في أحد السعف الدامي.. «مريم» تبكي خطيبها وشقيقها في تفجيرات «مارجرجس»

الجمعة، 14 أبريل 2017 08:21 م
في أحد السعف الدامي.. «مريم» تبكي خطيبها وشقيقها في تفجيرات «مارجرجس»
مريم
كتب - إسلام ناجي

على هامش الزحام الذي حدث بعد إنفجار كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا وسط الدلتا، أتخذت «مريم» ذات الواحد وعشرين عامًا لنفسها مكانًا قصيًا عن الأنظار، بعدما أطمأنت على شقيقها المصاب، فجلست على أحد درجات السلم الخلفي للكنيسة المفجرة تراقب الدخول في حذر، تتمنى لو تقع عينيها على حبيبها المفقود، قبل أن يمر غريب مصاب أو أم مكلومة، لتحول عينيها بلا أمل عن الباب وتعلقها على شاشة هاتفها المحمول المكسورة تنتظر إتصال من خطيبها «عادل»، ليطمئنها عليه، ويطفئ نيران فؤادها.

في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد الماضي، استيقظت «مريم» من نومها على صوت هاتفها المحمول، فمدت يدها إليه فى كسل، تتمنى لو تخرسه لتستمتع بيوم أجازتها، فهى طالبة بالفرقة الثالثة بكلية التربية رياض الأطفال، ولكنها أجابت عندما وجدت المتصل هو خطيبها، فتغزل بصوتها الهادئ الذي يطوقه النعاس قبل أن يؤكد عليها مرافقته للصلاة فى كنيسة مار جرجس، فطار النوم من عينيها، ودب فيها النشاط، ووعدته بالحضور لرؤيته قبل موعد الصلاة.

استعدت «مريم» للذهاب إلى الكنيسة عقب تناولها الإفطار مع فادي وكارولين، أشقائها، وتوجهوا جميعًا إلى أكبر كنائس طنطا، حيث ألتقت الفتاة العشرينية بـ«عادل» أمام الباب الرئيسي، فمدت إليه يدها لتسلم عليه بشوق ظاهر في عيونها، قبل أن يهرع إليها ويضم إليه يدها بشوق أكبر، ليقاطعهما شقيقها في زي الشماس مازحًا، وينبئهما بموت الرومانسية والحب بعد الزواج، قبل أن ينظرا إليه في ضيق مصطنع.

اتجهت «مريم» مع خطيبها لحضور قداس أعياد «أحد السعف» الذي يحتفل فيه المسيحيون بذكرى دخول السيد المسيح لمدينة أورشاليم، وتوجهت برفقة «كارولين» إلى مكانها المفضل بالقرب من هيكل العذراء في الجهة المخصصة للسيدات بينما أصطحب فادي خطيب شقيقتها إلى قداس الرجال بالجهة الأخرى، وما هي إلا لحظات حتى أهتز هاتف الشماس في جيبه فخرج ليجيب على صديقه المقرب الذي أخبره بمرض زميل لهما.

هرول فادي إلى المستشفى التي احتجز فيها صديقه ليطمئن عليه، وأمضى ساعة كاملة برفقته حتى تأكد من استقرار حالته، وعاد مرة أخرى إلى الكنيسة، وهم في الدخول قبل أن يستوقفه أصدقائه ليطلبوا منه مرافقتهم في حاجة تخصهم، لكنه اعتذر منهم نظرًا لحلول موعد الصلاة، ليلج إلى قاعة القداس في التاسعة إلا عشر دقائق وينضم إلى المصلين المتضرعين للرب، وتتسرب السكينة إلى قلبه مع إرتفاع صوت القس بموعظة أحد الشعانين «كيرياليسون» يارب أرحم وسلم.

خطفت «مريم» نظرة سريعة إلى عادل لتتفقده، فوجدته يبادلها النظر، ويحرك شفتيه بكلمة «بحبك»، فابتسمت بهدوء قبل أن تشعر بالأرض تهتز تحت أقدامها، لتمر الدقائق التالية ببطئ شديد، وتواجه العروس الموت مع عشرات المصلين إلا أن القدر أعطاها فرصة أخرى، وخرجت من الكنيسة تبحث عن خطيبها، الذي سطر اسمه بالدماء ضمن 27 ضحية حصدتهم قنابل الإرهاب في 5 دقائق، وأخوها الذي تسبب تواجده في قداس الرجال الذي زرعت فيه العبوة الناسفة، فأصابته.

نقل فادي إلى مستشفى المنشاوي الحكومي ومنها إلى معهد ناصر بالقاهرة، حيث بترت ساقه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى في اليوم التالي للإنفجار، ليكون بذلك آخر ضحايا حادث كنيسة مارجرجس، ويترك شقيقته «مريم» بين نارين غير قادرة على تحمل صدمة فقد الحبيب والشقيق في وقت واحد، لتبكيهما ما تبقى من حياتها، وتلعن الإرهاب الذي حرمها من فرحة عمرها وسندها، وسلبها حبيبها الأول وأخوها الوحيد.

12108774_10156106290160153_5675788654982350319_n
 

 

12112130_911457508901787_2751770675858062167_n
 

 

12642600_10156449578430153_5527244864058532658_n
 

 

13138774_577726622402464_7332127748634158593_n
 

 

13584955_608181816023611_2392053500702319995_o
 

 

15419589_10157846535440153_6475324645601325240_o
 

 

16904708_10158238747895153_688492228014821529_o
 

 

17098537_745856465589478_908323652080444690_n
 
17361564_753235094851615_3277430791967203739_n
 

 

17620366_1265670746813793_3223543666945220391_o
 

 

17799942_1315344488501275_868150544999665907_n
 

 

17834747_1656540784360969_7960546573237372930_o
 

 

17835034_1656535234361524_4091550303623846462_o
 

 

17854782_1656542474360800_8020374062736912302_o
 

 

17855401_1656536074361440_6927747267066634675_o
 

 

17884393_10207296912941581_8852447038476657075_n
 

 

 

تعليقات (1)
لطفك يا رب بعبادك
بواسطة: عبد القادر داود
بتاريخ: الجمعة، 09 يونيو 2017 08:27 ص

نسأل الله الرحيم أن يقدس روح الشهدا جميعا وأن ينزل الصبر والسكينة على أسرهم

اضف تعليق