في ذكرى رحيله.. أستاذ «آخر ساعة»
الجمعة، 17 فبراير 2017 01:50 م
ترك الكاتب الصحفي، ورجل السياسة الكبير، الأستاذ محمد حسنين هيكل، برحيله، فراغًا لا يملأه غيره، ولا حتى من عظماء هذه المهنة، وما أكثرهم.
يعد «الأستاذ» أحد أبرز أعلام الصحافة العربية، والعالمية، قضى ثلثي عمره في بلاط السياسة والصحافة، عاصر ملكين و7 رؤساء، ويُعتبر شاهدًا على تاريخ مصر الحديث. تربع على عرش صاحبة الجلالة، وظل إلى آخر نفس يمتلك ذاكرة تحليلية ثاقبة، حتى صار مثلا يُضرب لكل حالم في مهنة البحث عن المتاعب.
ولد محمد حسنين هيكل، في حي الحسين، عام 1923 لأسرة ذات جذور صعيدية، وكان والده يعمل تاجرًا للحبوب، والتحق بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم درس بالجامعة الأمريكية، وتعرف على «سكوت واطسون»، الصحفي في إيجيبشين جازيت، وكانت وقتها الصحيفة الأجنبية الأولى في مصر، وعلى إثر ذلك التحق بالجريدة في عام 1942، وبدأ حياته كصحفي بقسم المحليات، وهو لم يتجاوز العشرين.
عمل «هيكل» في ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية عن الحرب العالمية الثانية، وتولى أخبار الحرب الدائرة في العلمين، وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا، وباريس.
التقى «الأستاذ» في باريس السيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روزاليوسف، التي اقتنعت بموهبته وقررت ضمه عام 1944 إلى مجلتها، وهناك تعرف على محمد التابعي، وبدأ رحلته مع «آخر ساعة»، التي أهلته للفوز بجائزة الملك فاروق، أرفع الجوائز الصحفية بمصر آنذاك.
بعدها انتقل هيكل إلى العمل في «أخبار اليوم»، التي شهدت مجده وتألقه، خاصة في تغطية حرب فلسطين، والانقلابات السورية، ومن ثورة محمد مصدق في إيران، واغتيال الملك عبدالله في القدس ورياض الصلح في عَمان، وحسني الزعيم في دمشق، قبل أن يتولى رئاسة تحرير آخر ساعة، وهو في الـ29.
لعب «هيكل» دورًا بارزًا ضمن النخبة السياسية في مصر، حتى رحيله، وكانت صداقته للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، علامة فارقة في حياته، فكان كاتب خطابات عبدالناصر، وكاتم أسراره وظله، عاش معه تفاصيل وكواليس ثورة «الضباط الأحرار» بكل تطوراتها، وكان الناصح الأمين ومهندس انتقال السلطة إلى عبد الناصر من خلال نصائحه الثمينة التي قدمها له.
استطاع «هيكل» أن يكون رائدًا للصحافة المصرية والعربية، وكان مكتبه في الأهرام، الذي انتقل إليه من أخبار اليوم، واستقر فيه، وأصبح مقصدًا لكبار ساسة العالم، الذين كانوا يدرجون في مقابلاتهم الرسمية إلى مصر، مقابلة «هيكل».
وقف «هيكل» بكل قوة مع الرئيس السادات للقضاء على مراكز القوى، بعد وفاة عبد الناصر، لكن سرعان ما نشبت خلافات عنيفة بينهما، فأقاله بقرار رئاسي من الأهرام، واعتقله سنة 1981 قبل أن يفرج عنه الرئيس الأسبق حسني مبارك.
في عهد مبارك، تحول هيكل إلى مرحلة جديدة، وبدأت رحلته كمؤرخ سياسي، وكان بمثابة حقيبة متنقلة للمعلومات، وظل متابعًا حتى أيامه المستجدات كافة في المنطقة وفي العالم، وظل حريصًا على التواصل بكل الأجيال الصحفية، معلما ومرشدا، وداعما.
قدم هيكل للمكتبة العربية نحو 40 كتابًا، ترجمت أغلبها إلى نحو 30 لغة، أبرزها: «خريف الغضب، وعودة آية الله، والطريق إلى رمضان، وأوهام القوة والنصر، وأبو الهول والقوميسير».