«الاحتفال بالكريسماس».. وسيلة مسلمي الغرب لمجابهة حرب الكراهية ضدهم (تقرير)
الأحد، 25 ديسمبر 2016 12:36 م
في الوقت الذي يواجه فيه المسلمون، العديد من الدول الغربية، الدعاية العدائية التي تستهدفهم، تأتي احتفالات عيد الميلاد «كريسماس» ربما لتكون بمثابة فرصة لهم لتحسين صورتهم أمام مجتمعاتهم في الوقت الذي دأب فيه قطاع كبير من الساسة على استهدافهم في خطاباتهم السياسية أو الانتخابية.
ربما كان صعود اليمينيين إلى السلطة في العديد من الدول الغربية سببا في حالة من التخوف لدى قطاع كبير من المسلمين الذين يعيشون داخلها في ضوء الخطابات الانتخابية التي يتبناها مرشحو تلك التيارات والتي اتسمت بقدر كبير من العداء تجاه المسلمين، فالبعض نظر إليهم باعتبارهم دخيلا على المجتمعات الغربية ذات الأغلبية المسيحية، بينما نظر إليهم آخرون على أنهم يمثلون تهديدا للثقافات الغربية، وبالتالي ينبغي الحد من وجودهم.
لعل الانتصار الذي حققه دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة في الشهر الماضي، على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، سببا رئيسيا في حالة من الاستقطاب داخل المجتمع الأمريكي، وهو ما يرجع في الأساس إلى خطابه الانتخابي المناوئ للمسلمين، حيث أنه لم يكتفِ بمجرد الدعوة إلى منعهم من دخول الولايات المتحدة، وإنما دعا كذلك إلى مراقبة المسلمين الأمريكيين الذين يعيشون داخل الأراضي الأمريكية، وهو ما أثار مخاوف كبيرة من جراء استعداء المسلمين في الداخل على غرار الحقبة التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
دعاية ترويجية
تلك الحالة كانت دافعا لدى العديد من الصحف في الولايات المتحدة بل ولبعض الشركات الأمريكية لتبني دعاية تدور في معظمها حول ضرورة تبني شعارات الوحدة الوطنية داخل المجتمع الأمريكي ربما للحد من تلك الحالة التي تهدد بارتكاب مزيد من جرائم الكراهية تجاه مسلمي الولايات المتحدة في السنوات الماضية.
في إعلان ترويجي لدعامات الركبة التي تنتجها إحدى الشركات الأمريكية، نشرت الشركة الأمريكية على موقعها الإلكتروني فيديو يظهر فيه أحد القساوسة يستقبل إماما لمسجد في منزله، حيث تبادلا الضحكات والأحاديث الودية، وفي النهاية وقفا سويا لإنهاء تلك الجلسة فيشعر كلاهما بآلام في الركبة نتيجة التقدم في العمر، ثم يقوم كلا منهما باستخدام تطبيق الشركة الإلكتروني لشراء هدية للآخر فتكون المفاجأة في النهاية أنها نفس الهدية، وهي دعامة للركبة من منتجات الشركة وذلك للتخفيف من الألم في وقت الصلاة.
فرض على المسلمين
إلا أن حالة «عاش الهلال مع الصليب» لم تقتصر على ظهور مثل هذه الإعلانات الترويجية، حيث امتدت للأقلام الصحفية التي تناولت ضرورة التهنئة بالعيد في ضوء المشاركة بين جميع أطراف المجتمع داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضرورة استغلال تلك المناسبات في التعريف بالآخر ومعتقداته والترويج لمبادئ التسامح الديني معه.
في مقال يحمل عنوان «لماذا ينبغي تهنئة المسلمين بأعياد الميلاد» نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، يقول الكاتب التركي مصطفى أكيول، إنه في الوقت الذي تفرض فيه بعض الدول الإسلامية، كالمملكة العربية السعودية والصومال وبروني، حظرا على الاحتفال بعيد الميلاد، بينما يبقى الأمر غير قانوني في دول أخرى مثل تركيا، فإن هناك العديد من الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة ما زالت تحرص على إحياء ذكرى ميلاد المسيح.
وأضاف أن المسلمين أيضا ينبغي أن يحتفلوا بتلك المناسبة، ليس فقط من أجل احترام العقائد الأخرى، وهو ما يعد بمثابة فرض على المسلمين، ولكن أيضا لأن الميلاد الإعجازي للسيد المسيح لا يخص الإنجيل فقط ولكنه أيضا مذكور في القرآن الكريم، وهو الأمر الذي اختصت به سورتان كاملتان في القران، إحداهما تحمل اسم السيدة العذراء، وهي سورة مريم، والتي أوردت الحوار الذي دار بينها وبين جبريل عندما جاءها بالبشارة بميلاد طفلا مباركا.
دعاية متطرفة
إلا أنه بالرغم من تلك الدعاية الودودة، ربما تظهر دعاية أخرى متطرفة تهدف إلى تأليب المجتمع الأمريكي على المسلمين في الداخل، حيث أن هناك من يحاول استغلال تلك المناسبات للترويج بما يثير المشاعر الدينية ضد المسلمين، من خلال التركيز على إبراز الإرث المسيحي للمجتمع الأمريكي، وكذلك محاولات بعض المنابر الإعلامية وكذلك الساسة المتشددين من التخويف جراء الاحتفال بالكريسماس في ضوء احتمالات تعرض المحتفلين لهجمات إرهابية.
ولعل المثال الأبرز على ذلك ما نشره موقع «بوليتيكال إنسايدر» حول مخاوف من جراء الاحتفال بالكريسماس في ولاية ميريلاند الأمريكية، في ضوء ما زعمته حول اعتراض بعض المدارس المملوكة لمسلمين على عطلة الكريسماس بسبب عدم منح عطلة مماثلة بمناسبة الأعياد الإسلامية، موضحة أن تلك المطالبات تحمل إنكارا للإرث المسيحي للولايات المتحدة، الذي يعد أمرا جوهريا في التاريخ الأمريكي، على الرغم من كونها دولة لا دينية.
تقول الكاتبة المسلمة ريمونا علي، في مقال منشور لها بصحيفة «الجارديان» البريطانية، أن مثل هذه الدعاية تهدف في الأساس إلى استثارة المشاعر ضد المسلمين، موضحة أن الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة وإنما يمتد إلى مختلف العواصم الأوروبية، والتي تم وضع العديد من القصص الوهمية حول قيامها بحظر الاحتفالات خوفا من هجمات محتملة من قبل المسلمين، وهو الأمر الذي شهدته العاصمة السويدية ستوكهولم، التي قيل عنها أنها حظرت أضواء عيد الميلاد للسبب نفسه، وهي القصة التي انتشرت بصورة فيروسية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل معها أكثر من 43 ألف شخص لتخلق مزيد من التعصب والكراهية ضد المسلمين.