عملية «ترقيع» جمال مبارك!

السبت، 11 مارس 2017 02:42 م
عملية «ترقيع» جمال مبارك!
عنتر عبد اللطيف يكتب

«النوستالجيا» دائمًا لاتحمل ذكريات جميلة، فالإنسان يحن إلى الماضي بدرجات متفاوتة، وهي حقيقة يدركها من أعتاد الألاعيب السياسية، ورسم الخطط في جنح الظلام.

يصفون في الصعيد الشخص الذي يعتاد على إثارة المشاكل أينما حل بـ«غراب البين»، ينفرون منه، ويتحاشونه قدر الإمكان لكنه - الغراب - لا يعبأ بذلك، يطاردهم في أتراحهم، ويقحم نفسه في أفراحهم، لكنه يظل منبوذًا، مطرودًا تلاحقه لعنات الجميع.      

في رومانيا وعقب اندلاع ثورتهم في 16 ديسمبرعام 1989 شكل «إيون إيليسكو»، وهو أحد أتباع الديكتاتور «شاوشيسكو» عقب إعدام الأخير جبهة كان جل همها مدح الثورة، وسرعان ما انقض عليها مستخدما آلة دعاية ضخمة نشرت الأكاذيب والفزع والرعب، ليعود النظام إلى سدة الحكم، فهل يسير مبارك على نفس طريق «إيليسكو»؟، والذي يعد أول رئيس لرومانيا بعد إسقاط نظام نيكولاي تشاوتشيسكو!.

السطور الماضية كان لابد منها لطرح السؤال الآتي، والذي يشغل ذهن غالبية المصريين هذه الأيام وهو «من يقف وراء الظهور المتكرر لجمال وعلاء نجلي الرئيس المخلوع مبارك، ولماذا في هذا التوقيت؟»، حيث يضج الناس وتتعالى نبرات احتجاجهم من ارتفاع الأسعار، واختفاء بعض أنواع الأدوية واشتعال فواتير الكهرباء والمياه وأزمات عديدة أثرت بالفعل على مستوى معيشتهم، منها تدني الأجور، وقلة فرص العمل، وجشع التجار، فضلًا عن تحديات كبرى تعمل الدولة على تجاوزها، من قبيل سد النهضة، ومحاولة استعادة دور ومكانة مصرإقليميًا ودوليًا وغيرها، ومن يقف خلف محاولة ترقيع جمال سياسيا وهو المعروف بشرهه، وتطلعه إلى الحكم، عكس شقيقه علاء، الذي قيل أنه زهد السلطة في زمن والده، واتجه إلى جمع الأموال في بيزنس غامض تشابكت خيوطه مع كبار داخليًا وخارجيًا!.

إلى من نوجه أصابع الاتهام في محاولة «ترقيع جمال مبارك سياسيا» وآخرها ظهور نجل المخلوع في حفل زفاف «كريم حسين» أدمن صفحة «آسفين ياريس»، لإعادة تقديمه فى صورة «المخلص» إلى المصريين، وإن كان من حقهم أن يظهروا في المجتمع لتأدية واجب عزاء أو حضور فرح، فهم لم ولن يفعلا ذلك لوجه الله والوطن، بدليل ظهورهم النادر قبل ثورة 25 يناير، وتعاليهم على الشعب، فمن المرات القليلة التي شهدت ظهورهم على الملأ، بعض المناسبات الرياضية فضلًا عن نشاط جمال مبارك فيما سمي بـ«لجنة السياسات»!

إدانة نجلي المخلوع في قضية القصور الرئاسية، تعنى حرمانهم من مباشرة حقوقهم السياسية، وهو ما يقطع طريق اعتزام أحدهم خوض انتخابات الرئاسة المقبلة، ولكن هذا لم يردعهم عن دغدغة مشاعر أتباعهم بظهورهم المتكرر، فهم يراهنون على ما قد يحمله الغد من مفاجآت ليست في الحسبان.

إذا كان القانون يمنع ترشح نجلي مبارك لانتخابات الرئاسة، فلماذا يصران على تجميل صورتهم القبيحة في نظر المصريين، وما الطائل من وراء ذلك، وهل يفعل أبناء المخلوع ذلك كنوع من محاولة رد الاعتبار إلى أنفسهم، بعد جرجرتهم في المحاكم بتهم فساد مالي، وهم اللذان كانا يحكمان مع والدهما بلدًا بحجم مصر ويتحكمان في مصائر شعب صبر على تجاوزاتهم ردحًا من الزمن، ليطيح بالأسرة الحاكمة في ثورة 25 يناير 2011.

الدعاية السياسية- طبقا للعلوم السياسية- «هي محاولة التأثير علي الرأي العام وعلى سلوك المجتمع أو المجتمعات، وهي اللغة السياسية الموجهة للجماهير والتي تستعمل رموز وكلمات خاصة وهدف دعائي للتأثير على موقف الجماهير إزاء قضية أو قضايا معينة»، ما يعنى أن ما يفعله «الأخوان مبارك» مقصود، وهناك عائد يرجى من وراءه ظهورهم المتكرر والمريب، فهناك من يدعمهم ويقف خلفهم بقوة، ربما من أصحاب مصالح، وربما أجنحة ما، أو جماعات ضغط كبرى غير ظاهرة للعيان.

الواقع يقول أن ظهور علاء وجمال مبارك لن ينتقص من شعبية الرئيس «السيسي» لأن شعب مصر العظيم  ثار في الأساس على حكم المخلوع «مبارك»، ثم أصلح «خطيئة الثورة» بالإطاحة بالإخوان في 30 يونيو 2013، ليعتدل المسار ويكتمل بانتخاب الرئيس السيسي في نهاية المطاف رئيسا لمصر، وهو الجزء الأول الذي نجح باقتدار في خطة استعادة مصر المختطفة من قبل الجماعات الإرهابية برعاية قطرية تركية صهيونية، ليعمل الرئيس ورجال معه على محاولة إصلاح ما أفسدته الجماعة الإرهابية وغيرها من قوى انتهازية، لتعود مصر لتتبوأ من جديد مكانة تستحقها دوليا وعربيًا.

عودة أبناء المخلوع لتصدر المشهد السياسي لعب بالنار، ومحاولة خبيثة لبث الفرقة في جسد وطن يتعافى من أمراض حقبة المخلوع مبارك، وعلينا أن نحاذر قبل انفراط حبات العقد من بين أيدينا، فالمعارك الجانبية لن تدفع قاطرة التنمية إلى الأمام، والنظر إلى الوراء يستنزفنا في معركة خاسرة لن تعود على الوطن بالنفع.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق