«مسجد المعيني».. أسطورة تحكي روايات تاريخية (صور)
الخميس، 02 فبراير 2017 10:10 م
ليس مكانًا مقدسًا فحسب.. بل شاهد عيان يتجلى فيه عبق الماضي، وعظمة التراث.. يروي ملاحم وطنية، وقصة شعب أتقن فن العمارة الإسلامي، وتحدثك جدرانه عن مدى تقديس الأجداد للعلم ومنحه مراتب عليا، لم تستطع يد الإهمال كتمان أسرارها.. ليظل باقيًا يروي لنا ما كان عليه أجدادنا.
مدرسة للتصوف
«مسجد المعيني» دمياط، أطلق عليه هذا الاسم نسبة لمؤسسة محمد بن محمد بن محمد معين الدين، أو «معين الدين الفارسكوري»، أحد وجهاء دمياط بالعصر المملوكي والذي احتل مكانة القضاه، فضلاً عن كونه واحدًا من أشد المتصوفين أنذاك.
شيد المسجد في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، أحد سلاطين المماليك، عام 710 هجرية - 1310 ميلادية، بغرض استخدامه في نشر العلم، فقد تم تقسمه لأربع إيوانات يتوسطهم صحن مزخرف لنشر وتعليم المذاهب الأربعة، فضلاً عن وجود خلاوي للمتصوفين، والذي كانوا يعتبرونه بمثابة منزل لهم.
يقع مسجد بمنطقة «الشارع الأعظم»، والذي اشتهر بتجارة الأرز والغلال، كما أنه يعد مكان تجمع به وجهاء المدينة، وقد تجلى فن العمارة بهذا المسجد؛ حيث تم تشييده دون أعمدة معتمدين على رفع المأذنة والقبة من خلال جدارن جانبية، فكان لموقعة أثرًا بالغًا في هذا.. إذ كان يقع على النيل مباشرة الأمر الذي أدى إلى اللجؤ لإنشائه على قناطر ليرتفع عن مياه النيل.
3 روايات
«مسجد».. «مدرسة».. «خانقاه»، مسميات حيرت المؤرخين، فلم يتمكن أحد حتى الآن من معرفة المقصد الحقيقي لإنشائه، وربما كان لعمارة المكان أثرًا كبيرًا في ذلك، فتارة يتضح أنه كان مشيدًا كونه مدرسة لنشر العمل خاصة مع وجود أماكن كانت تستخدم كسكن للطلاب الوافدين من بلدان أخرى، وتارة تجده مسجدًا على طراز عال من العمارة الإسلامية، بينما قال أخرون إنه كان «خانقاه» أي بيتًا للتصوف فحسب سجلات محكمة دمياط الشرعية أنه كان يقع بدمياط في هذا العصر أكثر من 17 متوصفا، فضلاً عن وجود خلاوي للمتصوفين داخل المسجد نفسه ليظل «المعيني» لغزًا تاريخيًا لم يتمكن أحد من فك رموزه.
أسطورة مهملة
يروي الشيخ عصام، إمام المسجد، أنه يعمل في أعظم مكان أثري عرفه التاريخ، فهو يعد أقدم مدرسة، مشددًا على ضرورة التعامل معه بشكل أفضل من ذلك، حيث لم يأخذ المسجد حقه كمكان أثري.
بينما قال عم محمد، أحد سكان المنطقة، «نعاني كثيرًا مما نراه، فقد تربيت على أساطير هذا المكان ولكن اتحرمت منه مدة طويلة من عمري فقد كان مغلقًا دون تطوير»، وأسرد: «قرأت العديد من القصص التاريخية وكنت أشعر بالفخر حينما أجده بين سطور تلك الكتب».
ورد الشيخ بكر عبدالهادى، وكيل وزارة الأوقاف بدمياط، على استفسارات «صوت الأمة» بأن هذا المكان له من المكانة التاريخية ما يجعلنا نتحدث عنه لعدة سنوات، والمحافظة تسعى لتخليد تلك الأماكن بكافة الطرق، كاشفًا عن وجود خطة للتنسيق بين كافة الإدارت وخاصة التربية والتعليم للقيام بنشر قصة تلك الأماكن الأثرية التي تحتوي عليها المحافظة، فضلاً عن القيام برحلات تثقيفية داخل تلك المساجد ليعلم أبنائنا قيمة ما نملك.