«باسيلي» لـ«صوت الأمة»: زيادة تدريجية لأسعار الدواء.. ودعم الصناعة الحل
الإثنين، 26 ديسمبر 2016 04:02 م
إعادة تشغيل وتطوير شركات الأدوية المصرية، كان واحدا من الحلول التي تحدث عنها الدكتور إيليا باسيلي، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، في حوار خاص لبوابة «صوت الأمة»، حيث ناقش أزمة الدواء الحالية وأسبابها والحلول المقترحة، سواء على المدى القريب أو البعيد، ورأى ضرورة تحريك أسعار الدواء بشكل محدود وتدريجي، على أن تدعم الدولة صناعته.. وإلى نص الحوار:
لماذا تطالب شركات الأدوية بتحريك السعر مجددًا؟
أغلب المدخلات المستخدمة في إنتاج أو تغليف الدواء زاد سعرها إلى الضعف على الأقل، وبالتالي بدأت جميع الشركات تشكو من الزيادة المبالغ فيها، في حين يشكو أيضًا المريض من نقص الأدوية المهمة والحيوية، ويتمسك بثبات السعر برغم أن الشركات أوقفت إنتاجها لتعرضها لخسائر فادحة.
- وما الحلول المقترحة؟
بدلًا عن زيادة السعر بشكل مفاجئ وكبير بنسبة 50%، تتم الزيادة على مراحل تدريجيا، بنسبة 15 أو 20%، ثم 25% حتى نصل للسعر العادل؛ حتى لا يضار المريض، وعلى الدولة دعم هذه الصناعة وتقديم التسهيلات للمصنعين.
- كيف تقدم الدولة الدعم للشركات؟
من خلال توفير الدولار للشركات بسعر ما قبل التعويم أو رفع الضرائب عن استيراد المواد الخام وضرائب القيمة المضافة؛ لأن هذه الضريبة لم تُرفع عن كل المدخلات، حيث أُعفيت المادة الفعالة فقط. ودعم الطاقة المستخدمة في التصنيع من كهرباء وجاز ومحروقات. كما يجب أن تُعفى حتى مواد التغليف والتعبئة، كمساهمة من الدولة في تخفيض التكاليف عن المصانع لإنتاج الدواء بسعره القديم حتى لا يشعر المواطن بأي زيادة.
- هناك اتهامات لشركات الأدوية بلي ذراع الحكومة مستغلة الغلاء لرفع أسعارها.. ما رأيك؟
كل ما تم تداوله عن وجود مخزون لدى شركات الأدوية وأنها تنتهز الفرصة للمطالبة برفع الأسعار لتحقيق أرباح أعلى، كلها مجرد ادعاءات غير حقيقية. ولا يوجد شركة مهما كان حجمها تستطيع إخفاء الخامات لديها، فهناك تفتيش على الإنتاج من قبل وزارة الصحة، كما أن الأزمة بدأت منذ أكتوبر تقريبًا، أي أن عمرها الآن 3 شهور، وهذه المواد صلاحيتها على أقصى تقدير لا يتجاوز 6 شهور، ومعنى هذه الادعاءات أن المخزون سيكون غير صالح للتصنيع وهذا كلام غير منطقي. وأتمنى أن تتصرف الحكومة على مستوى حجم الكارثة، ولا تنصت للشائعات وتصدق كلام الشركات. فالدول المتقدمة، لدى حكوماتها إدارة بالأهداف، بينما لدينا إدارة الأزمات التي لا تتحرك سوى في الكوارث. وكان الأدعى مع تحرير سعر الصرف، مناقشة تبعاته، خاصة المتعلقة باستيراد المواد الاستراتيجية وعلى رأسها الدواء.
- لماذا لا تحل الشركات الحكومية محل الخاصة لتوفير الدواء في ظل هذه الأزمة؟
شركات الحكومة شأنها شأن الخاصة في مشكلة الخسائر والأسعار وأزمة الجنيه واستيراد الخامات، ولا تستطيع أن تتعرض للخسائر، بينما تعاني الحكومة من مشاكل اقتصادية. هذا فضلًا عن مشاكل أخرى، مثل الإدارة التي تحتاج إلى تطوير بمبالغ كبيرة. فشركة مصر للكيماويات تنتج أصنافًا لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وأعتقد أنهم ينتجون «البارسيتامول» فقط، وهو الذي يصنع منهم البارامول والأبيمول، وكلها مستحضرات خافضة للحرارة. وكان على الدولة منذ أعوام أن تلتفت لهذه الشركات المملوكة لها وتطورها وتجذب خبرات كانت ستوفر الكثير، وأيضًا كان عليهم جذب الاستثمار في هذا القطاع.
- هل تصنيع المادة الخام محليًا سيحل الأزمات مستقبليًا؟
حينما تشجع الدولة على جذب مستثمرين على خبرة عالية في تصنيع المواد الخام، من خلال منحهم الأرض بالمجان وإعفائهم من الضرائب، سنصنع الخامات محليا ونوفر العملات الأجنبية، ونوفر أيضا فرص عمل وخبرات جديدة للعاملين في هذا التخصص، وسنخرج من دائرة تحكم الدول التي تورد لنا الخامات. والهند والصين ليسا متقدمين بهذه الدرجة عنا حتى يسبقاننا في هذا المجال، خاصة الهند وهي حديثة في سوق الخامات، وبرغم ذلك اكتسحت، وعلى الدولة اتخاذ قرارات سريعة وجريئة تحل المشاكل المستقبلية.
- هل نمتلك الكفاءات لتصنيع الخامات محليًا بأيد مصرية؟
كمصريين وكدولة كبيرة نمتلك الكفاءات في كل المجالات تقريبًا، ومصر أفرزت علماء مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب، وأثق أننا إذا أقمنا هذا المصنع سنجد له الخبرات، والكفاءات التي تديره وتنميه. ومن الجائز أن نستورد بعض الخبراء في المجال لمدة عام حتى يقوم الإنتاج ويدرب العمالة المصرية ويكسبها الخبرات، ومن ثم تسلم تمامًا لنا.. المحك الحقيقي هو خطوة البداية والإرادة.
- ما هي مشاكل أدوية «المثائل» وغلق صندوق الترخيص وشركات «التل»؟
يعاني الدواء في مصر من بعض المشاكل؛ بسبب بعض المنتجين ممن لا يمتلكون مصنعًا، فيذهب لحجز ترخيض صنف معين، ويصنعه لدي الغير والمعروف بنظام «التل»، وبعض هذه التراخيص بهدف حجز مكان فحسب بينما لا يصنعه، ولدينا 14 ألف صنف مرخص، بينما ما يتم تداوله وتصنيع نحو 8 الآف فقط، وحينما يحاول مصنع أن يسجل منتجا لديه، يجد صندوق المثائل مغلقا نظرًا لحجز كل تراخيص مثائل هذا المنتج. والمثائل هي منتج من نفس الصنف يحمل نفس الصفات والفاعلية والاختلاف فقط في الاسم التجاري، نظرًا لاختلاف الشركات المنتجة للصنف. ويعتبر هذا نوعا من الفساد ويجب أن يُضبط.
- كيف ترى لجنة الصحة بمجلس النواب الأزمة؟ وكيف ستتعامل معها؟
بعض الأعضاء متفهمون لمبررات مطالب الشركات بزيادة الأسعار والبعض الآخر غير متفهم، ومتمسكون بثبات الأسعار. ولكن في المجمل المجلس متوافق على تحريك الأسعار، ولكن بزيادة لا تتجاوز 15 إلى 20%، وفي المقابل الآراء الرافضة للزيادة أميل لتخفيض بعض التكاليف عن المصانع، من جمارك وضرائب قيمة مضافة وفواتير كهرباء تراوحت ما بين ربع إلى نصف مليون جنيه، وهي تكلفة باهظة في جزء من الطاقة المستخدمة في الإنتاج. وأتساءل في هذا الصدد عن الأدوية التي ما زالت على سعر جنيه وجنيهين.. هل هذا الرقم يمكن أن يشتري أي سلعة في مصر؟.
- ما رأيك في الاقتراح المقدم بالمجلس لفصل الإنتاج عن التوزيع؟
كان مجرد تصريح إعلامي، صاحبه لا يعرف أن الإنتاج مفصول أصلًا عن التوزيع. وكل الشركات تستعين بموزعين لتغطية السوق، بينما تكتفي 2 أو 3 شركات فقط بالتوزيع لنفسها. ومؤخرًا بعض الموزعين ممكن يمتلكون ميزانية عالية دخلوا في سوق التصنيع، ولكن المنتجين عادة يفضلون أن يتولى موزعون نشر المنتج.
- كيف ترى أزمة سلاسل الصيدليات؟ وما هي الحلول؟
أرى أن سلاسل الصيدليات لا تعتبر احتكارا، وإذا كانت هناك حالة من السيطرة، فإن الخطأ يكون من إدارة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة التي تراقب السوق، وليس من المنطقي أن نترك المخطئ والمنوط به القيام بدوره ونتهم أناسًا يقومون بعملهم، إذا كان هناك انفراد بالسوق، فلتعلن الإدارة عن ذلك من خلال وقائع.
- لماذ تُهاجم سلاسل الصيدليات إذن؟
يعتقدون أن صاحب السلاسل ثري ويمتلك المال لفتح الصيدلية بإمكانيات ومساحات كبيرة وبضاعة متنوعة، مما يؤثر على عمل الصيدليات الصغيرة بجانبه. وهذا كلام غير منطقي، هل معني ذلك أن نوقف المصانع الكبيرة لصالح الصغيرة أم أن ندفع هؤلاء لتطوير أنفسهم.
- هناك اتهامات بدخول أدوية مهربة على أيدي كبار المصنعين؟
هنا دور الرقابة من قبل الدولة والتشديد على الجمارك بضبط هذه الأدوية ومحاسبة المخطئين. وتتم محاسبتهم كأي مهرب ويُسجن. ولكن من المستحيل أن يكون دخولها قانونيا لأن الأدوية من المفترض أن تمر على إدارة الصيدلة التي تحيلها إلى الإفراج الصيدلي، ويتم تحليل عينة منها للموافقة وتمريرها.
- المريض أصبح غير قادر على شراء الدواء.. فما الحل؟
الحل الوحيد الذي بح صوتنا للمطالبة به هو تطبيق التأمين الصحي الشامل، ولا أدري حتى الآن لماذا لا تتحرك الدولة به، وفي كل مرة أطرحه أجد مبررات مختلفة حتى كدنا نمل ونيأس. وإذا كان الأمر يحتاج إلى تمويل فلتدبر من ميزانية الدولة أو حلول أخرى، وإذا كانت المستشفيات تحتاج إلى التطوير فلتسند إلى الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة، وهي قادرة على إنهاء أي مشروع في وقت قياسي. ولكن التقاعس هذا غير مبرر.