«أنا وأخويا على ابن عمي».. سر «توحد» جماعات العنف ضد مصر

الأحد، 05 مارس 2017 06:14 م
«أنا وأخويا على ابن عمي».. سر «توحد» جماعات العنف ضد مصر
مظاهرات الإخوان في رابعة- أرشيفية
تحليل- محمد الشرقاوي:

مرحلة «جلية» شهدتها مصر في أعقاب الاستفتاء على تعديلات الدستور مارس 2011، من تحركات سياسية قوية وإعادة فرز للحركات ذات الأيدلوجية الدينية- ممثلة في جماعة الإخوان الإرهابية والتيار السلفي بكل فصائله (الدعوي والتكفيري الجهادي)- التي نجحت وقتها في الحشد الديني وتعبئة عناصرها إلى صناديق الاقتراع.
 
مطلع 2017.. نشر مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية دراسة بعنوان «تحولات الخريطة السياسية في مصر بعد ثورة يناير»، قالت إن التيار الإسلامي اعتبر النتائج التي حققها بعد الثورة، بدءًا من هذا الاستفتاء ثم الانتخابات الرئاسية ٢٠١٢، ومرورًا بأول انتخابات برلمانية بعد نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بأنها ليست سوى النتيجة «الموعودة» للصراع الطبيعي بين الإسلام وغيره من الأيديولوجيات السياسية الأخرى (العلمانية، الليبرالية، الشيوعية)، وأن هذه النجاحات المتتالية ما هي «التمكين الموعود» من الله للمؤمنين في الأرض، ونصره «للطائفة المؤمنة» على غيرهم من الطوائف غير المؤمنة.


الضرورات تبيح المحظورات 

وفقًا للأدبيات الدينية لتلك الجماعات، وبالتحديد في علاقة التيار السلفي بالإخواني، فإن العداء بين تلك الجماعات قديم، فالتيار السلفي يحمل بين جنبيه كرها شديدا لـ«الإخوان الإرهابية»، فهو يرى أنها تتبنى فكرًا استسلاميًا وانهزاميًا ومعارضًا للأنظمة العربية، في حين أن التيار السلفي الجهادي يعتمد في بعض نظرياته العدائية على فكر الإخواني سيد قطب، إلا أن التغير السياسي على الساحة أوجب على ممثلي التيار الديني إحداث توافقات ومصالحات للوقوف في وجه الدولة المدنية، أسمته المراكز البحثية «فقه الضرورة»، التمثيل الفعلي له في عبارة «الضرورات تبيح المحظورات»، فتوافق تلك الجماعات كان بمثابة المحظور الذي لا يقترب منه أحد.
 
الجماعة الإرهابية وجدت الساحة أمامها مفتوحة بعد يناير، ولأنها لا تمثل أغلبية التيارات الدينية، تحالفت مع السلفيين بتياراتهم للاستيلاء على البرلمان والسلطة، فنجحوا في ضم ممثلي السلفية العلمية (الدعوة السلفية)، التي أنشأت حزب (النور)، كذلك إحداث توافق مع التيار المتشدد الجماعة الإسلامية، والتي أنشأت هي الأخرى أحزابًا سياسية تمثلت في (الأصالة- البناء والتنمية)، مقابل امتيازات تحصل عليها في حال وصول الإخوان للحكم. 
والمقابل الإفراج عن عقول الإرهاب في السجون المصرية والسماح لحركات العنف بالتمدد في سيناء، والسماح للدعوة السلفية وذراعها السياسي بالحصول على مناصب وزارية بخلاف البرلمانية، غير أن حكم المحكمة الدستورية بتاريخ 14‏ يونيه 2012، عصف بالأغلبية الدينية خارج البرلمان، وحل المجلس.
 

أصدقاء الأمس.. ومواجهة الدولة 

مع تزايد حدة الغضب الشعبي على الجماعات الدينية أسقط الشعب في عام 2013 حكم الجماعة، وعزل رئيسها محمد مرسي، ونجح في القبض على قياداتها في السجون، غير أن البعض الآخر لجأ إلى الاعتصامات المسلحة (رابعة والنهضة) في محاولة للرجوع، ونجحت الإرهابية حشدهم أصدقاء الأمس، وأعلنوا تبنيهم للعنف، وكان التصريح الأشهر للإرهابي محمد البلتاجي «اللحظة اللي يرجع فيها مرسي للقصر هيتوقف الإرهاب في سيناء»، وهو ما أكد احتمالية أن هناك تنسيقا قويا مع تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن مبايعته لـ«داعش» فيما بعد.
 
وعلى هامش الاعتصامات نشبت مواجهات مسلحة ارتفعت وتيرتها مع فض الاعتصامات، ووجد أتباع التيار السلفي العلمي نفسهم في مواجهة الدولة- وهو ما يخالف عقيدتهم- فانسحبوا من تلك الاعتصامات وأعلنوا الانصهار داخل المجتمع، ولم يتبق بجوار الإخوان سوى الجماعة الإسلامية والإرهابيون في سيناء.
في تلك الفترة تمكن الكثير من قيادات الجماعة الإرهابية من الهروب إلى تركيا وقطر وليبيا والسودان، وكان الهاربون من جميع الأطياف «إخوان، جماعة إسلامية، أنصار بيت المقدس»، إلا أن ليبيا كان لها نموذجًا خاصًا من تلك التحالفات.
 
ومع نجاح القبضة الأمنية في فض الاعتصامات وتعقب الإرهابيين على مدار 4 أعوام ماضية، نجحت في تفكيك تلك التحالفات في الداخل، وهو ما حدث مع الجماعة الإسلامية بالداخل، التي أعلنت المصالحة مع الدولة وعدم العودة للعنف مرة أخرى، وهو ما ظهر في خروج أكثر قيادتها من السجون، ومع الوقت تبين التحاق عناصر إخوانية بتنظيمي داعش وأنصار بيت المقدس الإرهابيين، وعن تشكيل خلايا نوعية مسلحة، لتدخل الجماعة الإرهابية مرحلة من التحالفات الضرورية لتظل في مواجهة الدولة.
 

التحالفات في الخارج  

في تقرير نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» للكاتب الصحفي عبدالستار حتيتة المتخصص في الشأن الليبي، قال إن المتشددون المصريون الذين فرّوا إلى ليبيا عام 2013، عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، كانوا عدة مئات من العناصر الإخوانية وغير الإخوانية الموالية لمرسي، واستقر المقام بهؤلاء في مدينة درنة الليبية التي تقع على بعد نحو 300 كيلومتر من الحدود المصرية.
 
وأضاف «حتيتة»، أن الضربات الأمنية الواسعة ضد تنظيم «أنصار بيت المقدس» أدت إلى فرار المئات منهم عبر عدة طرق؛ الأول من سيناء إلى قطاع غزة المجاور حيث يوجد هناك خليط آخر من جماعات متشددة، والثاني، إلى الحدود مع ليبيا، ومنها إلى مدينة درنة التي كانت في ذلك الوقت من عام 2014، معقلاً لتنظيم «أنصار الشريعة» الليبي الموالي لتنظيم القاعدة، مشيرًا إلى أن غالبية المصريين والمقدر عددهم بنحو 300 مقاتل وعشرات الدعاة المتشددين، وجدوا لهم ملاذًا في مدينة بنغازي تحت رعاية قائد تنظيم «أنصار الشريعة» في المدينة.
 
وتابع «حتيتة»، على لسان أحد المنظرين السابقين لتنظيم «القاعدة في ليبيا»، أن ما يمكن تسميته بـ«فقه الضرورة» بين «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان» في ليبيا، هو السبب في العودة لتجميع المقاتلين المتشددين المصريين ومحاولة الاستفادة، مشيرًا إلى أن غالبية البارزين من هؤلاء من «أنصار بيت المقدس» الذين انتهى بهم طريق الفرار من سيناء إلى طرابلس، مرورا بعدة مدن ليبية، ودول بالمنطقة على خصام مع مصر.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة