موسم الحج إلى القاهرة.. لإخماد بركان الخراب الليبى

الأحد، 12 مارس 2017 09:54 م
موسم الحج إلى القاهرة.. لإخماد بركان الخراب الليبى
عبد الفتاح علي يكتب

الحراك المصرى نحو الغرب واجه صعوبات تصل إلى حد المؤامرة، وعقبات تصل إلى حد الخيانة، فرفضت أمريكا، استكمال الدور المصرى لاحتواء بركان الكوارث الليبية، وتآمرت إيطاليا لنسف أى خطوة نحو الحل السياسى، وتغاضت ألمانيا عن العبث التركى والقطرى فى بلاد عمر المختار.
 
حتى الحليف الفرنسى، ضغط بدوره على القاهرة كى تتوقف عن إزعاج العالم بلملمة البعثرة الليبية، لأن العالم سبق وأن وضع سيناريو الفوضى الليبى بإحكام، كجزء من مشهد عام تجتمع فيه الغربان على أطلال الشمال الأفريقى من البحر الأحمر وحتى المحيط الأطلسى.
 
وبإمكانيات تكاد لا تذكر، وبمراقبة عالمية تكاد تخنق، ظلت القاهرة تحتوى الغضب العالمى، فى الوقت الذى تبعد عن أمنها القومى لهيب حمم البركان الذى لا يتوقف عن بث سمومه.
 
وبعد أن صمدت السياسة الخارجية المصرية أمام عملية الغربان، حدث التغيير الذى لم يكن أحد يتوقعه، وبدلا من البركان الليبى، خرجت حمم اليمين فى الدول الغربية، تعيد صهر العالم بعشوائية منقطعة النظير.
 
فسقط مايسترو عملية الغربان، وارتبكت الدول التى كانت تسعى لإرضائه وتجنب غضبه، فاستدارت جميعها مائة وثمانين درجة، تشيد بالموقف المصرى، ورويدا رويدا ينحنى ظهرها لرفع قليل من العقبات، وبعض الألغام الموضوعة فى طريق الحل المصرى.
 
أدرك الأوروبيون جميعا هذه المرة أن القاهرة وحدها بيدها أغلب أوراق الحل المزدوج، الذى يحمل السم وترياقه، يحمل السلاح بيد والأخرى ممدودة بالسلام، القوة العسكرية تتحرك وتفرض الاستسلام على من يرفع السلاح، والقوة السياسية تتحرك وتفرض السلام على من يرغب فى عودة الاستقرار.
 
تعتبر مصر أن الجيش الليبى الذى يقوده المشير خليفة حفتر، يقاتل نفس الشيطان الذى يتمثل فى جماعة «أنصار بيت المقدس»، والتى ذبحت المواطنين المصريين العاملين فى ليبيا.
 
إبان حكم الإخوان كانت ليبيا مصبا لنهر الدم المصرى والعربى، لكن فى العهد الجديد عادت من جديد لصلب الأمن القومى المصرى، وتأمل القاهرة أنه وكما عجّل الشعب المصرى بسقوط الإخوان ومن خرج من عباءتهم فى أرض الكنانة، أن يعجل الشعب الليبى بطرد الشيطان من بلادهم، بعد أن يجدوا فى جيش بلادهم الملاذ، والأمان.
 
منذ أيام كانت القاهرة تستقبل وفد الفرقاء الليبيين، وهى خطوة ليست الأولى من نوعها، لكنها اكتسبت طابعا خاصا كون الاستقبال جرى تحت رعاية رئيس أركان الجيش المصرى الفريق محمود حجازى، المسئول عن الملف الليبى.
 
وإن صحت المعلومات المسربة من هذا الاجتماع، يصبح للزيارة بعد آخر، لأنه وفى كل الأحوال، الزيارة بحد ذاتها إشارة مؤكدة، لإمكانية الحل، الذى تعرف القاهرة جيدا أنه ليس سهلا، لكنها مدركة تماما أنه ليس مستحيلا.
 
فلأول مرة يجمع حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطنى فايز السراج، مكان واحد، صحيح أنهما لم يلتقيا فى غرفة واحدة، لكن الأفكار اقتربت، وأقنعت السراج، أن الدعم الوحيد الذى سينقذ ليبيا من الغرق فى بحر الرمال هو الدعم المصرى، وأن بقية الدعوم، تجعل من المدعومين أوراقا هشة، فى لعبة الخراب.
وأدرك السراج أخيرا، أن دعم مصر للجيش الليبى هو الذى جعل الشرق يرفع رأسه، مقاوما للإرهاب وتجار الدين، ومرتزقة الخراب، الذى يغرق فيهم الغرب حتى أذنيه.
 
دعم مصر لـ«حفتر» لا يتجاوز الحدود اللوجستية والسياسية، بسبب الحصار الدولى على تسليح الجيش الليبى، وهو ما ترفضه مصر دوما، لكنها مجبرة على احترام القانون الدولى (القاصر).
 
بين السطور هناك قصص وحكايات لا يمكن سردها لكنها تبعث على يقين واحد، أن منطقة الهلال النفطى الليبى ستعود، وأن الغرب القابع فى الخلافات والحروب الأهلية سيرفع الراية البيضاء، وسيحج الفرقاء المتحاربون إلى القاهرة، بعد أن أمسك ممولو الخراب دولاراتهم، وتجارة السلاح القديم على وشك النفاد، بفعل فاعل عبقرى.
 
ابن الصخيرات، الذى حاول ابتزاز حفتر بزعم أنه لم ينتهز فرصة لقاء القاهرة، يدرك الآن أكثر من ذى قبل، أن زيارته القادمة للقاهرة ستكون فرصته هو الأخيرة ليكون جزءا من الحل، بدلا من كونه مجرد قناع للأزمة.
 
القاهرة لديها صيغة سياسية، يكون حفتر فى قلبها، لأنه الرمز الوحيد المتبقى للم شمل الليبيين، بعد أن تنضم قوات «البنيان المرصوص» للجيش الليبى.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق