عنصرية

الجمعة، 14 أبريل 2017 02:10 م
عنصرية
هبة العدوي تكتب

تحلقن حول مائدة 
تبدو مستنيرة فيما اجتمعت لأجله
مستديرة  فيما تم الاتفاق على إدارته
أو قل هكذا كان ما تصورته 
روحي تكاد تعانق السماء.. وكيف لا؟ ونحن نعمل ابتغاء وجه الله 
رن الهاتف.. قامت.. امتقع لونها.. صرخت ..
- لاحول ولا قوة إلا بالله 
من مشهدها .. دهشنا .. خفق قلبي وقلبنا.. 
الذي وقتها ظننته علي قلب رجل واحد 
إلتفتت لنا قائلة: 
- مات طفل صغير زميل ابني في دراسته .. مات أثناء يومه الدراسي.. مات فجأة
 
ولكن اطمئنوا .. ليس على ديننا هو من .. دين الآخرين.. 
توقف بي الزمن .. مادت بي الأرض.. 
من وماذا وما هو الذي يطمئني إذا كان من دين غيري وليس ديني ؟!!
وما علاقة الدين بطفل في الإعدادي مات فجأة أثناء يومه الدراسي ؟!!
انتفضت من مكاني .. ليس بجسدي .. ولكن بقلبي ..الذي سقط بين ضلوعي ذعرا 
فغر فاهي .. ماهذا القلب ؟؟ .. من أين جاءوا بتلك القسوة ؟؟
تلفتت حولي .. أفعلاً نحن في بيت الله الرحمن الرحيم ؟؟
وقع نظري على آية كريمة نقشت على فسيفساء تقع في صحن بيت الله .. 
بسم الله الرحمن الرحيم .. 
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. 
صدق الله العظيم
 
حزنت بشدة ..على ذلك الطفل ؟؟ ..
ربما ..
أم على تحريف الدين ؟؟
أم ذهولا من تجريف القلوب ؟؟
 
لم يستغرق الأمر كثيرا.. بادرت إحداهن قائلة (تعقيبا وحمداً علي أن من مات ليس من ديننا) 
الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده تفضيلا كثيرا..  
وانطلقن كالببغاوات خلفها يرددن ما قالته.. وهن يطرقن بوجوههن القبيحة أرضا..
 ظنا منهن أنهن يتقربن إلى المولى عز وجل أكثر بذلك الدعاء
تراجعت بمقعدي إلى الوراء.. ماهذا الهراء!! 
اتكذبون على الله وتدعون أنكم من "عنصرا أفضل" عن باقي أهل الأرض؟
تذكرت قول الله عز وجل ..
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا
صدق الله العظيم
فضل المولي عزوجل "الإنسان" عن باقي المخلوقات تفضيلا كثيرا.. فهل تحرفون في معاني القرآن الجليلة؟؟
صمتت.. بحثت في الكتب.. أتيت لهم بكل ما يثبت أن ما يدعون به وله.. هو كذب.. 
أشاحوا بوجوههن عن الحقيقة ..
قالت أحداهن:
-ما في القلب سيظل في القلب..
تري هل تمكن "الكِبر" والشعور بالأفضلية داخل نفوسهم إلى هذا الحد؟؟
فنحن نستعيذ بالله دوما  من الشيطان الرجيم.. نستعيذ بالله أن نكون يوماً مثله عندما تكبر أمام الله عزوجل فوقف مختالا متكبرا قائلا:
-أنا خير منه .. أنا أفضل منه .. هو طين .. أما أنا فنار !! ..النار "أفضل " من الطين .. النار تأكل الطين .. 
فهل لمن هو مثلي أن يسجد لمثله ؟؟ 
رفض واصر واستكبر استكبارا .. 
فصار عليه لعنة الله إلي يوم الدين ..
بسم الله الرحمن الرحيم
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ
 صدق الله العظيم 
" الكِبر " إذن  كانت معه لعنة الله..
فهل من قاريء لكتاب الله ؟؟
لكن ما هي النظارة التي يري بها الداعشي فكرا العالم؟؟  
لكي نستطيع تحليل أفعال الدواعش يجب أن نعرف أن 
كل إنسان يتحرك ويتكون سلوكه.. نتيجة أفكاره.. التي تشكل بالتالي (منظور رؤيته) = النظارة التي بها يري الحياة 
ولنستعرض معا كيف يرى الدواعش العالم الآخر من نظارتهم الشخصية؟؟
(أرى -أفعل -أحصل على نتائج)
" أرى "
الداعشي يرى نفسه "أفضل" .. لا يرى نفسه أبدا مستقلا عن الجماعة التي سرقت بطاقته الشخصية بأساليب عدة ليست محل مقالنا الآن
إنما يكفي أن نعرف أن التعريف الأول لبطاقة الداعشي الشخصية هو: (أنا منتمي إلى جماعة كذا) 
جماعة هي في الحقيقة من أعطته الدرجة الأفضل فوق كل مجتمعه..
 
"أفعل "
  ( Stereotyping  ) ..يمعني أنه يرى الآخر  لابد  أن يكون له تصنيف ما داخل كيان ما كشيء ما
بالتالي هو يصنف الآخر تصنيفا نمطيا..
 
" أحصل على النتائج "
ما هي النتائج المترتبة على ما سبق؟؟ 
 
1-كما قلنا الداعشي الفكر لا يرى الآخر كإنسان.. بل يراه دوما كشيء مصنف تحت بند ما في مجموعة أو جماعة ما.. 
ولذلك تراه دوما قائلا:
(إنت تبع مين ؟ )-
2-عقليته هي عقلية البديلين .. التي تصنف كل الناس إما معنا مئة بالمئة ..أو لو إختلفتم معنا إذا أنتم ضدنا مئة بالمئة أيضا .. 
ولسان حاله يقول للآخر :  
 (معانا ولا علينا )-
3-لا وجود داخل تلك العقلية لمفهوم النقد والتصحيح ..فكما قلنا هما وفقط أمام خيارين أو بديلين ..إما معنا تماما او علينا تماما..
4-انا وجماعتي شيء واحد ( بطاقتنا= هويتنا واحدة  ) ..وجماعتي علي صواب دائم فهي الأفضل ..إذن لماذا أراجع إفتراضاتي ؟؟
5-وحيث أن لا وجود للآخر ..إذن كل  آخر يشكل تهديد  لي ..
( لي= جماعتي )
ووجهة نظري دوما ضيقة لأي خلاف مع الآخر وتنحصر في إيجاد حل دفاعي لها  أو حل هجومي بمعني
(fight or flight response )
 
-إما ان أتجاهل وجود هذا الآخر  في أكثر الدواعش سلمية ( flight response  )
إما أن أعارضه بقوة .. ( fight response  ) 
تدرج تلك القوة يعتمد علي مدي إتاحة المناخ لممارسة العنف في المنظومة التي يوجد داخلها فكر الدواعش 
أعلمتم إذن لماذا هو هذا العنف ؟؟
 ولما كل هذا القتل ؟؟ ولما كل تلك المساحات من الدماء ؟؟ 
 
وهل يوما رأينا أسدا انقض عليه نمر.. فانتهي المشهد  بينهم "بالحوار"؟؟ 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق