لبنانيا من أصل يمني عمل بالمخابرات المصرية.. أعاد «طابا»

السبت، 18 مارس 2017 07:12 م
لبنانيا من أصل يمني عمل بالمخابرات المصرية.. أعاد «طابا»
كتب- هشام السروجي

كان اهتمامي المهني بشؤون الجماعات الإرهابية، خاصة التي تنشط في شبة جزيرة سيناء، السبب وراء شغفي بالاطلاع على كل المراجع الجيوسياسية والطبوغرافية المتلعقة بتلك البقعة الجغرافية شديدة الخصوصية، حتى وصل بين يدي موسوعة تاريخ سيناء قديمًا وحديثًا، التي دلني عليها أحد الأصدقاء.

كانت المفاجأة عندما علمت أن مؤلفها «ناعوم شقير» لبناني الجنسية يمني الأصل، الذي كان يعمل ضابطًا بالمخابرات العسكرية المصرية فترة الاحتلال الإنجليزي، وعمل تحت إمرة الجنرال السير فرنسيس ريجنالد وينغيت، القائد العسكري البريطاني، الذي جمع بين مناصب حاكم السودان وسردار الجيش المصري في الفترة (1899- 1916)، حتى تم تكليفه بجمع المعلومات عن جغرافية سيناء التاريخية، حينما نشب النزاع (المصري- العثماني) على الحدود بين مصر والشام عام 1906، تكونت لجنتان مصرية تركية لحل النزاع، وتولى نعوم سكرتير اللجنة المصرية، وأوكل له تلك المهمة، التي كانت بداية تعرف شقير بسيناء التي عشقها، وتجول بين دروبها وجالس شيوخ قبائلها واستمع منهم وخالط عاداتهم وتقاليدهم، وسطر كل رحلته في موسوعته التي تعتبر أهم ما كتب عن سيناء حتى يومنا الحالي.

شقير المولود في قصبة الشويفات عام 1864، في أسرة يمنية الأصل، وتلقى تعليمه في الكلية الإنجيلية ببيروت، التي سميت لاحقا بالجامعة الأمريكية ببيروت)، حتى تخرج منها في 1883، جمع معلوماته التي أكدت على صحة موقف الدولة المصرية من أزمة الحدود، ونجح في جمع خرائط ووثائق تاريخة من القبائل التي تقطن سيناء، وأخرى من رهبان دير «سانت كاترين»، الذين احتفظوا بوثائقهم النادرة والخاصة في كتاب أطلقوا عليه «الأم»، وسمحوا لضابط المخابرات «شقير» بالاطلاع عليه والحصول على نسخ من بعض صفحاته، حتى نجح في مهمته وأكد على ترسيم الحدود المصرية.

وبعد ما يقرب من 80 عامًا، عاد «ناعوم» إلى الحياة مرة أخرى، بعد أن لعبت وثائقه دورًا محوريًا في قضية استرداد طابا، التي كانت ضمن حدود سيناء حسب وثائقه التاريخية، التي تم الاحتفاظ بجزء كبير منها في دار الوثائق السودانية، واستندت لجنة الدفاع المصرية على ما تحتويه من معلومات جمعها شقير في موسوعة نجح في الانتهاء منها في زمن قياسي (6 أشهر).

لبناني المولد يمني الأصل ضابطًا مصريًا، كانت رمزية على عروبة قضية سيناء، ومن بعدها عروبة القضية الفلسطينية، قد تتفق أو تختلف مع قضية الهوية، ربما تراها أرث عفا عليه الزمن، وأن لا خلاص للمنطقة من آتون الدموية التي تغرق فيه، إلا بالتخلص من صنم الهوية، وقد تراه عصب القضية ومحورها، وأن لا مستقبل لمن لا هوية له، والتخلي عنها هو انسلاخ عن فلسفة الوجود والإستمرارية، إلا أن الواقع يفرض نفسه، بأن الفردية ضعف وانهزامية، والعصبة منعة وقوة، وانا اعتبر ناعوم شقير رمزية للتحالف، القادر على فرض واقعه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق