ما بين القاهرة وباريس.. ثقافة شعب
الجمعة، 16 ديسمبر 2016 10:40 ص
«يا بخت الشعوب اللي بره.. الناس دي متطورة أوي.. يااااه شوفوا هما فين واحنا فين.. اللهم هجرة».. هذه هي بعض العبارات التي من المؤكد أنها تمُر عليك يوميًا، إذا كُنت من مُتابعي الـ«سوشيال ميديا»، وبالأخص موقع «فيسبوك»، الساحة الافتراضية الأكثر استخدامًا بين المصريين.
لهجة من السخرية مع كثير من التذمُر والانتقاد تبدو واضحة على كثير من صفحات المُستخدمين، في كثير من الأحداث التي تمُر بها البلاد، وللأسف في الضراء أكثر من السراء.
وليست الأزمة محل النقاش؛ في كون المواطن لديه بعض من المشاكل أو الإحباطات التي يمُر بها في حياته اليومية، ما ينعكس بدوره على تعليقاته التي يكتُبها عبر الـ«سوشيال ميديا»؛ فلا أحد يُنكِر وجود أزمة فعلية يمُر بها الجميع، ولكن الأزمة هنا هي غياب الهوية وثقافة شعب اعتاد النقد غير البناء وعدم القدرة على تقدير الموقف والتفرقة بين ما يُمكن تناوله عبر صفحات الـ«سوشيال» بسخرية وما يستدعي الشعور بالمسؤولية في تناوله على ساحة مفتوحة للجميع، وذلك هو الأمر الذي سريعًا ما يُدركه المُتابع، بالمُقارنة مع ردود أفعال المستخدمين الأجانب لوسائل التواصل الاجتماعي، على أزمات مُشابهة تمُر بها بلدانهم.
فمع مأساة «حادث العباسية» الأحد الماضي، وما خلفته من خسائر بشرية ونفسية، رأينا الكثير من ردود الأفعال المصرية التي مرت بـ3 مراحل، بدأت من تقمُص الأغلبية لدور«المفتش كرومبو»، حيث البحث عن الجاني وتوجيه الاتهامات وافتراض ألغاز وحلها جماعيًا من خلال التعليقات والمُشاركات، ثم مرحلة الخبير الجنائي والطبيب الشرعي عند كشف السلطات المصرية عن هوية الجاني، ثم «صوت صرصور الحقل»- الصمت - مع إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الحادث، وتطابُق ما ذكره مع ما أعلنته وزارة الداخلية، وبالطبع لم تخلُ مرحلة من تلك المراحل من السخرية اللاذعة والرامية إلى إلقاء الإتهامات هنا وهناك دون دليل أو سند.
في حين إذا تذكرنا كيف كان رد فعل الشعب الفرنسي خلال وبعد هجمات باريس، والتي أودت بحياة الكثيرين إلى جانب المئات من المُصابين؛ سنرى فرقًا بينًا، انعكس واضحًا عبر وسائل الإعلام الفرنسية، وأيضًا من خلال مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، سواء «فيسبوك» أو «تويتر»، حيث التفاعل الإيجابي وإطلاق الهاشتاجات الداعمة لفرنسا، والمُناهضة للإرهاب، مع ابداء الحزن عما أسفر عنه الحادث.
وعلى الرغم من أن سلسلة العمليات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية في نوفمبر من العام الماضي، كانت أعنف وأضخم بمراحل مما مرت به القاهرة منذ أيام، وعلى الرغم من أن التعامل الحكومي مع الحادث كان متقاربًا إلى حد كبير؛ بل على العكس في الحالة المصرية جاء احتواء الأزمة ورد الفعل أسرع، حيث تم القبض على الجناة في حوالي 24 ساعة، إلى جانب احتواء إعلامي بدا مُميزًا؛ إلا أن تعاطي الشعبين كان مُختلفًا جملة وتفصيلًا، ما عكس ببساطة أن الفرق ما بين القاهرة وباريس ما هو إلا ثقافة شعب.