الخائنون والخائنات

الخميس، 02 مارس 2017 11:50 ص
الخائنون والخائنات
هبه العدوي تكتب

لا أحد يختلف أبدا على جُرم فعل الخيانة، فالخائن لوطنه يُلّقب «جاسوسا».. وغالبا ما نطلق عليه الرصاص.. والخائن لما أئتمنته عليه متطلبات وظيفته يُّلقب «لصا».. وغالبًا ما يُسجن لسنوات طوال.. وهكذا حال كل خائن.. إلا في مسألة «الخيانة الزوجية».. خيانة الميثاق الغليظ.
 
هنا نقف ونلقب الذكر - وليس الرجل -  بالسائر في حدود الله.. مع إن أساس الدين والوجود الإنساني كله هو «تأدية الأمانة».. بكل ما يعنيه مفهوم الأمانة من معنى عظيم.. شامل لمعاني الاحترام وأساسات الثقة ومراعاة الضمير ورؤية الله.
 
بسم الله الرحمن الرحيم 
«إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.. إن الله نعمّا يعظكم به»
صدق الله العظيم 
 
بالفعل حمل «الأمانة» الإنسان.. ولكنه كان في مختلف القضايا الإنسانية، ظلوما جهولا.. ظلوما فخان.. وجهولا فبرر خياتنه بأنها - زيفا وزورا - تقرُبًا إلى الله عزوجل.. والدين برئ من مفهوم الخيانة.  
 
لن أتحدث بين جنبات تلك المقالة عن مفهوم التعدد الذي أحلّه الله عز وجل.. شريطة أن يؤدي الأمانة.. أن تكون بلا خيانة.. أن يحفظ حق شريكته في الحياة التي استحل عشرتها بكلمة الله.. شريطة أن يكون عادلا.. لأن الأمانة والعدل قد سبقوا في القرآن العظيم كل المبادئ الفقهية.. فنبي آخر الزمان صلى الله عليه وسلم  بعثه الله عزوجل ليتمم مكارم الأخلاق.
 
وأي أخلاق تلك التي تُبنى على الخيانة؟؟ 
عزيزي شريك الحياة زوجا وزوجة: 
هل تعلم معنى أن الزواج هو ميثاق غليظ؟؟ 
«ميثاق».. تعني وفاءً وعهدًا ووعدًا كريمًا
غليظ.. «كون عهدك ووعدك مع شريك حياتك أمرًا عظيمًا قويًا»، هو إذن عهدكما مع الله العظيم. 
أيها الإنسان: هل أديت أمانتك مع الله الذي ستأتيه فُرادى؟!
 
فأي مجتمع هذا..
الذي يدخل فيه الشريكان للحياة الزوحية وكلا منهم يحمل سيفًا للآخر خلف ظهره.. 
أحدهم وهو الأنثى يحمل سيفًا من الشك والتخوين والرغبة الدائمة في تأمين المستقبل ماديًا لأنها تعلم أن هناك لحظة ستتفاجأ به في أحضان أخرى.. 
وأما الآخر وهو الذكر فيحمل سيفًا.. ولو «لا واعيا» برمجه عليه المجتمع مفاده.. أنا ذكر أحل لي المجتمع  الوقوع في مستنقع الخيانة.. 
 
كيف يتأتى لهذا الذكر أن يتخلى عن «رجولته» وينساق وراء شهواته دون أي ضوابط أخلاقية تحكم علاقته بمن حوله من نساء قبل أن تنزلق قدمه؟؟
وكأنه بكامل إرادته يغفل الآية الكريمة.
  
بسم الله الرحمن الرحيم 
«قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم» 
صدق الله العظيم 
 
والحقيقة أن الخيانة لا ترتدي زيًا نوعيًا 
فقرآننا العظيم عندما قص علينا قَصَص سيدنا يوسف عليه السلام.. كانت قصة خيانة المرأة وجرح صديقاتها لأيديهن من شدة انبهارهن بسيدنا يوسف عليه السلام.. بل وحديث إمرأة العزيز إليهن عن غريزتها ورغبتها في سيدنا يوسف بمنتهى الإباحية.
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
«وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ»
صدق الله العظيم
 
أليس ذلك جرس إنذار أن الخيانة لا ترتدي زي الذكورة أو الأنوثة؟؟  
بل ترتدي  زي الإنسان الخائن للأمانة.. المستسلم لشهواته دون إرادة.. دون ضوابط.. مدخله لضبطها هي حواسه من نظر وسمع وإحساس وإلخ.. مدخله لضبطها هي عقله وفكره قبل أن تكون أحاسيسه وانسياقه وراء شهواته..
 
اضبط مُدخَلاتك ذكرا أو أنثى.. حتى لا تنزلق قدمك في بئر إجرام الخيانة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
«فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم»
صدق الله العظيم 
 
ما معني مصطلح «زللتم»؟؟
إذا بحثنا عنه في معجمنا العربي وجدنا معناه = «انزلاق»..
 
لماذا يا إنسان تضع قدمك في بداية المنزلق.. ثم تدّعي المفاجأة بأن أسرتك الآن مُهدَّمة.. وأولادك مشردون نفسيا بلا أمان أبيهم ودفء حضن أمهم؟؟  
كل ذلك  لأنك لم تستمع لصوت ضميرك الحر..
 
ولأننا أيضا وبدعوى الحداثة والرأسمالية المتطرفة التي اغتالت الروح ومعها الضمير وكل القيم الأخلاقية - قد أزلنا كل الضوابط.. 
فأصبح الذكر.. يشكو لزميلته في العمل أو غيره، من زوجته.. وهي أيضا تشكو له من زوجها.
 
فبدلا من أن يحلوا مشكلاتهم مع أزواجهم.. يحلوها مع غرباء.. كيف إذن تُحَل؟؟
وَيْحكُم!!
 
طالما كنتم تملكون مهارة الحكي وتوصيف المشكلة ألا تستحون من حكيها لآخر؟؟
 
واتساءل كيف يكون الأسهل أن تحكي ما عرفته عن زوجتك أو زوجك من عيوب  لزميلتك أو لزميلك؟؟
لا أجد إجابة سوى أنه «الجبن الشديد».. وضعف القدرة على المواجهة.. وغياب المصارحة والمكاشفة وميل شخص الخائن للكذب.. والبعد عن مفهوم «الأمانة» وعِظَمها بصفة عامة في الحياة.
 
عزيزي كل مُفَضفِض (ة).. لزميلتك / زميلك.. بدعوى الحداثة:
هناك حدود للاختلاط.. فبالطبع ليست تلك المقالة لما يدعو له متطرفيّ الجهة الأخرى من فصل الذكر عن الأنثى.. بل هي دعوى لإتباع منهج الله في أول وأساس بنائه.. الخلق القويم.. فتصير الإنسانية أرقى.. برقيها للأخلاق الإنسانية «دون مثالية»، ولكن بمعاني «الوسطية» والاعتدال دون فجاجة ولا كبت.
 
هي دعوى لإيقاظ الضمير في العلاقات الإنسانية.. لاتباع الخلق الإنساني المسمى «بالوفاء».. فالعلاقة الزوجية قوامها الثقة.. واحترام ما استحللتموه باسم كلمة الله من بعضكما البعض.
 
فكيف تكشفوا ستر الله عنكم بانتهاككم لخصوصيات بعضكم البعض.. وما رأيتم خلال عشرتكم من عيوب أو نواقص أمام الجميع؟؟ 
 
فلتجهر بألمك/ بمشكلتك مع شريك حياتك.. أو بين يديّ مستشار زواج أو دكتور متخصص في المشكلة التي تواجهك.. لعل الحل موجود أمامك لكنك لا تراه.
 
«مواجهتك» لمشكلتك سيحلها.. بدلا من جلب مزيد منها بدخول آخرين.. لا تدرك من نفوسهم شيئا ولا تملك من وقوعك في الزلل أمرك..
 
أنت حر في الاستماع لرأيي وحر في رفضه.. وأنتِ كذلك.. ولكن ابنك وابنتك هم قوة هذا المجتمع ومستقبله.. ولهذا كانت تلك المقالة
 
ستواجه مصرنا جيلا جديدًا بلا أب ولا أم ولا أسرة 
هو خانها وهي انطلقت تبحث عن لملمة جرحها.. هي خانته وهو أدار ظهره لأولاده مدعيا أنهم فقط أولادها.. وهذا ابن منهار.. وهنا ابنه محطمة.
 
تنظر للمستقبل بعيون سوداء.. فلا وجدوا حضن أسرة.. ولا أحتضنهم يوما مجتمع.. ولا لملمتهم جُدر مدرسة بها معلمون وأخصائيون اجتماعيون يداوون جروحهم الغائرة.. التي أصابتهم في مقتبل أعمارهم فاغتالت برائتهم. 
 
أيها «الإنسان» المُصرّ على الخيانة.. لا ُتلبس إذن خيانتك أي زي إلا زي الإجرام.. وأعلم أن الله لا يهدي كيد الخائنين أبدا.. فحتما سينكشف سترك لأنك أنتهكت ستر نفسك.. بخيانتك لما استخلفك الله عليه..
 
بسم الله الرحمن الرحيم 
«إن الله لا يهدي كيد الخائنين»
صدق الله العظيم
 
فالخيانة جريمة  
ومنذ متى والمجرم – مهما طال به أمد جريمته– سيفلت من عواقبها وعقابها؟؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق