم التحدث عن "تيارين يساريين لا يمكن التوفيق بينهما"، كما أنه فقد كثيرا من شعبيته داخل الحزب الاشتراكي بسبب أسلوبه السلطوي الأمر الذي ظهر بوضوح من خلال تمريره تعديلات قانون العمل الذي أقرّته وزيرة العمل مريم الخمري، وواجهه الشارع الفرنسي بإحتجاجات ضخمة وإضرابات واسعة النطاق، ومما عزز الفكرة حول تشدد فالس ذهابه لفرض القانون بالقوة في الجمعية الوطنية ودون نقاش ثلاث مرات عبر إستخدام المادة الإستثنائية 49-3 وهو ما كلفه عداوات كثيرة داخل حزبه.

ويرى المراقبون أن من الأمور التي ساهمت أيضا في خفض شعبية فالس لدى اليساريين، دعواته إلى تغيير أسم الحزب “الاشتراكي” معتبرا أنه قد تجاوزه الزمن فضلا عن إعلانه عام 2014 إنه "يجب الإنتهاء من اليسار المتمسك بالحنين إلى ماض ولى"، إضافة إلى أن فالس في معركته الرئاسية سيجد نفسه مجبرا على خوض حملة إنتخابية مليئة بالتناقضات، بحكم موقعه ومسئوليته في الحكومة الفرنسية مجبر على الدفاع عن حصيلة ولاية فرانسوا أولاند الإيجابية والسلبية، وهو ما قد يفقده الكثير من شعبيته في ظل إستياء الرأي العام الفرنسي من ولاية الرئيس الاشتراكي وإمتعاضه من أدائه السياسي.

كما أكدت أن فاس سيضطر إلى إتخاذ مواقف بعيدة عن أولاند والتعبير عن قناعات تميزه عنه، وهو ما قد يساهم في إبراز أوجه الخلاف بينهما، ومن ثم حرمان" فالس " من دعم أنصار الرئيس داخل الحزب في الوقت الذي يبدو في أمس الحاجة له، وفي حالة إختياره مرشحا لليسار في المعركة الرئاسية فإنه سيواجه خصمين شرسين من اليمين، فرنسوا فيون، واليمين المتطرف، مارين لوبن.

وأظهر إستطلاع للرأي لـ "بي في أيه سيلزفورس" أنه إذا فاز فالس بترشيح الحزب الإشتراكي خلال إنتخابات تمهيدية فإنه لن يحصل إلا على 13 في المئة فقط من الأصوات في الجولة الأولى من إنتخابات الرئاسة، وبما يسام فى تصعيد فرانسو فيون، ومارين لوبن إلى المعركة الأخيرة من السباق الرئاسي، ويبدو "فالس" فى ذلك السباق أمام مهمة شديدة الصعوبة، فمن ناحية تحظى حاليا بشعبية واسعة في الأوساط الفرنسية خاصة مع تصاعد التيار الشعبوي داخل أوروبا وخارجها. كما تبدو لوبن أكثر قربًا إلى الطبقة العاملة من فيّون، فهي تريد عودة سن التقاعد إلى 60 عاما، وزيادة الإنفاق العام، وحماية الاقتصاد بالخروج من الاتحاد الأوروبي وتشديد الرقابة على الحدود، كما أظهرت الإستطلاعات أن مواقف لوبن هذه قد جذبت إليها نسبة 45 في المئة من العمال و38 في المئة من الموظفين والشبان والشابات الذين يبحثون عن أول وظيفة لهم.

فيما يحظى فرنسوا فيون بفرصة قوية في الفوز في السباق الرئاسي كونه يمثل "التيار المحافظ" داخل حزب الجمهوريين اليميني ويبدو المرشح الأكثر قدرة على جذب الناخبين خاصة في المعسكر اليميني حتى أن فالس وصفه بأنه "خصم جاد جدا بالنسبة لليسار"، وأن معظم الاستطلاعات تستبعد فوز لوبن في الجولة الثانية من الإنتخابات نظرا لخطورة برنامجها على البلاد وإدراك معظم الفرنسيين لهذا الأمر.

ويقف مانويل فالس أمام هذه المعادلة الصعبة في مأزق حقيقي، لايمكنة من عدم القدرة على توحيد صفوف اليسار خلفه، كما لم يمكنه من النجاح في تقديم برنامج يساري يساهم في النهوض بالاقتصاد وخفض معدلات البطالة لتفادي تكرار أخطاء فترة أولاند وهو ما يضعه في موقف صعب في معركة الرئاسة القادمة ويقلل من فرص إستمرار الحكم الاشتراكي.
\

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة