«قرار إدانة الاستيطان».. صفعة أمريكية على وجه نتنياهو (تقرير)
السبت، 24 ديسمبر 2016 07:41 م
محمود علي
انتصار تاريخي للقضية الفلسطينية شهدته قاعة مجلس الأمن، بالأمس على واقع قرار صوت لصالحه 14 عضوا مقابل امتناع عضو واحد عن التصويت، على إيقاف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم مشروعية المستوطنات المقامة فوق الأراضي المحتلة منذ العام 1967، ويطالب بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية بما في ذلك شرق القدس، واحترام إسرائيل جميع التزاماتها القانونية.
وامتنعت واشنطن عن التصويت، دون أن تستخدم حق النقض «الفيتو»، في خطوة لافتة لاقت انتقادًا إسرائيليًا كبيرًا، ويعد الموقف الأمريكي هذا تحركا نادرا منها فعادة ما تدافع عن إسرائيل أمام مثل هذه القرارات، فيما اعتبر مراقبون هذا الموقف «طلقة الوداع» من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما الذي ازدادت علاقته توترا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولهذا القرار تداعيات واسعة إيجابية للدولة الفلسطينية وسلبية للكيان الصهيوني، فعقب القرار أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن تل أبيب ترفض قرار مجلس الأمن «المشين» ولن تلتزم به، واعتبر المتحدث باسم نتنياهو أوفير جندلمان أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما «لم تفشل فقط في حماية إسرائيل من هذه العصابة في الأمم المتحدة، بل تواطأت معها وراء الكواليس» بحسب قوله، مؤكدا أن إسرائيل تتطلع قدما إلى العمل مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب وأصدقائها في الكونجرس، جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، من أجل إلغاء تداعيات هذا القرار الذي وصفه بـ«السخيف».
علاقات متوترة
بينما علق الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، في حسابه على «تويتر»، على تبني مجلس الأمن وقف الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، قائلًا: «بالنسبة للأمم المتحدة، فالأمور كلها ستختلف بعد 20 يناير»، في إشارة لموعد تسلمه السلطة من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وكان ترامب حث الإدارة الأمريكية أمس على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار.
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية من قبل خلال هذا العام، أن نمط العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ظلت على حالها لمدة 6 سنوات وتسرب بعد ذلك الخلاف بين القادة الأمريكيين والإسرائيليين إلى العلن، حيث أفاد المحللون بأن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب تواجه أزمة.
وتوترت العلاقة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ في يناير عام 2015 لاسيما بعد الخلاف الدبلوماسي الناجم عن قرار نتنياهو بالتفاوض بشأن إلقاء خطاب أمام الكونجرس بدون إبلاغ أوباما مسبقا، الأمر الذي عكس الخلاف الجوهري في وجهات النظر بين قادة حليفتين منذ زمن طويل.
إسرائيل تتجه لعقاب المُصوتين
وعلى صعيد متصل جاء قرار مجلس الأمن الدولي بوقف الاستيطان، كالزلزال على الحكومة الإسرائيلية التي استنفرت من خلال اتخاذ سلسلة من الخطوات الدبلوماسية ضد الدول التي شاركت في رعاية القرار.
وأعلن جندلمان المتحدث باسم نتنياهو أن رئيس وزراء الاحتلال أوعز إلى سفيري إسرائيل في نيوزيلاندا والسنغال بالعودة فورا لإجراء مشاورات، كما أوعز بإلغاء الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السنغالي التي كان من المزمع القيام بها بعد 3 أسابيع، بالإضافة إلى إلغاء جميع برامج المساعدات الإسرائيلية التي تقدم إلى السنغال.
كما أوعز بإلغاء زيارات سفيري نيوزلاندا والسنغال المعتمدين لدى إسرائيل ولا يقيمان فيها، وقال المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية إن هذه الخطوات تتخذ حيال الدول التي قدمت مشروع القرار إلى مجلس الأمن وتقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فيما ذكرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أن ما تقوم به إسرائيل تجاه السنغال ونيوزيلندا هو عمليات انتقامية وحربا دبلوماسية تجاه هذه الدول، وذلك مع استدعاء نتنياهو بعد ساعات قليلة من التصويت لكل من سفير الدولتين.
إسرائيل المعزولة
من جانبه أشاد الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية موقف الدول الأربعة الأعضاء في مجلس الأمن والتي أصرت على إعادة تقديم قرار يدين الاستيطان للتصويت، قائلًا: «هذا الموقف أكد أن فلسطين كما قال نيلسون مانديلا هي القضية الأولي للإنسانية جمعاء، وإنها تحظى بدعم كل الشعوب المناضلة من أجل الحرية والمؤمنة بالعدالة وحقوق الإنسان، مضيفًا أن ما جرى يؤكد أن المعزول هو إسرائيل وسياستها ومن يدعمها.
من جانبه يقول دكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن على الرغم من أن قرار مجلس الأمن لإدانة الاستيطان هو انتصارًا للحقوق الفلسطينية إلا أنه لم يكن القرار الأول الذي يتضمن حقًا من حقوق الشعب الفلسطيني ، حيث صدر من قبل أعداد كبيرة من القرارات مثله ولم يتم الالتزام به من قبل الاحتلال.
وذكر الرقب في تصريحات لبوابة صوت الأمة بعض القرارات المشابهة والتي تمثلت في قرار مجلس الأمن رقم 446 الذي اعتمد في 22 مارس 1979، وندد المجلس في هذا القرار بممارسة إسرائيل بناء المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس، كما تم تبني قرار مجلس الأمن رقم 452 في 22 يوليو 1979 تحت موضوع الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وغيرها من القرارات، مؤكدًا أن جميعها لم تغير شيء على ارض الواقع لأنها تفقد استخدام القوة والإلزام لدولة الاحتلال، آملًا أن يُغير القرار الأخير شيء.
وأخيرًا أكد الرقب أن الجميع ينتظر إدارة ترامب للحكم على قرارات مجلس الأمن ومدى إلزامها للاحتلال.