متى تعود تهانى الجبالى إلى المحكمة الدستورية؟

الإثنين، 03 أبريل 2017 12:00 م
متى تعود تهانى الجبالى إلى المحكمة الدستورية؟

المستشارة تهانى الجبالى هى السيدة التى سببت رعبا للإخوان وهزت عرش الجماعة، بدفاعها المستميت والقوى والصلب عن القضاء واستقلاله ضد الهجوم الشرس من عناصر الجماعة لأخونة القضاء ورجاله، كان صوتها هو الأعلى فى حين توارى رجال كثيرون وخفتت أصواتهم ولزموا بيوتهم خوفا أو يأسا من إمكانية إزاحة الإخوان عن حكم مصر الذين استولوا عليه فى غفلة من الزمن وغياب الوعى وخيانة النخبة.
 
وحدها كانت تهانى الجبالى بألف رجل، وكانت مثل ديوجين، الفيلسوف اليونانى الذى حمل مصباحه ومشى بين الناس مطالبا بالحق والحرية، فلم تهب الوعيد والتهديد من جحافل الظلام وناضلت من أجل حرية وطنها.. وكان الثمن منصبها فى المحكمة الدستورية كنائبة لرئيسها، وربما لن تتولى امرأة فى مصر منصبا قضائيا رفيع المستوى مثل المستشارة تهانى الجبالى التى أصبحت منذ عام 2003 أول قاضية وأول سيدة مصرية تحتل المنصب القضائى الأعلى فى تاريخ مصر كنائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وربما وبعد خروجها من عضوية المحكمة بفعل دستور الإخوان فى 2012 الذى أطلق عليه دستور «منتصف الليل» قد ننتظر طويلا حتى تصل امراة مصرية إلى هذا المنصب.
 
المستشارة تهانى قاومت وصمدت بشجاعة ضد انتهاك سيادة القانون وهيبته واستقلال القضاء باتهامات باطلة، ثم بقرارات وإعلانات دستورية مستبدة، ولم تصمت أو تناور مثلما فعل من كنا نظنهم رجالا حقيقيين وقضاة وطنيين، وتحملت فى سبيل جرأتها فى الحق ومواقفها الشجاعة ما لا يتحمله أقوى الرجال، فقد تعرضت، ومازالت، لأبشع حملة هجوم ظالم وتشويه سمعة وتهديد من تيار الظلام السياسى وأنصاره، لأنها ببساطة لم تتخل عن مبادئها وقيمها الوطنية وضميرها كقاضٍ شريف ونزيه، حتى تمكنوا بالباطل وبالحقد وبالانتقام الشخصى من سلق دستور كان من بين أهداف من أعدوه بليل هو استبعاد تهانى الجبالى شخصيا من منصبها وعضويتها فى المحكمة الدستورية بعد إعادة تشكيلها والنص على تقليص عدد أعضائها من 19 إلى 11 عضوا فقط.
 
اتهمها الإخوان بالتآمر مع المجلس العسكرى لعدم تسليم السلطة، وهم أول من خان وتآمر وعقد الصفقات ضد الشعب من أجل تحقيق أهدافهم وأغراضهم فى الاستيلاء على السلطة، وزعموا أنها تآمرت للانقلاب على «الشرعية» بعد وصول مرسى للحكم دون سند أو دليل واحد على اتهامهم الباطل وسوء نيتهم، فكان ذلك ذريعة لكسر هيبة القضاء واستقلاله والعدوان على أحكامه وحصار المحكمة الدستورية وصدور الإعلان الاستبدادى لتمرير مخطط الاستحواذ على السلطة.
 
سيرة حياتها تدحض كل افتراء بأنها تولت منصبها بأوامر عليا فى زمن مبارك، فهى محامية مصرية تنتمى لأسرة متوسطة الحال من محافظة الغربية، ورغم حصولها على المركز الخامس على مستوى مصر فى شهادة الثانوية العامة عام 69، قررت الالتحاق بكلية الحقوق فى جامعة القاهرة التى تخرجت فيها عام 1973م، بدأت مشوارها المهنى كمديرة للشئون القانونية بجامعة طنطا، ثم تقدمت باستقالتها وتفرغت للعمل محامية عام 1987م، وهى المهنة التى استمرت بها حتى قرار تعيينها قاضية، كما تم انتخابها أول عضوة فى المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب فى هذا المستوى بالاتحاد منذ تأسيسه عام 1944م. وتتمتع تهانى الجبالى بخبرة طويلة فى العمل القضائى والقانونى، حيث إنها عضو بمجلس أمناء المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، وخبير قانونى فى منظمة الأمم المتحدة، وفى 22 يناير 2003م صدر قرار جمهورى بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا.
 
كان من المتوقع ومن المنتظر بعد ثورة 30 يونيو 2013 ودستور 2014 أن تكرمها الدولة الجديدة وتعيد لها حقها فى العودة إلى منصبها فى المحكمة الدستورية تقديرًا لنضالها ودفاعها عن حرية واستقلال القضاء ضد الاحتلال الإخوانى، وأن يصدر قرار جمهورى بإعادة اعتبارها نائبة لرئيس المحكمة الدستورية، كأحد رموز ثورة يونيو، إلا أن ذلك لم يحدث وأثار استغرابا ودهشة مازالت مستمرة حتى اللحظة، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا لم تعد تهانى الجبالى إلى المحكمة الدستورية حتى الآن، ولماذا لم تحصل على مستحقاتها منذ خروجها بحكم دستور الإخوان؟
 
فما الذى يعيق ويمنع عودة هذه السيدة المناضلة إلى منصبها تكريما وتقديرا لها على مواقفها الوطنية الشريفة، وهو ما تستحقه بالفعل؟.. فأعيدوها إلى منصبها يرحمكم الله.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق