قبل أيام من قمة الأردن.. 6 عوامل تعيد سوريا إلى أحضان الجامعة العربية (تقرير)
السبت، 04 مارس 2017 11:11 ص
يقترب موعد انعقاد القمة العربية الـ28 في الأردن، المقرر لها 29 مارس الجاري، وما زالت الأزمة السورية لم تراوح مكانها في ظل تضارب مصالح الدول المسيطرة على هذا الملف، الذي صار يمثل استمراره مفتوحا دون حل حاسم؛ خطرا داهما على الأمن القومي العربي وعلى السلام الإقليمي والدولي معا.
ولعل أخطر ما يواجه المنطقة والعالم، هو حالة التمركز التي تزداد رسوخا للجماعات المسلحة كل يوم، خاصة في الأراضي غير الخاضعة للجيش النظامي السوري في وقت لا يرى العالم فيه إلا تنظيم «داعش» الإرهابي.
ورغم الخسائر الفادحة التي مُني بها التنظيم الإرهابي الأخطر في السنوات العشر الأخيرة، فإن الأجواء في سوريا ما زالت خصبة وقادرة على إنتاج بديل جديد ومفاجئ أكثر شراسة، وذكاء وحدة من تنظيم «داعش».
ووسط كل هذه التفاعلات التي تشير إلى أن الأمور في سوريا لن تنتهِ قريبا، في ظل الدعم الذي يلقاه بشار الأسد من روسيا، وإيران، ماديا وعسكريا، وقدرة الدولتين على الاستمرار في تقديم هذا الدعم إلى ما لا نهاية وبخاصة روسيا، وأيضا على ضوء الدعم اللامحدود الذي تتلقاه المعارضة السورية، السياسية والمسلحة، من المملكة العربية السعودية وتركيا سرا وعلانية، ليصبح السؤال المهم، متى تعود سوريا الدولة إلى أحضان الجامعة العربية؟.
ويبدو منطقيا، ونحن على أعتاب القمة العربية الـ28، أن نطرح هذا السؤال، لارتباطه الوثيق بالأمن القومي العربي لما تتمتع به دمشق من وضع جغرافي استراتيجي بالنسبة للمنطقة العربية بأسرها.
6 عوامل للعودة
يرى المراقبون أن ثمة 6 عوامل لا غنى عن تحقيقها حتى يمكن تمهيد الأرض لعودة سوريا للجامعة العربية، ولعل أولها هو تحديد من يمثل سوريا في الجامعة، خاصة أن اختيار المعارضة كممثل نهائي لدمشق بالجامعة لا يرضي القاهرة، بينما اختيار النظام بعد ما ارتكبه الأسد من مجازر، هو غير مرض لعدد كبير من عواصم العالم وفي مقدمتها العاصمة الأكثر إنفاقا على الجامعة العربية «الرياض».
ومن هذا المنطلق، يصبح من الأهمية بمكان، أن تنجح المفاوضات الجارية حاليا، بين المعارضة السورية والنظام الذي يقوده بشار الأسد، حتى يمن الاتفاق على حل سياسي، يعيد سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية، وبالتالي القمة المقبلة بشكل يرضي جميع الأطراف.
رضا الرباعي الدولي
ويقود العامل الأول، وهو إيجاد مخرج سياسي للأزمة، إلى العامل الثاني الواجب توافره، حتى يمكن أن تعود سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهو رضا موسكو، وتابعتها طهران من جهة، جنبا إلى جنب، مع الرياض وأنقرة، عن الحل السياسي المشار إليه أيا كان، إذ إن عدم رضا هذا الرباعي المتحكم في الأحداث على الصعيد الميداني لن يسمح أبدا بهدوء الأوضاع على الأرض، لتمرير الحل السياسي، الذي يعد قلب انفراجة الأزمة.
وتبقى كل من السعودية وتركيا غير قادرتين على تصور أن جهودهما ستضيع هباءً، إذا بقي بشار في السلطة، كما أن موقف الدولتان سيشهد تراجعا هائلا، وسيخسر النظام السعودي ونظيره التركي الكثير من قيمة وجودهما، وتأثيرهما الإقليمي، إذا رضخا لبقاء الأسد، دون حل يخرجهما من المأزق المحرج الحالي.
وعلى الطرف الآخر من النهر، فإن موسكو وطهران، تقفان بالمرصاد لأي حل يزيح رجلهما في المنطقة، وهو بشار الأسد، الأمر الذي يهدد النفوذ الروسي والإيراني في هذه المنطقة المهمة من العالم، ولن يقبل القابع في موسكو أو نظيره القائم في إيران بأي حل لا يحفظ الهيبة القيصرية.
تشابك مروع
ولعل أخطر ما في الأمر، هو ذلك التشابك المروع بين العوامل الأربعة المطلوبة لعودة دمشق إلى الحضن العربي، وهو تشابك يجعل من المستحيل على الإطلاق، أن يتم تحقيق أحد هذه العوامل دون الآخر.
وما يثبت تلك النظرة، أن العامل الثالث المطلوب تحقيقه، هو هدوء الأوضاع على الأرض، ووقف كل الأعمال القتالية، وبما أن القوة العسكرية الكبرى في يد الروس، فإن ذلك غير ممكن دون رضا موسكو، وعلى الطرف الآخر تستطيع السعودية إشعال الموقف مستغلة قدرتها على مد المعارضة بالمال والسلاح، وبالتالي فإن تحقيق السلام الميداني يعد مستحيلا، ما سيكون كفيلا بنسف أي حل سياسي ممكن.
غياب اليانكي
وربما لأول مرة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، منذ الحرب العالمية الثانية، يغيب اليانكي (الولايات المتحدة الأمريكية) عن التحكم ولو في جزء من الأحداث.
واليانكي هو ذلك الوحش الأمريكي الضخم الذي يحكم العالم، منذ أكثر من 75 عاما، والذي خرج من معادلة الأزمة السورية راضيا وبقي متفرجا يكتفي بالتعليق فقط، الأمر الذي أطلق يد الدب الروسي القادر على تحريك الأحداث، لكن دون قدرة على حسمها.
ولعل حرص واشنطن على البقاء بعيدا عن قلب الأحداث، يعد من الأمور المعرقلة للوصول إلى حل للأزمة السورية؛ نظرا لأن باقي أطراف المعادلة لا يملكون ما يتمتع به اليانكي الجالس في البيت الأبيض، وهو قدرته على حشد العالم بدوله ومنظماته لتحقيق هدف واحد، فروسيا يمكنها حماية الأسد باستخدام «الفيتو» أمام مجلس الأمن، لكنها لا تمتلك القدرة على حشد عدد كبير من الدول للتصويت لصالح وجهة نظرها في المحافل الدولية، الأمر الذي يجعل الدب الروسي، وأتباعه غير قادرين على الحسم، رغم قدرتهم على تحريك الأحداث.
الغضب السوري
أما العامل الأخير الذي يتعين تحققه، لكي يمكن لسوريا أن تعود إلى مكانها بالجامعة العربية، هو إيجاد وسيلة فعالة لتخفيف حدة الغضب السوري من الجامعة العربية، خاصة أن هذا الغضب يكتنف طرفي الأزمة (النظام والمعارضة).
وعبرت المعارضة عن غضبها من الجامعة، بتوجيهها الاتهام نفسه الذي يوجهه النظام للجامعة، وهو الاكتفاء بالبيانات، والاجتماعات، دون قدرة حقيقية على الضغط من أجل خلق رأي عربي موحد.
وليس أدل على تنامي الغضب السوري من الجامعة العربية، أكثر من تصريحات الدكتور مهدي دخل الله، وزير الإعلام السوري السابق، الذي شن هجوما حادا على الجامعة، ردا على سؤال حول احتمالات عودة سوريا للجامعة، قائلا: «من قال إن سوريا تريد العودة إلى جامعة الدول العربية؟ولماذا تعود إلى منظمة أضحت آخر من يعلم، وآخر من يفعل؟».
وتزداد صعوبة هذه النقطة تحديدا، إذا علمنا أن دخل الله لم يتردد في اتهام الجامعة العربية بالضلوع في العدوان على سوريا، سواء بالصمت أو بعدم الضغط على السعودية، للتوقف عن دعم المعارضة بالمال والسلاح، خاصة أنه أضاف: «العودة إلى منظمة إقليمية في حالة موت سريري أمر يتطلب قرارا شعبيا عبر الاستفتاء».
الموقف المصري.. سوريا موحدة
يبقى أن نشير إلى أن القاهرة لا تجلس في مقاعد المتفرجين إزاء الأزمة السورية، وإنما هي تريد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وترى تحقيق ذلك مرهونا ببقاء الأسد؛ لأنه إذا غادر السلطة فجأة أو دون تنسيق مسبق، في ظل الحالة الرثة التي صار عليها الجيش السوري، فإن هذا التحرك كفيل بسقوط سوريا إلى الأبد في قبضة الإرهاب، الأمر الذي يجعل مصر متأهبة لرفض أي حلول لا تضمن بشكل قاطع بقاء سوريا موحدة.