تاريخ استهداف «داعش» للمسيحيين في مصر (تحليل خبري)

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016 05:33 م
تاريخ استهداف «داعش» للمسيحيين في مصر (تحليل خبري)
محمد الشرقاوي

فجر إعلان تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن حادث الكنيسة البطرسية، في بيان له الثلاثاء، والتي أسفرت عن استشهاد 25 مسيحيًا و43 مصابًا، سيل من الأسئلة عن الاستهداف المتعمد للمسيحيين في مصر، فعلى مدار السنوات الـ 5 الأخيرة تنوعت أشكال الاعتداءات على الكنائس ومرتاديها من المصلين.

التنظيم الإرهابي يعمل وفق أدبيات عدائية للمسيحيين والمخالفين له في الدين، فأباح هدم الكنائس وتفجيرها وتصفية روادها، إلا أن مصر كان لها طابع خاص، فبدأ التنظيم الإرهابي أول عملياته لاستهداف الكنائس بها، بعيدًا عن دولة نشأته العراق.

في 2007 أصدر تنظيم «داعش» الإرهابي الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي، وثيقة بعنوان «إعلام المؤمنين بولاية الدولة الإسلامية»، تضمنت الوثيقة عداءًا صريحًا للمسيحين، ومن وقتها بدأ التنظيم الأم في تبرير العمليات العدائية ضد الكنائس والأقباط في أقطار الشرق الأوسط.

وتضمنت الوثيقة، بندًا يقول: «لتحقيق خلاص المسلمين لابد أن يعيشوا في المنطقة التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية وعدم السماح لغير المسلمين بحكمهم»، واعتمد التنظيم الإرهابي وفق أدبياته على «3 مبادئ تكتيكية وهي: «الشوكة والنكاية، والتوحش، والتمكين».

البداية كانت مع تفجير كنيسة القديسيين في 2010، حينما أعلن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، أن جيش الإسلام في غزة هو المسؤول عن تفجير الكنيسة، وهو الجيش التابع لممتاز دغمش، صاحب الفكر السلفي المتشدد، والذي يعتبر أحد أذرع التنظيم الإرهابي في فلسطين.

التنظيم الإرهابي تشابك في نشأته مع تنظيم القاعدة، حيث انفصل الزرقاوي عن التنظيم الأم في أفغانستان، ولكنها كانت أدبيات واحدة، فالقاعدة في العراق كان أصدر بيانًا قبل التفجير بأسبوعين، أصدر تحذيرًا إلى الكنائس والسلطات المصرية، يطالبها بإطلاق سراح من وصفهن بـ «الأسيرات المسلمات» خلال 48 ساعة وإلا سيتم استهداف الكنائس المصرية.

العنف الممنهج ضد المسيحيين، بدا واضحًا بعد ثورات الربيع العربي، حيث يشهد الشرق الأوسط استقرارًا دينيًا بعيد عن النزاعات الطائفية، إلا أن المحاولات الدولية لزرع فتيل الفتنية كان مستمرًا وهو ما كشفت عنه تقارير ويكيليكس وتقارير أخرى مخابراتية.

في 29 يناير 2011، تعرضّت كنيسة مارجرجس والعائلة المقدسة في مدينة رفح الحدودية إلى اعتداءات مسلحة وعمليات نهب وحرق من مُسلحين ملثّمين، وهو ما كان أول اعتداء صريح من قبل أتباع الفكر المتشدد جماعة التوحيد والهجرة، ونظرًا للخلل الأمني المتواجد وقتها خرجت الكثير من العناصر التكفيرية من السجون إلى سيناء.

تلك الاعتداءات كانت الأولى من نوعها ينفذها أتباع الزرقاوي، واستمر الحال هكذا، حتى أكتوبر 2013، تعرض حفل زفاف في كنيسة العذراء بحي الوراق في محافظة الجيزة لإطلاق نيران، مما أسفر عن مقتل أربعة مواطنين، كانوا ضمن خلية إرهابية تمكنت قوات الأمن من القبض عليهما لاحقًا في ظل محاولات العنف التابعة للجان النوعية لجماعة الإخوان.

على مدار سنوات مضت، حاول الكثير من أتباع الفكر المتطرف إشعال الفتنة الطائفية بمصر، وتواصلت استهدافات الدواعش إلى مسيحي مصر، في 2015، بثت حسابات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو تحت اسم «رسالة موقعة بالدماء»، أظهر فيها عملية إعدام 21 قبطيًا مصريًا ذبحًا.

والمختطفون جميعهم من أبناء محافظة المنيا، يعملون بمهن مرتبطة بقطاع التشييد والبناء، ينتمون لمركزي سمالوط ومطاي، أغلبهم من قرية «العور» التابعة لمركز سمالوط المنيا، حيث توجد نسب كبيرة من المسيحين.

لم يكن الاستهداف هو الأخير، حيث تبنى التنظيم الإرهابي قتل القس روفائيل موسى، كاهن كنيسة مارِ جرجس بالعريش، برصاص في شمال سيناء، العملية لم تكن الأولى ضد رجال الدين المسيحي حيث قتل الأنبا قزمان أسقف شمال سيناء في 3 مارس 2012، وفي يوليو 2013 القس مينا عبود الذي قتل برصاص الإرهاب أيضا.

التنظيم الإرهابي حاول من خلال العنف الطائفي زرع محاولات الفتنة في مصر فهو لم يستطع إنشاء بؤر تابعة له، ووفقًا لتقارير نشرتها مواقع أمريكية، فإن داعش يسعى إلى تحقيق أهداف من وراء استهداف المسيحين، أولها القضاء على أحد مؤشرات ورموز التعايش الديني والثقافي في الشرق الأوسط.

وثانيًا: تحريض الجماعات الدينية ضد بعضها البعض كالأقليات المسيحية والشيعية والإيزيدية، بهدف المس بالاستقرار داخل الدول، وثالثا: دفع الدول الغربية إلى الدخول في حرب مع التنظيم، كما يقوي هذا الصراع إدعاءاته بأن الإسلام في حالة حرب مع بقية العالم، إضافة إلى أن الإرهاب الذي يستهدف المسيحيين يساهم في تأجيج العداء للإسلام، كما أن بعض المسلمين سيميلون إلى التطرف وتبني ما يسمّونه بالفكر «الجهادي».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق