استشاري صحة نفسية: الشائعات أخطر على المجتمع من تدني مستوى الدخل.. وابتعدنا عن ثقافة «العيب» فضاعت القيم

الإثنين، 09 يناير 2017 04:01 م
استشاري صحة نفسية: الشائعات أخطر على المجتمع من تدني مستوى الدخل.. وابتعدنا عن ثقافة «العيب» فضاعت القيم
الدكتور وليد هندي- استشاري الصحة النفسية
أمل غريب

 

أكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن الأفراد داخل المجتمع أصبحت قدرتهم الإنتاجية منخفضة نتيجة للشائعات التي يتم تصديرها لهم من جانب قوى الشر من أجل بث روح الفرقة بينهم، مشيرا إلى أن الإعلام بعد الثورات لم يفرق بين «الإعلام والإعلان» وبات يخاطب شريحة من المجتمع وكأننا نعيش في «سويسرا» كما يخاطب شريحة الفقراء للمتاجرة بهم في محاولة لنيل مكاسب مادية، وأوضح هندي في حواره لـبوابة«صوت الأمة» أن الرئيس السيسي يعمل من أجل بناء الإنسان المصري بالتوازي مع بناء الدولة، وأن أخطر تصريحاته عندما قال «علينا أن نطور أبنائنا من سكان المناطق الخطرة».. وإلى نص الحوار: 

- كيف ترى المشهد الإجتماعي الأن في مصر؟

أصيب المجتمع المصري والعلاقات الإنسانية بين الأفراد بعدم التماسك وأصيبت العلاقات الإجتماعية بالوهن والضعف والترهل، نتيجة إلى أن المجتمع في السابق كان يخضع للعرف كأحد مصادر التشريع المجتمعي، وكنا نخضع لعدد من القيم والتقاليد وكانت تحكمنا كلمة «العيب» التي أختفت من مفرداتنا، وبالتالي أختفت القيم الإجتماعية بين زملاء العمل والجيران وحتى سلوكيات الأفراد في الشارع، بالإضافة إلى أن الشعب عاش عام كامل في ظل حكم  «جماعة الإخوان الإرهابية» فصدر للمجتمع مشاهد العنف والقتل وحصار المؤسسات، نتج عنه ترسيخ لدى المجتمعات أن العنف أصبح إحدى وسائل الحياة، كما نتج عنه نوع من التبلد في الإحساس لدى الأفراد.

- هل ترى أن الثورات تحدث تغيرات في سلوك الشعوب؟

هناك مجموعة من المتغيرات السيكولوجية التي تحدث في حياة الشعوب والأفراد في أعقاب القيام بأي ثورة من الثورات، فكلمة ثورة تعني الرغبة في التغيير وبعد حدوث هذا التغيير يترتب عليه تغيير في السلوك الاجتماعي للأفراد وتغيير في نمط العلاقات الإنسانية وتغيير في الفكر وتغيير في مجموعة القيم الإنسانية والإجتماعية، وهذا ما حدث في جموع المصريين في أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو.

- برأيك لماذا أصبح هناك قلة في إنتاجية الفرد والمجتمع؟

دائما بعد الثورات يحلم الإنسان بالوصول إلى غاية المنتهى، لأنه يضع لنفسه مجموعة من الأمال العريضة لذا يقوم بالثورة، ورغبة في الإسراع بتحقيقها على الرغم من أن تحقيق هذه الأهداف والأمال يحتاج إلى سنوات لتحقيقها ووقت وجهد وعمل وإخلاص ومنظومة وحزمة من التشريعات القانونية المتطوره، كما يحتاج إلى مجموعة من البنية الأساسية طويلة المدى من أجل أن تأتى بثمارها وهذا ما يتم الأن، لكن نتيجة أن الصورة الذهنية للشخص الثائر ترسخت أنه يريد تحقيق مكتسب ثوري ولا يجده، فهذا يجعله يصاب بنوع من الإحباط، والإنسان الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة، دائما ما تجد لدية مرونة في الشخصية ويدرك المتغيرات حوله.
 
كما يدرك أننا لانمتلك بنية أساسية جيدة وقلة في الإنتاج وندرة في دخل السياحة وفرص الاستثمار الداخلي تكاد تكون منعدمة وكذلك قلة في الدخل، وجميعها عوامل تؤدي إلى ضغوط إقتصادية لم يكن المجتمع المصري مهيأ لها، لاسيما وقد تم التلاعب بعقلية المصريين ووجدانهم في أعقاب 25 يناير من خلال إطلاق الشائعات، على سبيل المثال أنه سيتم توزيع ثروات مالية على المصريين يمتلكها النظام الأسبق، وكل مواطن أمسك ورقة وقلم وجلس يحسب نصيبه من هذه الثروات وعندما لم يجدها أصيب بالإحباط.

- ما هي الطبقات الأكثر تأثراً بالأوضاع المتغيرة بشكل عام؟

جميع الطبقات الإجتماعية تأثرت، لكن طبقة العشوائيات كانت الأكثر تأثرا سلوكيا، لأنهم أعطوا كم من الحريات لم يكنو مؤهلين لها مطلقا، وأرى أنه من ىأبدع التصريحات التي قالها الرئيس السيسي هي «علينا أن نطور أبنائنا سكان المناطق الخطرة» وهو لفظ يجسد خطورة العشوائيات، وأنا أرى أن مشروع القرن في مصر هو القضاء على العشوائيات، لأنه هناك العديد من النظم السياسية التي حكمت مصر أسهمت في بناء الدولة، لكن لم يأتي نظام سياسي حرص على بناء الإنسان كما يفعل الأن الرئيس نظام الرئيس السيسي.

- المواطن المصري لم يعد أمامه سوى التلفزيون إلى أي مدى يستطيع هذا الجهاز التأثير في نفسية المواطن؟

بكل تأكيد الإعلام لعب دور سلبي في تطوير شخصية المصريين، حتى أن جميع المسلسلات والإعلانات التي تخاطب شريحة معينة من المجتمع وكانهم في «سويسرا» وليس مصر، فجموع الإعلام لا يخاطب المصريين، وإذا خاطب شريحة الفقراء فإنه يتاجر بهم من أجل الحصول على تبرعات والإعانات، ولم يفرق الإعلام بعد الثورة بين «الإعلام والإعلان» حتى برامج «توك شو» تدعو للإثارة من أجل الإعلانات والحصول على أكبر مكاسب مادية ممكنة، مع تراجع الدور الإجتماعي لإعلام الدولة ومحاولة هدمه من الداخل من أجل إفساح المجال أمام الإعلام الخاص.
 
كما أن رجال الدين الذين يعتلون المنابر تخلو عن دورهم في إرشاد المجتمع عن مكارم الأخلاق والدين الصحيح وأصبحو يتحدثون فقط في السياسة من أجل أن يخلق لنفسه بطولة زائفة وكأنهم «جيفارا»، ومنهم من تخلى عن إمامته وعمته الأزهرية أمام شاشات الفضائيات وأصبحو نجوم فضائيات وأبتعدوا عن حث المجتمع على السلوكيات الرشيدة، من أجل المكاسب المادية، فضلا عن أن مشاهد العنف في السينما والدراما ترسخ في سيكلوجية الشعوب فقد القيمة.

- أيهما أكثر تأثيراً على نفسية الشعوب الشائعات أم تدني المستوى الاقتصادي؟

كلاهما يؤثر على نفسية الشعوب، لكن الشائعات هي العدو الأول للشعوب لأنها تصيب الإنسان بالإحباط وتفقده الأمل في الغد وتهزمه من الداخل، لكن الإنسان إذا تأكد أنه هناك أمل وأن هناك شفافية وأن هناك بالفعل مشاريع قوية تقوم بها الأنظمة فإنه يقدر قيمة الكفاح، وأرى أن القيادة السياسية الأن تعمل على ترسيخ مبادئ العمل لدى الشعب المصري من جديد.
 
- هل يشعر المصريين بالاكتئاب؟

المصريين لديهم نوع من الإحباط وليس الإكتئاب كما يحاول البعض أن يروج، لكن الحقيقة أن المصريين مصابين بنوع بسيط من الإحباط يظهر في صورة البلادة الحسية في بعض المواقف وقلة الإنتاج والعصبية والنرفزة عند الغالبية من الأفراد، وارتفاع معدل القلق وعدم الصبر في بعض المواقف، وعلى الفرد إدارك مسببات تلك الأعراض وهل هي تكمن في مشكلات إقتصادية أم في إرتفاع معدلات الفساد، وأرى أن القيادة السياسية تعمل على القضاء على الفساد الموجود لدى الأفراد في بعض المؤسسات، فلم نكن في السابق نرى وزير يتم عزله من منصبه لأنه أخطأ في حق طبقة من الشعب وهو يحدث الآن.

- ما هي روشتتك للشعب من أجل الخروج من حالة الإحباط؟

على المصريين أن يستشرقوا الأمل في الغد، التمسك بالقيم الروحية والإجتماعية، أن نعود للجلوس مع عائلاتنا والتخلي عن الأمور المادية، بدلا من الخروج والبذخ، عودة إلى الدين الحقيقي، وأن يزرعوا في أولادهم قيمة العمل الذي سنبني به المستقبل، ولدينا مشروعات قومية كبيرة تجعلنا نستشرق غد أفضل كمشروع المليون ونصف فدان والمزارع السمكية الكبرى وغيرها، التي ترسم ملامح مصر الجديدة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق