عقوبات أمريكية جديدة على موسكو.. كيف يرد بوتين؟
الجمعة، 30 ديسمبر 2016 04:02 م
بيشوي رمزي
منذ الانتصار الذي حققه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في نوفمبر الماضي، تحركت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها نحو فرض ما يسمى بسياسة الأمر الواقع على الإدارة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الروسية، حيث بدأت بمباركة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قانون القيصر، والذي تم تمريره من قبل الكونجرس لفرض عقوبات على كافة الدول التي تتجه نحو دعم النظام السوري بما فيها روسيا، وكذلك الحديث عن دور روسيا في التدخل في الانتخابات الأخيرة.
التحرك الذي تنتهجه إدارة أوباما تهدف في الأساس إلى تقويض مساعي الرئيس الأمريكي الجديد للتقارب مع روسيا، بحسب التعهدات التي قطعها إبان حملته الانتخابية، وهو الأمر الذي تواكب بدعوة صريحة من قبل أوباما إلى خليفته المنتظر بعدم انتهاج السياسة البرجماتية تجاه روسيا، وهو الأمر الذي راه قطاع كبير من المحللين بمثابة تحريض علني من أوباما ضد الحكومة الروسية.
ولعل العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على موسكو، والتي استهدفت قطاع التصنيع العسكري لتتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها روسيا في المرحلة الراهنة، لم تكن أكثر من حلقة جديدة من حلقات مسلسل إجبار ترامب على تبني سياسة عدوانية تجاه موسكو بعد أن يتولى مقاليد الأمور في الولايات المتحدة في 20 يناير المقبل.
العقوبات الأمريكية تزامنت مع قرار أمريكي بطرد 35 دبلوماسي روسي، وإمهالهم 72 ساعة فقط لمغادرة الأراضي الأمريكية، وذلك على خلفية الاتهامات الأمريكية لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأخيرة التي فاز بها ترامب على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في الشهر الماضي.
يقول الرئيس أوباما، في بيان له نشر أمس الخميس، أن العقوبات الأمريكية لن تتوقف عند هذا الحد، موضحا أن بلاده سوف تتخذ خطوات أخرى في الوقت الذي تختاره، بما في ذلك عمليات لن يتم الكشف عنه. وأضاف "العقوبات الأمريكية تأتي ردا على جهود روسيا للإضرار بالمصالح الأمريكية وانتهاك قواعد السلوك الدولية الراسخة."
من جانبه يرى أحد الدبلوماسيين الأمريكيين، والذي رفض ذكر اسمه في تصريحات لموقع "بي بي سي"، أن الحكومة الروسية ينبغي أن تدفع ثمن تدخلها في العملية الديمقراطية الأمريكية، وهو الأمر الذي لا يمكن قبوله من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي ينبغي أن تكون هناك خطوات أمريكية قاسية تجاه موسكو في المرحلة المقبلة.
إلا أن الخطوات الأمريكية لا تأتي فقط على خلفية التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية، وإنما تأتي لأسباب أخرى من بينها الرفض الأمريكي للدور الروسي في الأزمة السورية، بالإضافة إلى التدخل الروسي في أوكرانيا منذ عام 2014، وهو الأمر الذي يثير قلقا أمريكيا وأوروبيا كبيرا.
تقول المحللة السياسية سابرينا صديقي أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ من منتصف ليل الخميس في سوريا، برعاية روسية، تجاهل الدور الأمريكي في الأزمة السورية تماما حيث لم تلعب الولايات المتحدة أي دور في ذلك، وهو الأمر الذي يعني بداية انحسار النفوذ الأمريكي في سوريا، وربما يفتح الباب أمام تقويض الدور الأمريكي في مناطق أخرى من العالم، وهو الأمر الذي ربما كان أحد بمثابة أحد الدوافع الأمريكية للتحرك لوضع مزيد من الضغوط على روسيا لعلها تقدم بعض التنازلات في المستقبل.
وتضيف أن تركيا، والتي تعد أحد أهم حلفاء أوباما في المنطقة، كانت أحد أطراف الاتفاق، وهو ما يعني فقدان أوباما لسيطرته على حلفاءه، لصالح الغريم الروي، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للدور الأمريكي المستقبلي على المستوى الدولي وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ولكن يبقى الرد الروسي على العقوبات الأمريكية محلا للتساؤل بصورة كبيرة، خاصة وأن الجانب الروسي مازال لديه العديد من الأوراق التي يمكنه استخدامها لمواجهة البطش الأمريكي الذي يستهدف اقتصاد روسيا في مرحلة تبدو حساسة للغاية، في ضوء المشكلات الاقتصادية التي تواجه موسكو، بالإضافة إلى تجمد العلاقات بين أمريكا وروسيا خلال الأشهر الماضية.
يقول الباحث الكساندر جوسيف أن هناك أوجه عديدة للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة، تسعى الإدارة الأمريكية إلى الإبقاء عليها، وهو ما يمكن أن تستخدمه روسيا في المرحلة المقبلة كورقة رابحة لردع الجانب الأمريكي، من بينها التوقف عن إمداد أمريكا بمحركات الصواريخ اللازمة لصناعة الصواريخ المجنحة أو تعليق التعاون الفضائي، كما يمكنها الحد من وجود الشركات الأمريكية على الأراضي الروسية أو حظر مرور الطائرات المدنية الأمريكية في الأجواء الروسية.