آفات الماركات

الجمعة، 24 مارس 2017 09:22 م
آفات الماركات
معتز بالله عبد الفتاح يكتب

بلاء جديد – قديم دخل على العقل المصري وهو بلاء الولع بالماركات حتى لو كان المنتج نفسه «اسم بلا مضمون» (Brand without a product)، ومتعب ومجهد ومقرف ومزعج، لكن كل ده مش مهم: المهم إنه ماركة. وكما قال الشاعر: من خف عقله، تعبت رجليه. 
 
وقفت ذات مرة أمام «شبشب الهنا» وهو شبشب مزعج جدا لمن يراه بحكم ألوانه غير المتجانسة أو على الأقل لشخصي المتواضع. وسألت صديقي «محمد الميكانيكي»، الذي كان يقف بجواري عن هذا الشيء؛ فقال لي: «غالبا شبشب!»
 
فقلت له: «لأ مش شبشب». 
 
تجادلنا بأكثر مما يتحمله الموقف، وقررنا أن نقطع الشك باليقين، وسألنا الراجل الزوق البياع الذي صدمني وقال: «ده شبشب» سعادتك. وقلت له وفيه حد بيشتريه؟ فقال آه ده «بولجاري» يا أفندم... 
 
وكانت المفاجأة أن الأخ «بولجاري» ده حاجة مهمة عند الناس اللي، عقبال أمالتكم، معاهم فلوس كتير ما بيعرفوش يعملوا بها إيه: قوم إيه..؟ أيوه، يروحوا يشتروا البتاع ده. وكما قال الشاعر: «اللي معه قرش محيره، يشتري حمام ويطيره» 
 
وقلت له مستغربا: أيوه يعني حد بيجي يشتريه كده منفردا ولا أنت بتدوه هدية فوق البيعة لحد شاري حاجة ليها قيمة بجد؟ 
 
قال البائع الصغير المخضرم بثقة الفاهم بأذواق البشر: ده فيه ناس بتيجي مخصوص علشان الشبشب ده. ده أول ما ينزل على مواقع الموضة، بتلاقي هنا ناس كتيرة أوي يا فندم بيسألوا عليه وليه اسم يميزه عن بقية الشباشب. 
 
هو عمال يتكلم وأنا عمال أبص للشبشب وهو عمال يبص لي زي ما يكون فيه بيننا وبين بعض ثأر. لغاية ما أعلنت هزيمتي أمامه بعد ما سمعت صديقي محمد الميكانيكي بيتلفظ بلفظ غير لائق للراجل بتاع الشباشب بعد ما قام هذا الأخير بدوره بالإفصاح بدون أدنى خجل إن الشبشب بألفين جنيه. 
 
كانت المهمة صعبة بالفعل في اقناع محمد إنه يتلهي على عينه ويمشي واحنا مالناش دعوة. 
 
محمد مصمم يضرب الراجل بالشبشب، وأنا مصمم أقنعه إن الراجل مالوش ذنب ولا حتى الشبشب له ذنب. 
 
الذنب يقع على فئة من الناس بترفع شعار «الشيء لزوم الشيء» يعني «المبالغة في الانفاق لزوم المبالغة في تقدير الذات» أو «الفلوس لزوم الادعاء» أو  «تفاهة المظهر لزوم القبول الاجتماعي في مجتمع التافهين».
 
أيا ما كان: مشينا أنا ومحمد وعمالين نغني: «يا شبشب الهنا يا ريتنا كنت أنا». وكما قال الشاعر: «الواقع فاق الخيال»، وفي النسخة الأكثر إجراما: «الواقع ف*خ الخيال». 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق