بعد إعدام ثلاثة شبان.. إلى أين تسير البحرين؟ (تقرير)

الأربعاء، 18 يناير 2017 10:10 م
بعد إعدام ثلاثة شبان.. إلى أين تسير البحرين؟ (تقرير)
صورة ارشيفية
إبراهيم طه

تعيش مملكة البحرين على صفيح ساخن إذ يظهر جليًا ووفق معلومات مؤكدة أن لدى الأجهزة الأمنية المُختصة هناك، تقارير مؤادها أن موجة عاتية من الإرهاب ربما تضرب، كافة محافظات المملكة ربطُا بأحداث إعلان السُلطات المُختصة عن إعدام ثلاثة شُبان بحرينيين، رميًا بالرصاص صباح الأحد 15 يناير الجاري.


- زعزعة الأمن
وفي تقارير رسمية، أكدت الوقائع أشكال العُنف والتحريض التي تُسهم في نشر بؤر النزاع والتوتر وزعزعة الأمن والاستقرار بالمُجتمع وتهديد الوحدة الوطنية كافة متوفرة في البحرين، وأن العمليات الإرهابية في المملكة أدت إلى استشهاد 30 فردُا من رجال الشرطة، وإصابة أكثر من 3.800 فردًا منذ عام 2011، وحتى الآن.

ففي حين شجبت مُنظمة العفو الدولية، إعدام الشُبان الثلاثة، إذ وصفته بـ«الرجعي»، لا تألو مملكة البحرين جهدًا في المحافل الدولية والإقيليمية كافة، في إعلان اهتمامها بحقوق الإنسان.


- شهر عسل
كما أعلن «شيعة البحرين»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن خطوة تنفيذ الإعدام تُبين للقاصي والداني عدم جدوى الحوار الوطني، الذي كانت تُجرى الاستعدادات له على قدم وساق بين الحكومة من جهة، والمعارضة من جهة، بل أن هناك من تطرُف في الحديث، واصفًا شهر العسل السلمي القصير، الذي كانت تعيش فيه البحرين، منذ اعتماد توصيات اللجنة البحرينية المُستقلة لتقصي الحقائق «لجنة الدكتور محمود بسيوني» والمُصالحة الوطنية، التي تبناها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حتى الآن أنه «لا يُثمن ولا يُغني عن الحرية»، كما ثبت عدم جدوى التوصيات، خلال التعاطي السياسي والإعلامي وموقف الشارع بعد القمع والإعدام.

وفي الطرف الثاني، كان لأهل السنة أبناء مملكة البحرين رأي مختلف، وقالوا إن إعدام المُدانين الثلاثة يعُد طريقًا لفرض القانون ومن أجل استتباب الأمن.


انقسام طائفي
وبهذه المُعطيات والملفات التي لها تداعيات جادة وسلبية على مُجمل الأوضاع في بلاد «دلمون»، ودول الخليج العربي كافة، من المؤمل بحسب توقعات الخبراء أنها ستؤجج مشاعر الانقسام الطائفي في المنطقة، خاصة أن البحرين تعد ملعب صالح جدًا لكافة حيل القوى الإقليمية التي تدعم كلُ من الحكومة والمعارضة، إذ أعلنت السعودية والإمارات والكويت مُساندتهم بقوة حكومة «المنامة» بإرسال قوات «درع الجزيرة» إلى الأراضي البحرينية في فترة سابقة، فهل تُعاد الكَرة مرة أخرى، سيما أن إيران تُقدم يوميًا بحسب تقارير رسمية حكومية بحرينية دعمًا سياسًيا وإعلاميًا وماليًا واضحًا للمُعارضة الشيعية.

إدانة دولية
ولم يقف الشجب والتنديد لتنفيذ حكم إعدام الشُبان الثلاثة عند حدود البحرين، بل انطلق ليصل إلى جمهورية العراق، وفي بيان رسمي قال نائب رئيس الجمهورية العراقي «نوري المالكي»، أن تنفيذ السُلطات البحرينية حكم الإعدام يأتي في إطار مشروع القتل المُمنهج ضد المُعارضين، داعيًا إلى مُلاحقة وإدانة دولية لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.

- حل سلمي
ومن جهته قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، إن إعدام الشبان الثلاثة جريمة وأن حكومة البحرين أثبتت مجدداً أنها لا تبحث عن حل سلمي للخروج من أزمة هذا البلد ومصرة على انتهاج الأساليب الأمنية والقمعية وقتل المعترضين العزل، لافتاً إلى أن قيادة البحرين تتحمل مسؤولية وعواقب الأفعال والسلوكيات المتطرفة.


وفي وسط حالة الشد والجذب، خرج هارون الزياني، المحامي العام بالمكتب الفني للنائب العام، بتصريح رسمي يُبطل حجج وأسانيد كافة من شجبوا الإعدام، قائلًا: إن «الحكم البات الذي صدر ضد المحكوم عليهم قائم على أدلة قاطعة تؤكد ارتكاب الجناة الجرائم المُسندة إليهم».

- جرائم إرهابية
وفي نفس السياق، أكدت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، في بيان صحفي صادر عنها، على سلامة الإجراءات التي اتخذتها مملكة البحرين، بحق المُدانين بجرائم إرهابية تمثلت في التخطيط والتنفيذ لتفجير إرهابي باستخدام مواد مُتفجرة في عدد من رجال حفظ وتطبيق القانون، لاسيما ما يتعلق من هذه الإجراءات باحترام الحقوق الإنسانية للمُدانين بجرائم الإعدام، وفقًا للضوابط والإجراءات التي نصت عليها القوانين الوطنية، وتمكينهم من مُقابلة ذويهم واحترام قُدسية وخصوصية تنفيذ الجزاء، وتمكين واعظًا شرعيًا من مُقابلتهم، وحضور طبيب مختصًا، بالإضافة إلى مُمثلين عن السُلطة القضائية وسُلطات الأمن المعنية.

وأكدت الفيدرالية، أن مملكة البحرين، لم تُخالف بتنفيذها لهذا الحكم أي من التزاماتها الدولية التي صادقت عليها، ولم تُعارض بتطبيقها وتنفيذها لأحكام الإعدام، لالتزاماتها بالميثاق العربي لحقوق الإنسان أو بالإعلان الخليجي لحقوق الإنسان.

- حوار ومُصالحة
كما دعت الفيدرالية، جميع فعاليات المُجتمع البحريني، على انتهاج العمل السلمي في المُطالبة بالحقوق والحريات، وتبني الحوار والمُصالحة باعتبارهما السبيل الوحيد للمُضي قدمًا بما يُحقق التطلعات المشروعة لجميع البحرينيين، مؤكدًة أهمية الالتفاف حول المشروع الإصلاحي لملك البحرين، الذي دشنه ليكون مسارًا للانتقال السلمي لبناء دولة المؤسسات والقانون، وأساسًا لمنهجية عمل شاملة تعمل على تكريس القيم الإنسانية الأساسية للحقوق وما يُقابلها من واجبات والتزامات وطنية وقومية، بما يُحقق بناء منظومة الدولة الديموقراطية وتطورها، وهو المشروع الذي أسهم في خلق تجربة بحرينية رائدة في العمل السلمي وبناء دولة المؤسسات والقانون قبل أن يستهدفها الإرهاب ويعمل على تقويض تلك التجربة الرائدة.


- إسقاط النظام
ويأتي ذلك، وسط مخاوف أمنية من رد فعل عنيف وتصاعد للمطالب، ربما يصل حد «إسقاط النظام والملك ورئيس الوزراء» من تنظيمات تمثل التيار السياسي الإسلامي الشيعي، منها «ائتلاف 14 فبراير، سرايا الأشتر، سرايا المقاومة وتيار الوفاء»، والجماعات المُرتبطة والتي تؤجج نار الفتنة الطائفية وتوفر دعمًا لوجستيًا وماليًا ومعلوماتيًا وقانونيًا لأعضائها فضلًا عن التوجيهات الميدانية.


- فرقعات إعلامية
هذه المخاوف يأخذها المُهتمين بالشأن البحريني على محمل الجد، وليست مُجرد فرقعات إعلامية، سيما أن أبرز دُعاة التغيير لسان حالهم في المرحلة «قبضة في الميدان، وقبضة على الزناد»، ولكن كان للجهة الأخرى من أبناء البحرين رد واضح يؤكد أن هذه التهديدات لن تُثني «المنامة» عن السياسات الرامية للحفاظ على أمنها واستقرارها.

السؤال الآن.. هل تستطيع «المنامة» بما تجلت به من إرادة وطنية جامعة، وبما يعكس مدى جديتها وشفافيتها التامة في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المُستقلة لتقصي الحقائق، أن تتجاوز تلك الفترة – الغريبة - على المملكة ؟.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة