الدكتور قدرى حفنى: النخبة لا تقبل النقد.. ومطالبة شيخ الأزهر بتجديد الخطاب الدينى «إحراج له»

الإثنين، 27 فبراير 2017 06:11 م
الدكتور قدرى حفنى: النخبة لا تقبل النقد.. ومطالبة شيخ الأزهر بتجديد الخطاب الدينى «إحراج له»
الدكتور قدرى حفنى
سحر حسن

قال «حفنى» فى حواره مع «صوت الأمة»، إن مجتمعاتنا تقدس العنف والإرهاب وتدعو لهما فى المساجد والكنائس والمدارس والكتب، مطالباً بمواجهة الإرهاب وفقاً لشعار «رصاصة مقابل رصاصة وكلمة مقابل كلمة».

واعتبر أن مطالبة شيخ الأزهر بتجديد الخطاب الدينى فيه إحراج للرجل ولمؤسسة الأزهر التى لا تأثير لها على الشارع، وأنه كان على الرئيس أن يوجه هذه الدعوة للبرلمان.

• كيف يمكن التصدى للإرهاب من وجهة نظر علم النفس السياسى؟
- انتشار الإرهاب سببه أن العالم كله يقدس القوة، ولكى يعيش الإنسان محترما فيه، ينبغى أن يكون قويا قاسيا فى سلوكه ومعاملاته مع الآخر ليحظى بالاحترام، أما إذا كان يميل للتفاوض والتفاهم فهو إنسان ضعيف فى نظر المجتمع له، وهذا يسرى على الأفراد والدول التى تشجعهم على العنف، ومن ثم فالدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، والمسئولة عن ضمان أمن العالم هى من أهم منتجى السلاح فى العالم، ومنها الولايات المتحدة وألمانيا وإنجلترا وروسيا وفرنسا، وذلك لأن من ينتج سلعة لابد أن يروج لها، فهذه الدول من مصلحتها الترويج للأسلحة التى تصنعها، ولو مارست دورها الحقيقى فى مجلس الأمن لأفلست، فتجارة السلاح هى أهم ثانى تجارة بعد المخدرات.

• ولكن هذه الدول اكتوت أيضًا بسلاحها؟
- بالفعل، كثير منها تعرضت للإرهاب، مؤخرا، لأنها راهنت على استطاعتها التمييز بين العنف المشروع وغير المشروع، ومن ثم إبادتها للهنود الحمر أصحاب الحضارة الأمريكية الأصلية، ولا أحد يتحدث عنها برغم أنها مذبحة، كما أن العنف ضد الفلسطينيين لا يتحدث عنه إلا العرب، وذلك هو أساس القضية، بالإضافة إلى أن منتجى أسلحة الدمار لا يبيعونها لأفراد، وإنما إلى دول يستطيعون السيطرة عليها، ففى الحرب على أفغانستان قررت الولايات المتحدة أن تساعد فى اشتعالها للقضاء على الاتحاد السوفيتى الذى لا يمكنها محاربته مباشرة لعضويتهما فى مجلس الأمن، لذلك تمت الحرب بالوكالة من خلال طرف ثالث مسلم يقاوم السوفيت «الملاحدة» بتوفير السلاح والتمويل المادى والغطاء الدينى مع استخدام بن لادن زعيما للحرب.

• هل للفقر دور فى استقطاب منفذى العمليات الإرهابية؟
- الإرهاب غير مرتبط بالفقر، والدليل أن بن لادن كان «مليونير»، وشن حربه على السوفيت بمساعدة باكستان الإسلامية التى استخدمتها الولايات المتحدة للاتفاق مع بن لادن، بعدما تولت حماية المقاتلين وتقديم السلاح ذات البصمة الأمريكية، ومن ثم انهار الاتحاد السوفيتى ثم قررت أمريكا الاستغناء عن بن لادن، ما جعله يحاربها فى ١١ سبتمبر ٢٠١١، من خلال تجنيد البشر لتحطيم رمز الولايات المتحدة، وكان ذلك بداية لعنف الضعفاء ليس بالسلاح فقط، وإنما بوسائل التكنولوجيا الحديثة.

• هل الإرهاب ثقافة وافدة على مصر؟
- الإرهاب إفراز طبيعى لمجتمعاتنا التى تحرض على العنف وتقدسه منذ الطفولة، وفى المدارس والكنائس والمساجد والكتب التى تقدس هيبة الأفراد، وتؤكد أن اجتثاث الشر لابد أن يقابل بالعنف، ورغم أن جماعة الشر قد تضم بعض الأشخاص الطيبين المخدوعين، إذا نبهناهم لخطئهم اتهمنا بالتخاذل والسعى للمصالحة، ولذلك فالغلبة للأقوى، ما جعل الحق يحتاج إلى مدفع يحميه، ثم نبدى دهشتنا من الإرهاب، كما لو كنا فوجئنا به، رغم أن هؤلاء الإرهابيين هم أولادنا.

• ما تحليلك النفسى لجماعة داعش الإرهابية؟ وهل تكفيرهم سبب لقتالهم؟
- داعش جماعة من المسلمين الإرهابيين، وأرفض تمامًا تكفيرهم لأننا إذا وافقنا على ذلك دخلنا فى سلسلة من التكفير والجدل الفقهى حول الديانات الأخرى، فنحن نقاتل من يقاتلنا ويقتل أبناءنا وجنودنا، فإذا كف كففنا، ولذلك أطلقت شعار«رصاصة مقابل رصاصة وكلمة مقابل كلمة»، فإذا قتلنا من يتكلمون تشتت الرصاصات، وإذا سالمنا من يقاتلون قاتلونا، وداعش فصيل من هذه الفصائل له فكر متطرف لنصرة الإسلام بإثارة الرعب فى قلوب من يعادون الإسلام من وجهة نظرهم، لأنهم يرون أنفسهم يمثلون الإسلام.

• هل داعش صناعة أمريكية؟
- إذا سلمنا بأن داعش صناعة أمريكية وإسرائيلية، فإننا نحاول أن نبرىء أنفسنا، لأن من قاموا بالعمليات الإرهابية من أبنائنا الذين ربيناهم، والغريب هو ترديد الحديث عن مؤامرة أمريكية ضد دول الشرق الأوسط، لأن المؤامرة تتم فى الخفاء، أما خريطتها لتقسيم العالم العربى فهى معلنة، ونشرتها جريدة الأهرام فى الصفحة الأولى، فى مقال بعنوان «حدود الدم» كتبه جنرال أمريكى، وذكر فيه الشرق العربى كما ينبغى أن يكون، وأشار إلى أن حدود الدول العربية تم وضعها بعد الحرب العالمية الثانية، وقد اجتمع الأمريكيون والأوربيون والروس فى «سايكس بيكو»، وقرروا تقسيم إرث الخلافة العثمانية، وتم تحديد أسماء الدول العربية بحدودها الحالية، وأشار فى مقاله إلى أن هذه المنطقه تحارب بعضها البعض على مدى سنوات طويلة، واقترح أن يجمع المتوافقون مع بعضهم من خلال رسم خرائط جديدة للشرق الأوسط، بدأ فيها بالعراق الذى يحكمه السنة وهم أقلية فى ظل غالبية من الشيعة، فإذا حكمت الأقلية الأغلبية حدث الخلاف، ومن ثم طالب بتقسيم العراق إلى سنة وشيعة كل منهم فى دولة منفصلة، ثم استدرك تقسيم المنطقة لتجميع الشيعة من العراق سوريا ولبنان والسعودية فى دولة واحدة، وللأسف سعينا جاهدين لتنفيذ هذه الخطة وليس لمقاومتها، بينما ذكر أحد المؤرخين أن من سيعترض تنفيذ هذه الخطة هى مصر بسبب عدم وجود التمايز السكانى فيها، بالإضافة إلى ما أطلق عليه الميوعة المذهبية التى تعنى عدم التشدد للمذاهب الدينية فى مصر.

هل يمكن القضاء على الفكر الإرهابى؟
- يمكننا القضاء على الفعل وليس الفكر الإرهابى، وذلك برفع شعار رصاصة مقابل رصاصة وكلمة مقابل كلمة، وذلك بمخاطبة ومناقشة الإرهابيين الذين يحملون فكرا إرهابيا ولا يمارسون العنف، فعلينا مناقشتهم دون خوف، وبذلك يمكن تقليص مساحة الفكر الإرهابى المتطرف.

• هل تجديد الخطاب الدينى قد يؤثر إيجابيا فى بعض القضايا الفقهية الشائكة؟
- تطوير الخطاب الدينى يحتاج قواعد وأسسا مكتوبة ليعرفها المجتمع ويلتزم بها، ولكن ذلك غير موجود، فنحن نعرف ما نرفض ولا نعرف ما نريد، ما يدعونا للتساؤل: ما حدود الخطاب الدينى؟ وهل هو منوط به الأزهر فقط أم كل الجماعات الدينية السلفية والإخوان والجهادية؟
وأخشى أن تكون مطالبة شيخ الأزهر بتجديد الخطاب الدينى تضعه فى موضع الحرج، لأننا نطالبه بما لا يستطيع، فالأزهر الشريف ليس له الكلمة الأولى والأخيرة فى التأثير على المواطنين دينيًا، فالمصريون يؤولون الدين كما يرون، ولذلك فدعوة الرئيس لإصلاح الخطاب الدينى ومنها قضية بطلان الطلاق الشفهى التى وجهها للأزهر، كان الأفضل توجيهها لمجلس النواب، لأن بيان الأزهر بوقوع الطلاق الشفهى مع إلزام الزوج بتوثيق الطلاق خلال ٣٠ يومًا أمر غير واقعى، فالأزهر ليس لديه سلطة إجبار المواطنين لتنفيذ قراراته، وإنما المشرع هو الوحيد الذى يملك هذه السلطة.

• هل أدى المثقفون دورهم تجاه الشباب لمجابهة الإرهاب؟
- النُخب المصرية لا تقبل من ينتقد آراءها، وتتهم من يخالفها بالخيانة، ولذلك فالتغيير لابد أن يبدأ من أنفسنا بقبول الاختلاف مع الآخر دون عنف، حتى يستطيع المثقفون التأثير فى الشعب بشكل عملى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق