تاريخ العلاقات المصرية الفرنسية

السبت، 10 أكتوبر 2015 03:27 م
تاريخ العلاقات المصرية الفرنسية

تشهد العلاقات المصرية الفرنسية في الفترة الأخيرة حالة من التوطد وتحسين العلاقات بين البلدين في كافة المجالات سواء على المستوى الإقتصادي أو السياسي أو الإجتماعي ما يزيد من تقارب الأفكار وتبادل الخبرات واكتساب دعم خارجي من أحد الدول الكبرى في العالم مما يساعد على الانفتاح الإخراجي وتبادل المصالح المشتركة في كافة السبل، لذا تسلط «صوت الأمه» الضوء على تاريخ العلاقات المصرية الفرنسية وشكل العلاقة حاليًا.

تتميز العلاقات المصرية الفرنسية بتعدد الركائز والمقومات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والصناعية والثقافية والسياحية والعسكرية والأمنية، التي تتيح للبلدين إقامة علاقات بناءة مثمرة تقوم على التعاون المشترك، تمثل نموذجاً متفرداً لعلاقات مصر بدولة رئيسية في الاتحاد الأوروبي.

ولعل ما تمر به منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الحالية من تداعيات خطرة تؤثر على استقرار وأمن المنطقة، وتلقى بانعكاساتها السلبية على القارة الأوروبية، يمثل دافعاً هاماً وحيوياً لتفعيل التشاور والتنسيق بين مصر، ودولة هامة ذات ثقل في المنظومة الأوروبية والدولية، فضلاً عن سعي مصر الدائم في مرحلة العبور نحو مستقبل واعد، لتفعيل علاقات التعاون مع دولة بحجم فرنسا، تتميز بالقدرات الاقتصادية والصناعية والفنية العالية.

ولا شك أن مصر تدرك مدى ولع الشعب الفرنسي بالحضارة المصرية القديمة، وبثقافة الشعب المصري العريقة، وتدرك أيضاً مدى أهمية فرنسا المتقدمة القوية لمصر.

ولهذه الأسباب، فقد شهدت الفترة السابقة تميزاً في تفعيل التشاور على جميع المستويات، والإستمرار في بناء علاقات التعاون المشترك، تأكيداً على الأساس المتين الذي بنيت عليه هذه العلاقات عبر عشرات السنين مضت، وتعبيراً عن إدراك متبادل بين قيادتي وحكومتي البلدين بأهمية إعطاء زخم متزايد لتقوية العلاقات، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين، وهو ما نتناوله من خلال المحاور.

العلاقات السياسية:.

يشهد التاريخ الحديث تفعيل علاقات التعاون المثمر والبناء بين مصر، خلال حقبة الرؤساء (عبدالناصر، والسادات، ومبارك، والسيسي) وفرنسا منذ عهد الجنرال ديجول، مؤسس جمهورية فرنسا الحديثة، مروراً بفترة حكم الرؤساء: ديستان، ميتران، شيراك، ساركوزي، أولاند.. علاقات اتسمت بالدفء والعمق الدائم، وبدت دائماً نموذجاً متميزاً لعلاقات تعاون تقوم علي الاحترام المتبادل، والفهم الواع لكافة التطورات الإقليمية والدولية، فضلاًعن تشعب علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني علي المستوي الثنائي.

وقد كانت هذه العلاقة امتدادًا لتاريخ طويل من الشغف المصري الفرنسي منذ الحملة الفرنسية على مصر والتي يعتبرها الأديب طه حسين، الطريق الذي رغم عنفه قد ايقظ مصر وكان بداية دخولها العصر الحديث بعد 3 قرون من الظلام الذي فرضه عليها حكم المماليك والأتراك، كما اعتبر أن العامين اللذين قضاهما الفرنسيون في مصر لم يكونا مجرد احتلال عسكري وإنما كانا عامين تميزا بخصوبة رائعة بالنسبة للعلم والعقل.

ويعدد طه حسين مظاهر هذه الخصوبة فيشير إلى انشاء المجمع العلمي المصري، مجموعات العلماء الذين رافقوا نابليون والذين عادوا بوصف مصر وبكل المعلومات التي مكنت شمبليون فيما بعد من اكتشاف مصر القديمة، وإذا كانت نهضة مصر الحديثة ترتبط بمحمد علي وعصره، فإن طه حسين يربط مشروع النهضة كما تصور محمد علي بالذكاء الفرنسي والذي كان محمد علي لجأ إليه لبناء هذا المشروع والذي لم تكن مصر في ظل محمد علي ان تتحقق شيئا بدونه، الأمر الذي جعل طه حسين يجعل من فرنسا محمد علي مقصد البعثات الطلابية المصرية التي أرسلها الي فرنسا والتي بدأت مع عام 1826 - 1827، والعلماء الفرنسيين الذين ذهبوا إلى مصر أثناء محمد علي والذين عملوا كمستشارين للمصرين في كل ما يتعلق بالذكاء الفرنسي وإنما امتد الي ما هو ابعد من ذلك فمصر اذا ارادت أن تنشئ مدارس او تنشئ جامعة وهيئة علمية أو أن تجدد حياتها في أي فرع من الفروع اتجهت لفرنسا.

العلاقات الاقتصادية:.

تشهد العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وفرنسا نمواً ملحوظا منذ بداية الثمانينات وتعتبر فرنسا من أهم المستثمرين في مصر وأحد أهم الأسواق التصديرية للمصدر المصري.

وفي 29/12/2014 تم توقيع بروتوكولًا للتعاون المالي بين مصر وفرنسا بمبلغ 7.150 مليون يورو لتمويل إحلال أنظمة الملاحة بمطار طابا لصالح وزارة الطيران المدني.

وأشادت نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي، بالدور الذي تلعبه فرنسا في تمويل مشروعات تنموية هامة في مصر وفقًا لخطة الإصلاح المصرية، مشيرة إلى أن مصر حصلت منذ عام 1974 حتى 2008 على ما يقرب من 27.9 مليار فرنك فرنسي، بالإضافة إلى 755.75 مليون يورو، من خلال 40 بروتوكولًا لدعم التنمية الإقتصادية في مصر وتمويل مشروعات في مجالات النقل، والصناعة، والكهرباء، والطيران المدني، والإسكان، والصحة والزراعة والتعليم.

كما أشادت الأهواني بحجم الاستثمارات الفرنسية في مصر حيث بلغ عدد الشركات الفرنسية حوالي 646 شركة فرنسية برأسمال 6.7 مليار دولار، وكذا إلى حجم التبادل التجاري الذي وصل إلى حوالي 3.1 مليار دولار في 2013.

التعاون العسكري:.

في 16/2/2015 حضر الرئيس عبدالفتاح السيسي مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجال التسليح بين الجانبين المصري والفرنسي والتي ستقوم بموجبها فرنسا بتوريد 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال وفرقاطة متعددة المهام من طراز فريم لمصر، فضلاً عن تزويد القوات المسلحة بالأسلحة والذخائر اللازمة للطائرات والفرقاطة.

اختتم التدريب البحري المصري - الفرنسي المشترك (كليوباترا 2014) الذي بدأ فعالياته في الفترة من (25 مايو 2014 إلى 10 يونيو 2014) والذي نفذته القوات البحرية المصرية بالتعاون مع القوات البحرية الفرنسية للمرة الأولى في المياه الإقليمية الفرنسية.

وقد اشتمل التدريب على أعمال الإستطلاع للأهداف البحرية المعادية وتنفيذ عدة تشكيلات بحرية أظهرت مدى قدرة الوحدات البحرية المشاركة على إتخاذ أوضاعها بدقة وسرعة عالية، وقامت القوات البحرية المصرية والفرنسية بتنفيذ الرماية بالذخيرة الحية لصد وتدمير الأهداف السطحية والجوية المعادية وتأمين الوحدات البحرية بإستخدام أسلحة المدفعية والدفاع كما تم التدريب على الإمداد والتزود بالوقود بالبحر وإجراء بيانات عملية على تعرض الوحدات البحرية للمواقف الطارئة ابرزت القدرة العالية على تنفيذ المهام بكفاءة عالية وبمعدلات قياسية، والتدريب على عمليات البحث عن الغواصات المعادية بالإستعانة بطائرات الهليكوبتر وتنفيذ الطلعات الجوية ليلاً لإكساب القوات القدرة على تنفيذ العديد من المهام تحت مختلف الظروف.

وفي نهاية المناورة، أشاد الجانبان بالمستوى الراقي للقوات البحرية لكلا الدولتين اللتان تربطهما أواصر الصداقة والتعاون مما يحقق الاستفادة المرجوة خلال مراحل التدريب المختلفة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق