وداعًا طاهر البرنبالي

الجمعة، 03 مارس 2017 02:53 م
وداعًا طاهر البرنبالي
عادل السنهوري يكتب

ارتاح طاهر البرنبالي من مرضه وآلامه وأراح المسؤولين، الذين تهربوا من علاجه، وألقى كل واحد منهم مسؤولية تحمل علاجه على الآخر. مات الشاعر المكافح والكادح والمثقف الحقيقي، الذي لم يحتم بسلطة أو يستظل بظل أحد لتوفير حماية ثقافية واجتماعية له.

صباح اليوم، تلقيت نبأ وفاته بعد أن ظل أيامًا طويلة ملقى في مستشفى التأمين الصحي بالدقي، راقدًا وحيدًا على سرير يكاد يحتوي جسده الهزيل من شدة المرض دون اهتمام كاف بهذا المثقف، الذي نهشه المرض اللعين لكنه تحمل بعزة نفسه حتى لا يتسول علاجه من السادة الوزراء.. ويبدو أن هذا هو مصير المبدعين والمثقفين المكافحين.. إهمال وتخلي وقسوة من الدولة في لحظات الموت.

رحل طاهر البرنبالي، لكن موته إدانة لكل من تخلى عنه في زمن لم يعد للمثقف فيه مكانًا.

قبل موته بأيام زرته في المستشفى أنا والصديق عماد الدين حسين.. كانت حالته الصحية تستحق الرثاء والحزن، لم يشفع له إبداعه وكتاباته طوال ثلاين عامًا في أن ينظر إليه وزير الثقافة، ووزير الصحة، والحكومة بعين العطف والرحمة والإسراع إلى علاجه وإنقاذه من المرض اللعين. 


كان طاهر عبارة عن كومة عضم ووجه شاحب وصوت واهن يرد علينا بالكاد ليبث شكوته من الإهمال والتجاهل وعيون غائرة زائغة وكبد مهترئ يبحث عن متبرع. الغرفة بائسة لا أدمية بالمرة. والمشهد يبعث على البكاء على حال هذا المثقف البديع. حبسنا دموعنا أنا وعماد. فالسادة الوزراء مشغولون بالافتتاحات والمهرجانات ولا وقت لديهم للاهتمام بأحوال المثقفين الفقراء.

الوداع يا صديقي وسامحنا وأعذرنا فنحن في زمن قاسي لا يعرف الرحمة ولا يهتم إلا بالمنافقين والوصوليين. ارتاح يا صديقي بين يدي من يرحم ولا تضيع عنده المظالم.

ستظل أعمالك باقية وأحلامك في وطن يحقق العدل والمساواة ويهتم بالفقراء مؤجلة.
 
ستبقى دواواينك «طالعين لوش النشيد» و«وطفلة بتحبي تحت سقف الروح»، و«طارت مناديل السعادة»، و«طريق مفتوح ف ليل أعمى»، «طلعت ربيع دار الفؤاد»، و«طرطشات الذات والبنات» شاهدة على الحلم.

كتب طاهر للأطفال أعمالًا كثيرة منها، مريم وطيور، الشمس وردة، بحر ومركب، ورد المحبة، زغاليلو، ألوان يا عيال، مراجيح، والبنت الشاطرة، فتافيت السكر وغيرها.

كتب أشعار العديد من البرامج الشعرية لإذاعة البرنامج العام، والعديد من الأغاني للإذاعة المصرية، وكتب أغاني تترات العديد من المسلسلات الدرامية التليفزيونية منها «حياة الجوهري» ألحان ياسر عبد الرحمن، وغناء محمد الحلو، «أيام المنيرة» تتر النهاية، ألحان علي سعد، غناء محمد الحلو، و«الوشم» ألحان إبراهيم رأفت، غناء مها البدري، و«أحزان مريم» ألحان هاني مهنى، غناء نهال نبيل، والعديد من مسلسلات الأطفال والمسرحيات، والعديد من الأغاني للعديد من المطربين والمطربات.
رحم الله طاهر البرنبالي ولن يرحم من أهملوه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة