العلاقات الأمريكية الروسية في عهد «ترامب».. فرص وتحديات (تقرير)

الخميس، 22 ديسمبر 2016 12:27 م
العلاقات الأمريكية الروسية في عهد «ترامب».. فرص وتحديات (تقرير)
بيشوي رمزي

على الرغم من الخطاب التصالحي الذي تبناه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجاه روسيا إبان حملته الانتخابية، إلا أن الأمر على ما يبدو ليس بهذه السهولة، فهناك العديد من التحديات والعوائق، لعل أبرزها الخلافات بين البلدين تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية في العديد من مناطق العالم، وفي القلب منها الأزمة السورية والموقف من إيران، بالإضافة إلى الأوضاع في أوكرانيا.

التحديات التي تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لم تقتصر على طبيعة الخلافات بين البلدين، وإنما يأتي جزء كبير منها من الداخل الأمريكي، في ضوء ما تحاول السياسات التي تتبناها إدارة الرئيس المنتهية إدارته باراك أوباما، والتي يمكننا تسميتها سياسة «فرض الأمر الواقع» على الإدارة الجديدة، بداية بقانون «القيصر» والذي يتضمن فرض عقوبات على جميع الدول الداعمة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أيام من فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، مرورا بحشد الدعم الأوروبي ضد التوجه الأمريكي نحو روسيا، نهاية بالتلويح إلى إمكانية وجود دور روسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.

وهنا ربما يظهر تساؤل ملح حول الكيفية التي يمكن أن يخوض بها الرئيس الأمريكي الجديد غمار العلاقة مع روسيا، في ضوء معارضة كبيرة من جانب جميع القوى في الداخل الأمريكي، وعلى رأسها حلفاؤه من الحزب الجمهوري، والذي يسيطر على الأغلبية داخل الكونجرس الأمريكي.

مجاهرة بالحب
الرئيس الأمريكي المنتخب جاهر كثيرا بإعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو الأمر الذي رأته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية سببا رئيسيا في فوزه بالانتخابات الأمريكية، وأكد استطلاع أجراه مركز «جالوب» للدراسات أن بوتين احتل المركز الرابع بين الشخصيات التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الأمريكيين، خاصة منذ قيامه بضم شبه جزيرة القرم، وذلك بالرغم مما نالته تلك الخطوة من سخط أمريكي كبير على المستوى الرسمي.

يقول الكاتب الأمريكي جوش مارشال إن ترامب يشعر بحالة من الرضا جراء المقارنات التي دائما ما تعقد بينه وبين بوتين، خاصة وأن مثل هذا التشبيه دائما ما يحظى بإعجاب شريحة واسعة من الأمريكيين، موضحا أن ترامب حصل على استثمارات كبيرة في روسيا، بالإضافة كذلك إلى اختيار عدد كبير من مستشاريه وأعضاء إدارته ممن يحظون بتقارب كبير مع الجانب الروسي.

الحب وحده لا يكفي
إلا أن حالة الإعجاب التي يحملها ترامب لبوتين ربما لا تكفي في ظل وجود عوائق كبيرة على الأرض، أهمها الإجماع السياسي الأمريكي، سواء من جانب الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، على تبني مواقف قوية نحو التهديدات التي تفرضها روسيا على المصالح الأمريكية في مناطق عدة بالعالم، وعلى رأسها الشرق الأوسط وأوروبا.

يرى الباحث الأمريكي أرون أندي أن ترامب يدرك أنه ربما لا يستطيع أن يحقق الكثير بنفسه في سبيل دفع العلاقات الأمريكية الروسية للأمام، وبالتالي رأى أن هناك ضرورة ملحة لوضع عناصر غير حزبية في إدارته، وهو الأمر الذي يفسر إقدامه على وضع عدد من العسكريين في مناصب حساسة بإدارته، بالإضافة كذلك إلى تعيين رجل الأعمال الأمريكي ريكس تيليرسون، والمعروف بعلاقته الوثيقة ببوتين في منصب وزير الخارجية وهو ما يعكس توجهات ترامب.

عوائق وتحديات
ولكن بالرغم من محاولات ترامب، فإن التحديات تبقى كبيرة، خاصة وأن الدور الذي ينبغي أن تقوم به إدارة ترامب إذا ما قررت التقارب مع روسيا يتمثل في كيفية تغيير العقلية الروسية لتتجه نحو التوافق معها في القضايا الخلافية، وهو الأمر الذي قد لا يروق لبوتين في ضوء ايمانه الأيديولوجي بضرورة استعادة النفوذ السوفيتي، وهو الدور الذي لا يبدو سهلا على الإطلاق.

يقول أرون، في مقال منشور له، بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أن المسئولية الأكبر الملقاة على عاتق الإدارة الأمريكية الجديدة تتمثل في وضع العلاقات الأمريكية على الطريق الصحيح من خلال تجاوز النموذج الذي ساد إبان حقبة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، والذي تمثل فيما يسمى بـ«الفعل الروسي ورد الفعل الأمريكي»، موضحا ضرورة إثناء الجانب الروسي عن النهج القائم على المجابهة.

وأوضح أرون أن عوامل عدة سوف تحكم العلاقة بين الولايات المتحدة منها مدى استمرار بوتين في سياساته التي تقوم على نظرية وضع روسيا في مكانها الصحيح بالعالم، وكذلك السياسات الخارجية الروسية والتي تهدف إلى زيادة النفوذ الروسي في العالم، والكيفية التي تتعامل بها الولايات المتحدة معها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق