«القاهرة.. عاصمة الأنقاض».. شبح الفساد والرشاوى يطارد العقارات المتهالكة

الأحد، 26 مارس 2017 02:34 م
«القاهرة.. عاصمة الأنقاض».. شبح الفساد والرشاوى يطارد العقارات المتهالكة
انقاض - ارشيفية
ريهام عاطف وماجد تمراز

«مصر تنهار».. هذه العبارة تلخص حال عقارات مصر المتهالكة المخالفة لكل المواصفات القياسية للبناء، فلا يمر يوما إلا ونتفاجئ بضحايا ومصابين نتيجة لانهيار عقاراتهم، وذلك بسبب الفساد ودفع مبالغ مالية من تحت «الترابيزة» وغيرها من الوسائل غير المشروعة، دون مراعاة للأرواح التي تزهق والخسائر المادية التي تتكبدها الدولة.

في مارس الجاري شهدت منطقة بولاق أبو العلا انهيار 3 عقارات وعلى بعد أمتار منها انهار عقار في جاردن سيتي ليشهد شارع بورسعيد بالسيدة زينب انهيار عقار قديم وتشريد 6 أسر.

لم تخلو الإسكندرية من تلك المأساة الناتجة عن الإهمال والفساد بعد انهيار عقار في المندرة خلال الشهر الجاي، وتخصيص وحدات سكنية للأسر المتضررة، وبالتأكيد لا أحد ينسى انهيار عمارة لوران بالإسكندرية والتي كشفت اللجنة الهندسية أن الانهيار كان سببه الرئيسي وجود عجز في نسبة الحديد المستخدم إضافة لى انخفاض نسبة الأسمنت والرمل المستخدم لبناء العقار والغش في مواد البناء.

وعلى مدى أكثر من 15 عاماً مازال أصحاب الوحدات السكنية التابعة لجمعية صقر قريش بالمعادي وزهراء مدينة نصر وأكتوبر يعانون من عدم صلاحية منازلهم للاستخدام الآدمي بعد ميل أجزاء كبيرة من العقارات، وهو ما بات يهدد حياة سكانها وصدرت قرارات إزالة للكثير منها إضافة لقرارات التنكيس نتيجة الغش في مواد البناء المستخدمة إضافة إلى سرقة ميزانية المشروع.

المباني المخالفة

المهندسة منال محمد عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة جامعة القاهرة، قالت إن مخالفات المباني في مصر تبلغ 90% من إجمالي العقارات الموجودة، فهناك أكثر من 57 ألف قرار إزالة لم ينفذ منهم إلا القليل خاصة في المناطق العشوائية مثل دار السلام والمطرية وعين شمس والدرب الأحمر والجمالية والدويقة ومنشية ناصر صاحبة انهيار الكتل الصخرية، وعرب غنيم والحكر وعرب راشد وكفر العلو والتبيين والهجانة بالمعصرة وعرب الوالدة.

فساد المحليات

ارتفاع معدلات الفساد داخل المحليات كان من أهم أسباب تفاقم المشكلة وانهيار العديد من العقارات خاصة مع هروب المهندسين المتخصصين من العمل في المحليات خوفا من المسؤولية الجنائية وهو ما أكده محمد غالي، المهندس بالمحليات، قائلا: «الفساد أدى إلى صعوبة حصول المواطن على تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية، فضلا عن ضعف الأجور التي نتقاضاها والذي فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات، كما أن تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها يسهل اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها».

شرطة لمخالفات البناء
ويؤكد خبراء الإسكان على انتشار الفساد بشكل سرطاني خاصة مع عدم وجود تطبيق حقيقي للقوانين التي تسن، حيث يقول الدكتور فتحي سالم العوا أستاذ التخطيط العمراني، إن «وراء كل حالة انهيار تفوح رائحة الفساد والمحسوبية والرشاوى التي يهون أمامها أرواح المواطنين الذين تسفك دماؤهم أسفل الأنقاض، ولذلك فقانون المحليات الجديد الذي يتم مناقشته بمجلس النواب حاليا نحتاج فيه إلى عقوبة رادعة لكل مخالف لأن تلك المخالفة تؤدي إلى كوارث وتكلف الدولة الملايين فنحن نتحدث دائما عن محاربة الفساد وذلك لن يكون إلا من خلال البداية بالمحليات التي استشرى فيها الفساد دون رادع».

وتابع: «لماذا لا يتم إنشاء شرطة متخصصة لمخالفات البناء للتعامل مع تلك الكارثة بحزم وجدية قبل تفاقم المشكلة، بالإضافة إلى ضرورة وضع سياسة بنائية تتوافر لها قاعدة بيانات تبنى عليها سياسات التخطيط العمراني، مع ضرورة توفير بديل سكني مناسب عند اتخاذ قرار بالإزالة حفاظاً على الاستقرار الاجتماعي».

ومن جانبه كشف مصدر مطلع بمحافظة القاهرة، أن عدد العقارات والمنازل التي تمثل خطورة خطورة داهمة والمعرضة للانهيار بمختلف الأحياء بالعاصمة تخطى عددها 55 ألف منزل وعقار، مشيرا إلى أن رؤساء الأحياء يعكفون حاليا على تقديم تقارير كاملة للمهندس عاطف عبدالحميد محافظ القاهرة، عن وضع هذه العقارات ومدى خطورة كل عقار، وأي من هذه المنازل يستحق الترميم أو الهدم بشكل كامل، خاصة بعد سلسلة الانهيارات التي حدثت خلال الأيام الأخيرة في حي بولاق أبو العلا.

وأضاف المصدر في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، أن «المنازل التي يتم إخلائها تمثل خطورة على حياة قاطنيها أو حياة سكان المنازل المحيطة بها، أو المنازل التي يصدر لها قرارات إزالة، ويتم نقل سكانها مؤقتا إلى أماكن الإيواء المعهودة كخيام بمراكز الشباب أو الساحات التابعة للمحافظة، ثم يتم نقلهم إلى مساكن المحافظة بمدينة بدر أو مدينة السادس من أكتوبر».

 

وأوضح المصدر، أن المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة، أصدر قرارا بسرعة دراسة الوضع الهندسي للمباني المحيطة بالمنزلين المنهارين في منطقتي جاردن سيتى وبولاق أبو العلا، مشيرا إلى أنه شدد على سرعة تقديم التقارير لتحديد وضع سكان العقارات التي تم إخلائها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق