فخ السياحة الروسية

الأربعاء، 04 يناير 2017 09:48 ص
فخ السياحة الروسية
إيهاب عمر يكتب

من المبهر حقا هو ذلك الإصرار الذي يصل الى درجة العناد الطفولي في ملف عودة السياحة الروسية إلى مصر، رغم أن كافة المعطيات تشير إلى أننا بصدد فخ حقيقي للعلاقات المصرية الروسية كامل الأركان.

بداية، من الواضح أن هنالك من يتصيد المصالح الروسية حول العالم، سواء اغتيال السفير الروسي في تركيا، أو ممثل روسيا لدي حلف الناتو حيث اغتيل في بلجيكا، و لا يخفي على أحد أن روسيا اليوم عرقلت المؤامرة الغربية على سوريا ونجحت في استقطاب تركيا في مرحلة تحرير حلب تحديدا، لذا للمرة الأولى في التاريخ تنجح موسكو في الاتصال بشكل متجانس بين مصر وإيران و تركيا وسوريا والعراق بهذا الشكل.

وذلك نمط سياسي غير معتاد على أبناء الشرق الأوسط الذين اعتادوا على النمط الأمريكي في تحالفات سياسية متجانسة بينما روسيا تعتمد على المحاور، بمعنى محور مصري روسي و محور روسي تركي و محور روسي إيراني بينما لا تجد مثلا تحالف مصري روسي إيراني تركي لأن المصالح متضاربة.

أما السبب الرئيسي لمخاوفي حول فخ عودة السياحة الروسية فهو ما جرى عقب تفجير الكنيسة البطرسية، من اكتشاف أن أهم قيادي في الخلية التي دبرت التفجير هو ضابط الاتصال والبرج في مطار القاهرة الدولي، ليس هذا فحسب، بل اتضح أن الإرهابي العتيد قد عسكر في اعتصام رابعة العدوية الإخواني عام 2013، ولم يغادره إلا يوم فض الاعتصام، وأن كافة زملائه ومديريه في العمل يعرفون ذلك ولم يقوموا بالتبليغ عنه أو ما شابه وتعايشوا مع هذه القنبلة الموقوتة في مطار القاهرة.

الرجل بدوره لم يخفي توجهاته وكان فخورا بلحيته السلفية وهو يردد أكاذيب الدواعش عن مصر، في قلب المطار الرئيسي لمصر حيث يمر من عليه كافة الرؤساء والوزراء و المسئولين الأجانب القادمين لزيارة مصر.

بعد ثلاث سنوات ونصف من إسقاط النظام الإخواني لا يزال مجتمعك قبل حكومتك يجدون تلك اللذة الغامضة في التعايش مع الإرهابيين، وتريد بعد هذه الكارثة أن تستقبل أفواج سياحية من روسيا، حيث يرى الإرهابيون الإخوان الدواعش في كل مكان، أنهم قادمون من «البلد الكافرة التي تقتل الأطفال والنساء في حلب»، هل بعد الاختراق الذي جرى في مطار القاهرة لدينا ثقة في تأمين كل فرد سائح روسي على حده في شوارع مصر؟

السياحة الروسية خطر على العلاقات المصرية الروسية في ظل استهداف الإرهاب لكافة مصالح روسيا خدمة لأجندة المصالح الغربية، وأرى أنه من الأفضل أن نقدم تخفيضات لسياح جنسيات أخرى مقابل تنشيط السياحة بدلا من استئناف السياحة الروسية إلى مصر لأن موسكو لن تتحمل حادث إرهابي ثان ضد رعاياها في مصر.

ما يعني أن ما توهم البعض بخسارته، ثم استرداده بعودة السياحة الروسية، هو قابل للخسارة بشكل نهائي، إذا لم نحسن تأمين كل سائح روسي قادم إلى مصر.

أتذكر ما جرى عقب حادث سقوط طائرة السائحين الروس انطلاقا من مطار شرم الشيخ حينما قام أعلاميين وصحفيين محسوبين على الدولة بالصراخ عبر الشاشات والصحف بأن روسيا عايزة تلبسها لمصر!»، وأن روسيا المسئولة عن الحادث والطائرة روسية متهالكة وبوتين تحالف مع المؤامرة ضد مصر، و لا يزال هذا الكلام يردده البعض حتي اليوم في إعلامنا وصحافتنا بينما صفقات السلاح لا تنقطع والمناورات العسكرية لا تهدأ، ولولا أن روسيا قبلت بتوجه القاهرة إليها عقب ثورة 30 يونيو 2013 ما أمكنا الحصول على بندقية واحدة من أمريكا و أوروبا، ولكنا نقاتل الإرهاب في شمال سيناء بأسلحة عفا عليها الزمن.

تقوم قطر وتركيا برصد الإعلام والصحافة المصرية بل وحتى وسائل التواصل الاجتماعي وتلخص هذه الآراء صوت وصورة وهنالك وسطاء أتراك يرسلون هذه الآراء المبهرة إلى صناع القرار في موسكو حتى يعرف جنرالات الكرملين حقيقة الرأي المصري حول العلاقات المصرية الروسية، وبالتالي؛ فإن إعلامنا وصحافتنا اليوم أشبه بالدبة التي تقتل صاحبها، خصوصا في ظل الآراء غير المهنية السخيفة عن «روسيا اللي باعت مصر» رغم أطنان السلاح والتنسيق المستمر في الملفات السياسية والاقتصادية خصوصا الملف السوري.

هذه هي أدوات المؤامرة اليوم في ضرب التحالف المصرى الروسي، رصد للإعلام والصحافة المصرية الرسمية أو المحسوبة على الدولة، استغلال الثغرات المرعبة في المجتمع المصري ككل الذي لا يزال– شعبيا قبل حكوميا– سعيد بالتعايش مع الإرهاب بغية ضرب المصالح الروسية في مصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق