التطبيع مع دمشق بات مسألة أمن قومى

الإثنين، 17 أبريل 2017 01:02 م
التطبيع مع دمشق بات مسألة أمن قومى

من يطالبون بإسقاط الأسد، يسعون فى حقيقة الأمر، لإخفاء وطمس معالم جرائمهم التى اكتوت بها قارات العالم الخمس
 
بالطبع استفادت الدول التى ألقت أطنان المتفجرات عبر صواريخ تدعى أنها موجهة وقنابل تزعم أنها ذكية فى الفراغ الإرهابى، لكنها استفادة قاصرة محدودة، لم تتجاوز إرضاء الرأى العام الداخلى فى كل دولة، لكنه إرضاء كالإخصاء للفكر والمستقبل، فالقادم- لا محالة- أحلك من سواد ليل بلا قمر.
 
من يفكر  بعقلٍ يسعى لحماية شعبه ومصالحه، عليه أن يدرك، أن التعاون الوثيق والجاد، مع دمشق، هو أول الطريق لإعادة السلم والاستقرار للعالم، وأن أهم محطات هذا الطريق، تنسيق حقيقى بين أجهزة المخابرات العالمية وجهاز المخابرات السورية لتمكين الأخير من بناء أرشيف معلوماتى ضخم حول العناصر الإرهابية التى تنمو وتترعرع فى بيئة خصبة تنبت التكفير والإقصاء، لتبقى إمكانية ملاحقتهم والقضاء عليهم فرصة سانحة، لحماية الشعوب من الضربات الإرهابية المقبلة.
 
ووفقا للتقارير الأمنية المسربة والصحفية المنشورة بشكل متناثر ومنفرد عن أصول مرتكبى الجرائم المروعة التى هزت العالم فى السنوات الست الماضية، فان 90٪ من هؤلاء بمختلف الجنسيات والأعمار والفئات، أنهوا فترة الحضانة فى سوريا، ومنها إلى منصة الإرهاب الدولية فى غازى عنتاب التركية، ليحصلوا على صك الانتحار، ومنها إلى الدول التى روعوا فيها الآمنين، وذبحوا الأبرياء، ودهسوا الأطفال، وسحلوا النساء.
 
من يطالبون بإسقاط الأسد، يسعون فى حقيقة الأمر، لإخفاء وطمس معالم جرائمهم التى اكتوت بها قارات العالم الخمس، وتلك التى ستأتى وتشعل نيرانها فى أجساد الأبرياء.
 
مصر  تنبهت فى البداية لهذا الأمر، وسعت للتعاون مع جهاز الاستخبارات السورى، بعد زيارة رئيسها على مملوك للقاهرة فى أكتوبر الماضى، لكن هذا التعاون، يبدو أنه لم يتطور، قد يكون مرجعه ضغوط مورست على الجانب المصرى، سواء من قبل السعودية أو أمريكا، لكن هذا لا يمنع على الإطلاق من أن تكون هناك بدائل للإفلات من تلك الضغوط حتى ولو عن طريق طرف ثالث!
 
المخابرات الروسية، والإيرانية، والإدارة الاستخباراتية التابعة لحزب الله اللبنانى، أقامت فى سوريا مقرات لها، ترصد وتحلل وتجمع معلومات حول الإرهابيين الفعليين والمحتلمين، سواء المنضمين تحت إمرة تنظيم الدولة، أو المقاتلين تحت لواء جبهة النصرة سابقًا وهيئة تحرير الشام حاليا، أو أولئك المسمين بالمعارضة المعتدلة الذين يقاتلون تحت رايات عديدة، كلها مغروسة فى أجساد ضحايا أبرياء.
 
المفاجأة التى كشف عنها النقاب نائب وزير الخارجية السورى فيصل المقداد، الأسبوع الماضى، وهى طلب تركى بعقد لقاء يجمع مسؤولين من سوريا وإيران وتركيا يعقد فى طهران، لبحث أوجه التنسيق الأمنى بين البلدان الثلاثة، رغم الكراهية والعداء بين دمشق وأنقرة، لكن الأخيرة أدركت- مؤخرًا- أن لا مجال لمكافحة الإرهاب، سوى عن طريق التطبيع (حتى ولو فى السر) مع دمشق، للتوصل إلى معلومات تكشف هوية تلك الذئاب المنفردة التى تنتشر فى كل بقاع العالم.
 
للمخابرات السورية، أسلوب قد يكون عجيبًا، لم تعتده نظيراتها فى دول العالم، وهو الإبقاء على المتهمين والإرهابيين، وعدم تصفيتهم، كما تفضل دول العالم فعله، بعد استخلاص المعلومات منهم، والقصص والروايات عن هذا الأمر عديدة وكثيرة، وتجلت بعد عمليات اقتحام السجون التى حدثت عقب أن طلاق الحرب الأهلية السورية قبل ست سنوات ويزيد.
 
وهذا يعنى أن قدرة الحصول على المعلومات قائمة، طالما ظل المصدر حيًا يرزق، وطالما هناك رغبة فى تجميع الخيوط، وفك طلاسم العمليات، خاصة وفقا للفكر الجديد الذى يتبناه تنظيم الدولة.
 
الحقيقة الوحيدة- التى لا تقبل الشك- أن المعلومات هى السبيل الوحيد لمواجهة ودحر الإرهاب ومحاصرة الإرهابيين، لأن دون ذلك هو هراء لا يرتقى لمستوى الفعل الإيجابي.
 
لذا أقترح على القيادة المصرية، أن تكون أولى أولويات المجلس الأعلى لمجابهة التطرف والإرهاب، أن نرتقى بالتعاون الأمنى مع دمشق، لمستوى التطبيع على أعلى مستوى، يعزز الأمن القومى المصرى، لأن الوقت ينفد، والذئاب تعود لجحورها تنتظر دائما الإذن بالقتل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق