«مولانا» يكشف حقيقة 90 عاما بين السينما و«عمامة الأزهر» (تقرير)
الجمعة، 13 يناير 2017 02:38 م
لم يكن فيلم «مولانا» الأول أو الأخير، الذي يصطدم مع الأزهر الشريف، ويجسد «عمامته» في الأعمال الدرامية والسينمائية، فقد سبقته عدة أعمال سينمائية أخرى تناولت «عمامة الأزهر» وجسدت رجال الدين في صور مختلفة، واصطدمت، إما برفضها فكرة وتنفيذا، أو منعها من العرض، وبدأت تلك المعركة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
يعرض تاريخ السينما المصرية، الأعمال الدرامية التي اصطدمت مع الأزهر، وكان أول اصطدام بين الأزهر والسينما في العام 1933، عندما أبدى الأزهر الشريف اعتراضه، على فيلم «الوردة البيضاء» للموسيقار محمد عبدالوهاب، وطالب الأزهر بمنعه من العرض، بسبب قيام بطل الفيلم «عبدالوهاب» في أحد مشاهد الفيلم بـ«تقبيل» إحدى الممثلات وهو مرتديا «الطربوش».
ثم كانت سلسلة الأفلام التي قام بها الفنان «حسين صدقي» في نهاية أربعينيات القرن الماضي، والتي استوحاها من خلال صداقته بشيخ الأزهر الراحل الشيخ «محمود شلتوت»، وأنتج عدة أفلام تناولت «عمامة الأزهر»، منها فيلم «المصري أفندي»، والذي عرض في العام 1949، وفيلم «الشيخ حسن»، الذي عرض في العام 1954، والذي أثار عرضهما ردود أفعال غاضبة من الأزهر، واصطدمت معه بسبب سياقهما الدرامي، كما حدث الشيئ نفسه في فيلم «الأرض» بعدما جسد الفنان يحيى شاهين دور الأزهري الذي يخاف على أرضه في مقابل التغافل على تعدي الإقطاعي على أرضه.
ثم توالت الأعمال السينمائية بعد الانفتاح السينمائي، الذي حدث في خمسينات وستينيات القرن الماضي، فقد تم عرض فيلم «الشحات» للفنان محمود مرسي، والمأخوذ من رواية للأديب «نجيب محفوظ»، وأثار غضب الأزهر، بعدما عرض في العام 1960، ثم جاء فيلم «الزوجة الثانية» والذي جسد فيه عمامة الأزهر الفنان حسن البارودي، والذي كان دائم ترديد الآية الكريمة «وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم»، الذي عد هذا العمل هو البداية الفعلية لتجرؤ السينما على عمامة الأزهر، ثم جاء فيلم «قنديل أم هاشم» والذي حارب الفكر الصوفي الذي كان ينتهجه علماء الأزهر، واصفا إياه بـ«الخزعبلات»، ثم جاء فيلم «غرباء» لرأفت الميهي، والذي جسد عمامة الأزهر في شيخ اسمه «الطيب».
وخلال الأعوام الماضية انتجت السينما عشرات الأعمال الدرامية والتي تناولت عمامة الأزهر بشيئ من الاستهجان مصطدمة مع الأزهر الشريف، ومنها فيلم «الحدق يفهم» لمحمود عبد العزيز، والذي جسد فيه لصا يلتقي شيخا أزهريا فيقتله ويرتدي زيه ويذهب إلى القرية، وكذلك فيلم «الإرهابي»، وفيلم «حسن ومرقص» للفنان عادل إمام، الذي صور عمامة الأزهر بشكل سيئ، وفيلم «سالم أبو أخته» لمحمد رجب، والذي أثار ضجة بتناوله عمامة الأزهر متمثلة في «صحيفة الأزهر الرسمية» ليقدم إسقاطا سينمائيا يمثل الغطاء الديني لاستبداد القوة الأمنية، بعدما ظهر أمين الشرطة في الفيلم وهو يمسك في يده جريدة «الأزهر»، متخفيا بها، ثم يأتي مسلسل «الداعية» للفنان هاني سلامة، ليطرق بابا جديدا حول بيزنس الألفية الجديدة وهو بيزنس الدعوة، وليكون فيلم «مولانا» من بنات أفكار مسلسل «الداعية».
في المقابل.. الصورة التي يريدها الأزهر عن «عمامته» هو إظهارها بشكل إيجابي، وحقيقي ومحايد، ولايظهرها في صورة سيئة، كما تناوله الفنان «حسن البارودي» في فيلم «الزوجة الثانية»، فلا يليق بـ«عمامة الأزهر» أن تقدم بهذا الشكل، ويعلل علماء وقيادات الأزهر بأنه لا يوجد عمل درامي أو سينمائي يسخر من رجال الدين غير رجال الدين الإسلامي ورموزه، مطالبين بضرورة احترام الرموز الدينية وتقديمها في صورة ايجابية.
وبعد الأزمة التي أثارها فيلم «مولانا»، دعا بعض أعضاء مجلس النواب إلى تشريع جديد يعطي الحق للأزهر الشريف بأن يبدي رأيه في أي أعمال سينمائية تتناول رجال الدين أو رموزه، ويعطيه حق منع العرض، عملا بالقانون رقم (15) من قانون 103 لسنة 1961، بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، والذي يعطي الحق لـ«مجمع البحوث الإسلامية» بما يتبعه من إدارات ومنها إدارة البحوث والتأليف والترجمة والنشر هو من له ولاية المراجعة والتصدي لفحص المؤلفات والمصنفات التي تتعرض للإسلام ورموزه وإبداء الرأي فيها، كما يحق له اتخاذ القرارات الملزمة والمنشئة للمراكز القانونية والمعدلة لها مما تتخذها جهات الإدارة في الدولة بموجب الولايات والصلاحيات التي خولها القانون لأي من هذه الجهات.
ويقول الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لبوابة «صوت الأمة»، إن الأزهر لا يمنع من عرض أي أعمال درامية أو سينمائية، تتناول الأزهر أو رجال الدين أو رموزه، ولكن يجب أن يتم تناولها بما يعطي للأزهر الشريف من مكانته وتقديره، فلا يصح أن تقدم صورة الأزهر أو أي من رموزه بشكل مهين يؤذي مكانة الأزهر في قلوب الناس، ويجر خلفه أعمالا أخرى أكثر جرأة، موضحا أن الأزهر لا يقول بالمنع أو يقول بالمصادرة، ولكنه يقول رأيه فيها بحسب ما نص عليه القانون، والحكومة هي الجهة التنفيذية.
وبين عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الأعمال السينمائية منها ما تناول الأزهر ورجال الدين بشكل طيب ولم يبد الأزهر اعتراضا لها، ولكن على النقيض كان يشجع على مشاهدتها، منوها إلى أعمال سينمائية، منها على سبيل المثال لا الحصر فيلم «جعلوني مجرما»، والذي تناول الشيخ الأزهري في صورة الناصح والذي يدل على طريق الصواب، وكذلك مسلسل «إمام الدعاة» ومسلسل «المراغي»، وهناك العديد من هذه الأعمال التي تتناول رجل الدين باحترام وتقدير.
الناقدة السينمائية ماجدة خير الله، قالت لبوابة «صوت الأمة»، إن فكرة الأعمال السينمائية تناولها لرجل الدين أو ما يرمز إليه ليست التعدي على حرمات ومقدسات الدين، أو الأزهر الشريف، ولكن هو إظهار وتجسيد لمشكلة مجتمعية، فمنذ سنوات طويلة وهناك من يخرج في زي رجل الأزهر على أنه رجل دين وعالم، وقد أفرزت لنا السنوات الماضية هذه النماذج، مؤكدة أن كل الاحترام والتقدير للأزهر الشريف ورموزه، ولكن عندما تتجسد الأعمال الدرامية أو السينمائية فإنها لا تجسد الأزهر بحد ذاته، مبينة أن أي أعمال سينمائية أو درامية لاتخرج للنور إلا بعد موافقة الرقابة على المصنفات، وكذلك الأزهر.