هل يوقف «حراك القاهرة» نزيف الدم في ليبيا؟ (تقرير)

الخميس، 29 ديسمبر 2016 05:42 م
هل يوقف «حراك القاهرة» نزيف الدم في ليبيا؟ (تقرير)
محمود علي

مساعي مصرية حثيثة في الفترة الأخيرة للوصول إلى حل سريع للأزمة الليبية المتفاقمة منذ ما يقارب الستة أعوام، حيث يشغل الملف الليبي تفكير القيادة المصرية، وهو ما تجلي في تشكيل الرئيس عبد الفتاح السيسي لجنة برئاسة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، لمتابعة الأزمة بشكل متواصل، وهو ما يوضح أهمية استقرار ليبيا للقاهرة ومحورية الدور المصري في الملف الليبي. 

وتعد القاهرة على مر تاريخ الأزمة محطة محورية في الاجتماعات والمباحثات المتعلقة بالحوار السياسي بين أطراف الأزمة الليبية، فلن تكون الجولة التي استضافتها القاهرة يوم 27 ديسمبر الحالي، والتي جمعت عقيلة صالح مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، والفريق محمود حجازي، ، بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري وعدد من أعضاء اللجنة المصرية المعنية بليبيا، لن تكون الأخيرة في إطار الجهود الدبلوماسية المصرية المكثفة للتوصل لحل الأزمة الليبية، إذ من المتوقع أن تحتضن القاهرة جولات أخرى جديدة من الحوار بين أطراف الأزمة الليبية.

وتضمن الاجتماع بحث أخر التطورات في ليبيا والجهود المبذولة للتوصل إلي تسوية توافقية تستند علي الاتفاق السياسي كإطار عام للحل السياسي بليبيا، وتنطلق من المخرجات التوافقية التي أسفرت عنها اجتماعات القاهرة مع الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام الليبي يومي 12 و13 ديسمبر 2016، إذ أكد عقيلة صالح-قبيل مغادرته القاهرة اعتزامه الدعوة لعقد جلسة لمجلس النواب الليبي يتم خلالها مناقشة الشواغل والنقاط محل الخلاف بالاتفاق السياسي المشار إليها ببيان القاهرة الأول الذي عقد منتصف ديسمبر والعمل علي تسويتها في أطار المصلحة الوطنية العليا دون إقصاء أو تهميش، وبما يضمن الحفاظ علي وحدة التراب الليبي وحرمة الدم، ودعم التحركات المصرية الرامية لتقريب وجهات النظر بين الليبيين بما يساهم في إعادة بناء هيكل الدولة الليبية ، مع دعوة المجتمع الدولي لاحترام رغبات الشعب الليبي.

وفي إطار الموقف المصري من الأزمة في ليبيا وجهود لوقف الصراع الدائر ووقف نزيف الدم، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقاءه بعقيلة صالح على دعم مصر الكامل لسيادة ليبيا والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وحماية مقدرات الشعب الليبي الشقيق، مشيرًا إلى أن مصر تولي أهمية كبيرة لعودة الاستقرار إلى ليبيا من خلال دعم بناء المؤسسات الوطنية بالدولة وتعزيز تماسكها. كما شدد الرئيس على أن الليبيين فقط هم من يملكون حق تقرير مصيرهم، معرباً عن ثقته في قدرة الشعب الليبي الشقيق على التغلب على التحدي الكبير الذي يواجهه والمتمثل في إعادة بناء دولة حديثة قوية تتمكن من إرساء دعائم الأمن والاستقرار في كافة أنحاء ليبيا.

وتتميز الدبلوماسية المصرية تجاه الأزمة الليبية بثوابت استراتيجية راسخة وهي الحفاظ على وحدة الدولة من خلال تقديم كافة أشكال الدعم لمؤسسات الدولة الليبية من أجل ضمان أمن واستقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها مع التركيز على أهمية دعم الجيش الليبي في معركته ضد الإرهاب.

وتمثل القاهرة محور ارتكاز مهم لأطراف الأزمة الليبية، إذ احتضنت القاهرة خلال الشهور الأربعة الماضية عدد من الاجتماعات بدايتها في أغسطس الماضي، حيث نظمت اجتماعًا لوفد مجلس النواب الليبي والذي ضم 40 نائبا وتباحث مع وزير الخارجية المصري سامح شكري سبل الخروج من المأزق الراهن، كما نجحت في استضافة اجتماع جمع قادة بارزين في كلتا الحكومتين الليبيتين المتنازعتين؛ حيث حضره عن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس فايز السراج وعدد من مساعديه، بينما حضر عن الحكومة الانتقالية رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح وبعض من مسئولي الحكومة.

من جانبه يقول الدكتور هاني سليمان الباحث في المركز العربي للدراسات مصر في الملف الليبي كانت أكثر اهتمامًا عن الملفات الأخرى حيث اهتمت بتحولات الداخل الليبي بشكل واسع بحكم اعتبارات الجوار وتهديد الأمن القومي المصري.

وأكد أن الملف أصيح ذو أهمية خاصة بعد حوادث الاعتداء على المواطنين المصريين في ليبيا، وخاصة بعد وصول الإسلاميين للحكم في ليبيا وهو ما كان يُهدد الداخل المصري، وبخاصة أن العديد منهم كان له علاقات بجماعة الإخوان، التي صنفت في مصر كجماعة إرهابية.

وتدعم القاهرة منذ الوهلة الأولي وحدة ليبيا وجيشها بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية التي تتخذ من مناطق ليبية عدة، مركزًا لها خاصة على طول الحدود مع مصر، الأمر الذي يهدد الأمن القومي المصري، بالإضافة إلى تحرك مصر دبلوماسيًا على الصعيد الإقليمي والدولي لحلحلة الأزمة من ناحية، كما من ناحية أخرى حاولت القاهرة فك الحظر الدولي عن تصدير السلاح للجيش الليبي والذي رفضه المجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا، ولكن أظهرت الانعطافة الدولية اتجاه هذا الملف أن الرؤية المصرية كانت صحيحة إلى حد بعيد، لاسيما وأن الدول الغربية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا ومبعوث الأمم المتحدة لليبيا مارتن كوبلر احتفوا بانتصارات الجيش الليبي في الفترة الأخيرة ضد الإرهابيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق