بعد «جاستا».. هل يستهدف قانون «فرانك وولف» المسلمين أم «داعش»؟ (تقرير)
الجمعة، 23 ديسمبر 2016 11:51 ص
بعد شهور قليلة من إقرار قانون محاكمة رعاة الإرهاب، والمعروف إعلاميا باسم «جاستا»، أقر الرئيس الأمريكي باراك أوباما القانون الذي تقدم به النائب الجمهوري فرانك وولف، لإجبار السلطات داخل الإدارة الأمريكية على اتخاذ عقوبات ضد الحكومات والدول التي تقوم بتقييد الحريات الدينية، وهو الأمر الذي يثير علامات الاستفهام حول المستهدف من إقرار مثل هذا القانون في هذا التوقيت.
القانون الأمريكي الجديد يقوم في الأساس على احترام الحريات الدينية لدى كل الدول الأخرى، بحيث يسمح للأفراد تغيير دياناتهم بحرية، وكذلك ضمان حقوقهم في تأسيس دور عبادة خاصة بهم، بالإضافة إلى ضمان حقوق الملحدين، وهو الأمر الذي ربما يثير القلق لدى قطاع من الدول العربية والإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تضع بعض القيود في هذا الإطار، خاصة أن القانون الجديد يأتي بعد شهور قليلة من إقرار «جاستا«، والذي يستهدف محاكمة مسئولين سعوديين بتهم تتعلق بالتورط في أحداث 11 سبتمبر.
قانون قديم
يرى مؤيدو القانون في الولايات المتحدة أنه يأتي لاستهداف التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم «داعش»، بسبب الجرائم والانتهاكات المتزايدة التي ارتكبتها تلك التنظيمات بحق المسيحيين والإيزيديين والشيعة وغيرهم من الفئات، والتي ترتقي في الواقع إلى درجة جرائم الإبادة الجماعية.
يقول الباحث الأمريكي ماثيو هاوكينس إن الارتداد عن الدين والإلحاد دائمًا ما يتم استخدامهما من قبل السلطات في كل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتخويف الأشخاص الذين يتجهون للترويج لمعتقدات أخرى غير الإسلام، فالبهائيون على سبيل المثال يواجهون التهديدات المستمرة من قبل النظام الإيراني، وكذلك في تركيا لتخويف الأقليات الدينية الأخرى، وهو الأمر الذي يقدم دعما كبيرا للتنظيمات المتطرفة التي تبني أفكارها على نفس المعتقدات التي يتبناها واضعو القوانين في تلك الدول.
وأضاف هاوكينس، في مقال منشور له بموقع لجنة الحريات الدينية والأخلاقية، أن القانون ربما لا يستحق الكثير من الجدل لأنه ليس بالجديد فهو مجرد تحديث لقانون موجود بالفعل يحمل اسم قانون الحرية الدينية الدولي، والذي سبق وأن أقره الكونجرس الأمريكي في عام 1998، والذي تأسس بناء عليه المكتب الدولي للحرية الدينية والذي يتبع وزارة الخارجية الأمريكية، وكذلك اللجنة الأمريكية للحرية الدينية، وهي المؤسسات التي تقوم بإدانة أي مساس بالحريات الدينية للأفراد داخل مختلف دول العالم.
قضية أمن قومي
بالرغم من ذلك، فإن القانون ربما يحمل تغييرا كبيرا إذا ما قورن بالقانون الأول والذي أقره الكونجرس الأمريكي في عام 1998، خاصة أن القانون يشمل إصدار قوائم بأسماء الأشخاص الذي يُسجنون بسبب أديانهم أو طوائفهم أو اتجاههم نحو الإلحاد، وذلك للدفاع عنهم من خلال تعيين مستشار خاص للرئيس في شئون الحريات الدينية، بحيث يكون هذا القانون من أولويات الأمن القومي الأمريكي.
يقول هاوكينس إن القانون الجديد يقوم بتقسيم الدول بين دول مصدر قلق بشأن الحريات الدينية، وأخرى تتوافق مع مبادئ احترام الحريات الدينية، بحيث لا يقتصر دور القانون على رقابة الحكومات ولكن أيضًا الهيئات والأفراد غير الحكومية، وكذلك التنظيمات المتطرفة، موضحًا أن الولايات المتحدة لديها السلطة على فرض عقوبات على أفراد بعينهم.
إجماع ديني
ولكن ربما يبقى التساؤل المطروح في هذا الإطار حول ما إذا كان القانون الجديد يستهدف المسلمين، وهو الأمر الذي يتزامن مع صعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في بلاده، في ضوء المواقف التي تبناها الرجل إبان حملته الانتخابية والتي اتسمت بمعاداتها للمسلمين.
يرى لاني ديفيس، مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أن القانون الجديد يتسم بعمقه الشديد إذا ما قورن بالقانون الأمريكي الأول، موضحًا أنه يهدف إلى دعم الدور الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة من أجل إرساء مبادئ الحرية الدينية والتسامح في العديد من دول العالم.
وأضاف أن القانون لا يمكن النظر إليه باعتباره يستهدف المسلمين، خاصة أنه حظي بدعم كبير من قبل أحد كبار الأئمة المسلمين في ولاية بوسطن الأمريكية وهو «طلال عيد»، والذي يرأس المعهد الإسلامي هناك، كما أنه شهد دعمًا كبيرًا من قبل رئيس اتحاد اليهودية التقليدية ديفيد نوفاك، بالإضافة إلى الكاردينال الكاثوليكي دونالد ويرل.