الكتابة لـ «داعش» لا تغني عنك صغيرتي

الثلاثاء، 14 مارس 2017 05:21 م
الكتابة لـ «داعش» لا تغني عنك صغيرتي
محمد الشرقاوي يكتب:

من كثرة حديثهم عن الدماء والعنف أخذ الجميع عن صحفيي الإسلام السياسي طابعًا أنهم لا يعرفون معنى للحياة ويجهلون تفاصيلها الجميلة، وأن الحب لم يدق لهم باب، الحقيقة أن ذلك غير صحيح، فهم بشر عاديون، وقع البعض منهم فريسة لتخصصه وارتسمت على وجهه ملامح البؤس، لكن البعض الأخر لا يزال قلبه ينبض بالحب.

أثناء تصفحي لمذكرات زميل متخصص في شئون الإسلام السياسي، وجدت تلك الرسالة بعنوان: «الكتابة لداعش لا تغني عنك»، وأتبعها: «الكتابة لداعش لا تغني عنك صغيرتي، أعلم أنكي مللتي من حديثي عن مصاصي الدماء، وأن حياتي باتت بين حبك والدراسة عن جماعات العنف، مع أني لست بباحث ولا دارس، لكني أنظر إلى السماء حيث عينيك والمجد».

«الحقيقة أن حبك لم يكن الأول في حياتي، بل هو الأخير الذي لم يسبقه شيء. كل تلك الأحاديث عن تعلقي بفتيات ما هي إلا ترهات وأحاديث صبي مراهق، رفع عنه القلم، وجد ضالته في عينيك أنتي، فابيض وجه وازدهرت بساتين قلبه وأصبح يغدو لا يروح في سلالم عشقك».

«نعم الحديث عن داعش لا يغني عنك، وذلك لعدة أسباب، أولها أنك الفتاة التي تغار ولا تقبل منافس ولا منازع، وأنكِ من جعلتي من بلاد لقهر والكبت وطن، وجعلت من المدينة التي شبعت من الموت جنة، يمرح فيها الصبيان وتصهل فيها الخيول، هي لأنك حبيبتي».

«الحديث عن الحب بين يديك لا يكفي، رغم تعهداتنا بجعله طي الكتمان، إلا أن عيني كانت فاضحة، وتذكرت قول الشاعر: أنا عنك ما أخبرتهم ولكنهم لمحوك تغتسلين في أحداقي - العين، وتذكرت قول أخر: معذرة عشقك سيدتي لا يبقي طي الكتمان لا يقبع بين الجدران».

انتهت الرسالة وتوقفت أمامها، فأنا أيضًا من صحفيي الإسلام السياسي، كادت تأخذني دوامة الإرهاب، فالتعامل مع مجموعات من المرضى النفسيين أمر ليس بالهين، أحياناً تصبح «داعية» وتواجه أفكارهم من صميم دينك، وأحيانًا  تتجرد معهم من «الإنسانية»، فـ «المظلومية» الذي يعيشون عليها تخدع «ضعيف الإيمان»، وأحيانًا «إنسان» تتعاطف دائمًا مع من يتعرض لإيذائهم.

رغم أن الصحفي نفسه معرض للإيذاء من كافة حركاتهم، إلا أنه لا يأبه بذلك، فكما أنهم يدّعون الجهاد، كذلك نحن نجهاد، نخوض معارك من أجل البقاء والتميز، ومعارك للحب في ظل الضغينة المسيطرة على المجتمع، ومعارك للحفاظ على وسيطة الإسلام التي تربينا عليها، ومعارك مع الأصدقاء المتعاطفين مع الإرهاب، ومعارك مع من اترضوا الخوف يحاولون منعك ليل نهار عن التعامل معهم خوفًا عليك.

الحب في حياة صحفيي «داعش» أمر نأخذ عليه أجرًا؛ فمن يستطيع الحفاظ على رونق قلبه في ظل الدماء التي تطارده ليل نهار، والجثث المترامية، له الجنة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة