صناديق نهب الدولة

الخميس، 30 مارس 2017 01:19 م
صناديق نهب الدولة
صبرى الديب يكتب

لا أرى مبررا لإهمال مجلس النواب الاقتراح بتعديل قانون رقم 53 لسنة 1973 الخاص بإلغاء (الصناديق الخاصة) كل هذه الفترة، والاستجابة لطلب الحكومة بتأجيل مناقشة الاقترح دون مبرر، على الرغم من أن المشروع سوف يصب بشكل مباشر في مصلحة ميزانية الدولة، ويوجه نحو 500 مليار جنيه سنويا إليها بشكل مباشر.
 
ولعل الغريب في أمر الحكومة التي طلبت تأجيل عرض اقتراح تعديل القانون، والبرلمان الذي استجاب دون لها مبرر، أنهم يعلمون جيدأ، أن تلك الأموال التي يتم ضحها بشكل سنوي في نحو 6000 صندوق، تقع بشكل مباشر تحت تصرف المئات من اللصوص في كل الوزارات والمحافظات والجامعات والمراكز والمدن، ويتم إنفاقها دون رقيب على الحفلات والهدايا والمكافآت للمحاسيب دون وجه حق، في الوقت التي تإن فيه الدولة من كثرة الديون الداخلية والخارجية، وتكاد الموازنة العامة للدولة أن تنطق من حجم العجز فيها.
 
ولعل الغريب في أمر أن الحكومة والبرلمان، يعلمان جيدة أن تلك الصناديق تم تشكيلها بموجب "قرارات جمهورية" لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد، لينفق منها على تحسين الخدمات التى تقدمها الهيئات العامة التابعه لها ـ وهو ما لا يتم ـ وترك القانون أمرها في أيدي المسئولين على اختلاف زممهم، دون أن يؤول مليما واحد من حصيلتها إلى خزينة الدولة، أو تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما جعل أموالها مستباحة وباتت منذ سنوات تمثل ـ الباب الخلفي ـ لفساد بعض قيادات الجهاز الإداري للدولة من (وزراء، ومحافظين، ورؤساء مراكز ومدن، ورؤساء أحياء، ووحدات محلية وقروية).
 
حيث يتم صرف أموال تلك الصناديق على هدايا، ومكافآت وهمية لـ (المحاسيب والحبايب) عن اجتماعات ولجان تافهة، وأحيانا دون مستندات رسمية، لدرجة أن أمر السفه وصل طبقا لدعوى ينظرها القضاء الإداري، أن هناك رئيس جامعة كان يتقاضى نحو مليون جنيه شهريا من إحدى الصناديق التابعة لجامعته.
 
ورغم ذلك، فإن الأمر لم يحرك ساكن كل الحكومات والبرلمانات السابقة والحالية طوال السنوات الماضية، لإعداد قانونا أو تشريعا يسمح بضم تلك الأموال إليها، بل طلبت الحكومة الحالية من البرلمان تأجيل مناقشة تعديل القانون الحالي، على الرغم من اعترافها في وقت سابق بأن لديها حصرا شاملا بعمل تلك الصناديق، بل والإعلان عن أرقام مغلوطة وغير حقيقية عن أعداد وأرصدة تلك الصناديق، التي بلغت طبقا لتقديرها (27.275) مليار جنيه فقط، في حين أن هذا الرقم يمثل أرصدة 10% فقط من أموال تلك الصناديق في البنك المركزي.
 
ولعل ما يؤسف فى الأمر، أن الحكومة والبرلمان يعلمان أن 85% من حسابات تلك الصناديق لا تعلم عنها وزارة المالية، أو أي من السلطات فى البلاد شيئًا، حيث لم يتم فتح حسابات لها بالبنك المركزى، ويتم منذ سنوات وحتى اليوم، الصرف منها استنادا إلى لوائح عافية تم وضعها دون أدنى رقابة، استنادا إلى نص القانون رقم (53) لسنة 1973، الذي اتاح وتعديلاته الغريبة في عهد مبارك، فتح حسابات خاصة لتلك الصناديق في البنوك التجارية والخاصة.
 
وهو ما سهل لكثير من اللصوص الانفاق منها طبقا لأهوائهم، وإخفاء الرقم الحقيقي لأموال تلك الصناديق، لتظل بمثابة "مغارة على بابا" التي لا تعلم عنها الدولة شيئا.
 
أتمنى أن تكون الحكومة جادة فى أمر ضم تلك الصناديق، وأن يكون مجلس النواب عند حسن ظن الشعب ويسارع بمناقشة تعديل القانون 53 لسنة 1973، وعلى أن يتم التحقيق فى الانحرافات التي شابت إنفاق تلك الأموال طوال السنوات الماضية، خاصة وأن تلك اللجنة قد تأتى بنتائج أكثر من كارثية، وقد تلقي بمئات المسئولين السابقين والحاليين إلى السجون، وتعيد مليارات الجنيهات المنهوبة من تلك المغارات إلى الدولة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة