الكارت الذهبي لـ«نهب الدعم»

الأحد، 12 مارس 2017 11:56 ص
الكارت الذهبي لـ«نهب الدعم»
صبرى الديب يكتب

لا أجد مبرر للثورة العارمة التي انتابت البعض لمجرد تصدي علي المصيلحي وزير التموين لبؤره من بور الفساد وسرقة المال العام، وتصوير الأمرـ على عكس الحقيقةـ على أنه موجه ضد الفقراء، على الرغم أن من ثاروا ضد القرار ـ هم أنفسهم ـ من ينتقدون تراخي الدولة في مواجهة الفساد ونهب المال العام.
 
ولعل الغريب في الأمر، أن ما فعله الوزير علي المصيلحي كان واضحا ولا يعكس تجاوزا في حق الفقراء، ولكنه مجرد إغلاق لمصدر من مصادر سرقة ونهب الدعم، تذهب بنحو مليار جنيه سنويا دون حق، إلى جيوب قطاع من معدومي الضمير من أصحاب المخابز، يحصلون عليها من خلال الاستغلال السيئ للكارت الذهبي، الذي خصصته الحكومة لإتاحة الفرصة لمن لا يمتلكون بطاقات تموينية من الحصول على الخبز المدعم، مثلهم مثل من يمتلكون بطاقات تموينية، التي كان بوجبها يتم تسيل 4 ألاف رغيف من كل مخبر يوميا لهؤلاء الفقراء، إلا أن الحقيقة أن كان يتم التحايل على الآمر ولا يتم إنتاج هذه الكمية من الأساس والاستفادة بفارق إنتاجها مباشرة إلى جيوب أصحاب المخابز.
 
ولا اعتقد أن هناك منصف، أو محب لوطنه، أو كاره للفساد، من الممكن أن يقف ضد ما اتخذه «المصيلحي» من قرارات، إلا إذا كان يعارض من أجل المعارضة، أو يهدف إلى عدم الاستقرار وتهييج الرأي العام، وتصوير الأمر للبسطاء ـ على غير الحقيقة ـ أنه اتجاه من الدولة لإلغاء أو تقنين الدعم
والكارت الذهبي باختصار، هو بطاقة الكترونية يحصل عليها صاحب المخبز من مديرية التموين التابع لها، ويتضمن عدد من الأرغفة، تترواح من 1000 إلى 4000 رغيف، بهدف صرفهم للمواطنين الذين لا يحملون بطاقات إلكترونية، أو لديهم بطاقات متوقفة، حيث يتم ربطهم على المخابز لصرف الخبز.. وحتى قبل قرار الوزير منذ أيام بتخفيض الحصص المربوطة على هذه الكروت، كان يصل حجم المنصرف بموجبها على مستوى الجمهورية يوميا إلى نحو 6 ملايين رغيف، تصل تكلفتهم اليومية إلى نحو 3.6 مليون جنيه، من خلال 20 ألف مخبزا بمختلف مدن وقرى مصر.
 
ولك أن تتخيل أن تكلفة إنتاج الرغيف الواحد بعد تحرير سعر الصرف يصل إلى  60 قرشًا، في حين يقوم أغلب أصحاب المخابز باستخدام هذه الكروت بشكل وهمي وتوجية فارق إنتاج الـ 6 ملايين رغيف فى 60 قرشا للرغيف الواحد، التي تصل إلى 3.6 مليون جنيه يوميا تذهب جميعها إلى جيب أصحاب المخابز بشكل مباشر، دون ان يكون للفقراء نصيب فما خصصته لهم الدولة، سوى في أضيق الحدود.
 
وما اكتشفه الوزير بكل وضوح وشفافية، أنه بعد حصر عدد المواطنين الذين لديهم بطاقات ورقية، وبطاقات إلكترونيه معطلة، الذين تم ربطهم على المخابز  البلدية لصرف الخبز من خلال الكارت الذهبي، أن ألاقصى لهذه الكروت يجب ألا يزيد عن 500 رغيف يوميا فقط لكل مخبز، وليس 3 و 4 ألاف رغيف، كما هو متبع، بدليل أن الثورة المفتعلة هدأت وانتهت بمجرد رفع حصة الكارت الذهبى إلى 1000 رغيف فقط، بعد القرار بتخفيضها إلى 500 رغيف.
 
أؤكد أن القضاء على الفساد ليس بالآمر الهين، وأن كل مافيا تستفيد من سلعة أو سرقة مال عام على حساب الشعب المسكين ـ لن تصمت في مواجهة أي قرار في مواجهاتها ـ  وأنه يوجد للأسف المئات من المعارضين من أجل المعارضة، ومحبي الظهور، والشباب الذي يدعي الثورية، ينساقون دون تفكير أو وعي للثورة ضد قرارات الإصلاح، على الرغم من أنهم جميعا يتبنون الدعوة إلى الإصلاح والتصدي للسرقة والنهب والفساد.
 
أؤكد أن «المصيلحي» لم يخطئ، وأنه وقف ضد فساد، إلا أن مدعى الثورية أثاروا الفقراء تحت زعم إلغاء الدولة للدعم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق