المؤامرة الداخلية في أمريكا

الخميس، 19 يناير 2017 08:51 م
المؤامرة الداخلية في أمريكا
إيهاب عمر يكتب

خلال ساعات يؤدي «دونالد ترامب» اليمين الدستوري ليُغلق العالم مرحلة «باراك أوباما»، ويدخل مرحلة جديدة غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي.

أنه نوع من الحرب الأهلية الباردة التي يُمكن أن تنقلب إلى حرب أهلية حقيقة لو لم يُحسن أطرافها إدارة الصراع، حيث لا ترغب شبكات المصالح الغربية العابرة للقارات في استمرار «ترامب» بالبيت الأبيض، بينما شبكات ولوبي الصناعة الأمريكية والرأسمالية الوطنية التقليدية تقف خلف الرجل وتراه الأمل الأخير في أمريكا لصالح الأمريكان، وليس لصالح شبكات دولية اقتصادية تعمل في كل شيء بستار أمريكي.

لعل أولى مفاجآت عصر «ترامب» ليس إحدى قراراته، بل أننا سنشهد تقنيات وآليات المؤامرة الأمريكية، والتي واكبت ثورات الكُتلة الشرقية والثورات المُلونة في الجمهوريات السوفيتية السابقة والربيع العربي، وهى تفصح عن نفسها في شوارع أمريكا، حيث كشفت صحيفة «واشنطن تايمز» عن شبكات تأجير المُتظاهرين في أمريكا، بمُرتب شهري ثابت يصل إلى 2500 دولار أمريكي، بينما وقت العمل لا يتجاوز التظاهر و الاعتصام ساعة واحدة يوميًا، وهذه ليست المرة الأولى التي تكشف تقارير صحفية عن شبكات تأجير للمُتظاهرين ضد «ترامب»، حيث جرت حوادث مُماثلة طيلة عام 2016.

إلى جانب هذا الحشد المأجور، فإن هنالك عمليات تسخين الشباب ذو الهوى اليساري الذي صنع يومًا أسطورة حركات «احتلووا وول ستريت»، ولا عجب في ذلك لأن هذا الشباب يعتبر المُرشح الديموقراطي للرئاسة الخاسر «بيرني ساندرز» هو مُرشده الروحي، حيث كان جمهور هذه الحركات هو جمهوره الانتخابي ومن رحم هذه الحركات خرجت حملة «ساندرز» وكافة الشباب المُشارك بها.

«ساندرز» اليساري من أهم أدوات لعبة عصابات العولمة ضد «ترامب»، رغم إن خطط «ترامب» الاقتصادية توفر فرص عمل أفضل للأمريكان عبر استعادة رؤوس الأموال الأمريكية المُهاجرة للخارج، ما يؤدي لفتح مصانع وشركات تطلب عمالة جديدة.

الحركات النسوية وداعمي حقوق الأجانب والأقليات سيكون لها دور محوري، رغم أن «ترامب» متزوج من مُهاجرة يوغوسلافية، وتعج إدارته بالمصريين واللبنانيين والسود والهنود، بالإضافة إلى أكثر من وزيرة ومستشارة، إلى جانب أن حملتهُ الانتخابية كانت أول حملة انتخابات رئاسية ناجحة تقودها امرأة.

زعماء الحزب الديموقراطي أعادوا هيكلته من أجل موائمة المرحلة الجديدة، حيث يُشكل «باراك أوباما» حكومة ظل تتألف من بعض أنصاره داخل الجهاز الحكومي الأمريكي بغية عرقلة «ترامب»، بينما تقرر إسناد رئاسة الحزب خلال الفترة المُقبلة إلى الأسود المُسلم «كيث إليسون» أول مُسلم يتم انتخابه في مجلس النواب الأمريكي عام 2006، القيادي في حركة «أمة الإسلام» الأمريكية التي تأسست في ظروف غامضة عام 1930 وتحشد المُسلمين السود سياسيًا.

كما سيتم استخدام زميلته في المجلس «إلهان عمر» أول مُسلمة ومحجبة «من أصول صومالية»، يتم انتخابها بالكونجرس عام 2016، كما يُجرى ترتيبات لاستقطاب عضوة الحزب «شيري ميخائيل ميداي» القاضية المُنتخبة في ولاية «أوهايو» عام 2016، نظرًا لأصولها المصرية، هكذا ضمنت عصابات العولمة حشد السود والمُسلمين واليسار والنسويات ضد «ترامب».

شبكات المصالح الغربية «عصابات العولمة الأمريكية»، نجحوا في عقد أكثر من جلسة مُشتركة بين أقطاب من الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه إدارة «ترامب»، وذلك من أجل الوصول لتفاهم مُشترك حول تحرك من الكونجرس الأمريكي لإقالة الرئيس، وتفعيل مادة في الدستور بتعيين نائبه «مايك بنس» رئيسًا لأمريكا، وتُحاول عصابات العولمة الوصول إلى العدد المُناسب في الكونجرس القادر على تفعيل المواد الدستورية الخاصة بعزل الرئيس، استغلالاً لحالة التمرد التي يُبديها بعض أجنحة الحزب الجمهوري حيال «ترامب».

هذه الاجتماعات شهدت اختلافات في وجهات النظر، حيث يرى البعض صعوبة أن يُشارك نواب من الحزب الجمهوري في هذه اللعبة بشكل مُباشر والأفضل الانتظار إلى ما بعد انتخابات الكونجرس في نوفمبر 2018، على أن تبدأ إجراءات العزل في ربيع 2019، على أن يتم توفير أغلبية للحزب الديموقراطي في مجلس الشيوخ، وأقلية مُريحة في مجلس النواب، قادرة على تفعيل مواد الدستور الأمريكي، بينما يرى البعض أن يدفع الديموقراطيين بمُرشح للرئاسة في نوفمبر 2020، يكون مقبولًا لدى الجمهوريين رافضي «ترامب»، وجرى طرح اسم «جو كينيدي» السياسي الأربعيني كوجه مقبول بين الأمريكان.

في هذا الإطار يعود للعاصمة الأمريكية، السفيرة الأمريكية في اليابان «كارولين كينيدي» ابنة الرئيس الأمريكي الراحل «جون كينيدي»، بعد أن أنهى «ترامب» عملها مع كافة سُفراء أمريكا في العالم، لتنضم إلى عضو مجلس النواب «جو كينيدي» حفيد وزير العدل الراحل «روبرت كينيدي» وابن عضو الكونجرس السابق «جوزيف كينيدي»، لينضم آل كينيدي للحملة، خصوصًا أن انتماء الأسرة الكاثوليكي يلعب دورًا مهمًا في تحريك الأمريكان الكاثوليك في المُعادلة العرقية والطائفية الأمريكية.

إلى جانب «آل كينيدي» و«آل أوباما» و«آل كيري» وظهور شرفي لـ «آل كلينتون» في التيار «النيوليبرالي» الأمريكي، ينضم «آل بوش» للمُباحثات الجارية، حيث يطمع «بوش» الأخ أو «بوش» الثالث، جيب بوش المُرشح الخاسر أمام «ترامب» في أن تُعجل إقالة «ترامب» في الدفع به نائبًا للرئيس «بينس»، أو أن يُفتح باب الإقالة المُبكرة لـ«ترامب» لإجراء انتخابات داخل الحزب الجمهوري لاختيار مُرشح رئاسي لانتخابات نوفمبر 2020.

عصابات العولمة الأمريكية تضمن 99% من الإعلام الأمريكي في أيديهم، يوميًا هنالك أخبار مُلفقة وكاذبة عن «ترامب»، الهدف هو تسخين المُجتمع الأمريكي ضده، وصُنع حالة من التبرُم داخل الجهاز الحكومي الأمريكي قبل الأوساط الشعبية منهُ، وإذا فشل كل هذا فإن مصير «جون وروبرت كينيدي» قد يكون الحل الأخير.

ولعل المظلة الدستورية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي، هي خط الدفاع الأول عنه، فالمُخابرات الأمريكية والحرس الوطني إلى جانب ما لا يقل عن 25 وكالة أمنية تهدف في المقام الأول لحماية الرئيس الأمريكي، كما أن الدستور يكفُل له حماية من أغلب بنود المؤامرة، باستثناء التظاهرات والتسخين الإعلامي ضده، علمًا بأن الرئيس «بيل كلينتون» واجه مؤامرة داخلية وخرج منها مُحتفظًا بشعبيته يومًا ما، كما يتفوق «ترامب» عن ما سبقه من رؤساء بأنه يحظى بدعم الميليشيات اليَمِينية الأمريكية المُسلحة، خاصة مُنظمة «kkk» التي ينتمي إليها والده «فريد ترامب» يومًا.

ختامًا.. تدخُل أمريكا مرحلة جديدة من الاضطرابات سوف تستمر ما لا يقل عن 24 شهرًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق