التفاصيل الخفية لحياة الرهبان والأديرة

الثلاثاء، 18 أبريل 2017 04:34 م
التفاصيل الخفية لحياة الرهبان والأديرة
دير - ارشيفية
كتب- محمد الشرقاوى - ماريان ناجى

تعد مصر أول دولة فى العالم تنشئ نظام الرهبنة الذى أسسه القديس أنطونيوس المصرى الذى جعل من الدير مكانا للعبادة والرهبنة، والدير هو مكان يقيم فيه مجموعة من الرهبان أو الراهبات للعبادة والوحدة مع الله، وبه كنيسة أو أكثر، ولكل دير رئيس، وهو حاليًا يكون حاصلا على رتبة الأسقفية، ومهما كانت تلك الأديرة بعيدة عن العمران والمناطق الآهلة بالسكان، إلا أن ساكنيها يجدون الجنة فى ريحها هناك فى حضرة الرب.  ولا تعترف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، سوى بـ45 ديرًا للرهبان والراهبات، فكان هناك 7 أديرة للرهبان و5 للراهبات قبل 1959باعتراف الكنيسة، فيما تزايد عدد الأديرة المعترف بها، وتم الاعتراف منذ عهد البابا كيرلس السادس بعدد من الأديرة، حتى وصلت إلى 29 ديرًا للرهبان فى الداخل والمهجر، و16 ديرا للراهبات، فيما تنتظر 4 أديرة استيفاء شروط الاعتراف بها، منها 3 أديرة للرهبان، ودير واحد فقط للراهبات.
 
أديرة الرهبان منها دير السيدة العذراء «برموس»، ودير السيدة العذراء بجبل قسقام «المحرق»، ودير السيدة العذراء «السريان»، دير الأنبا أنطونيوس بالبرية الشرقية، ودير الأنبا بولا بالبرية الشرقية، ودير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، ودير الأنبا مقار، ودير الأنبا أنطونيوس بالأراضى المقدسة بفلسطين، ودير البابا أثناسيوس الرسولى بأيرلندا، ودير السيدة العذراء بأخميم.
 
هناك أيضا دير السيدة العذراء والأنبا موسى بتكساس بأمريكا، ودير الشهداء بأخميم، ودير مارجرجس بالخطاطبة، ودير مارجرجس بالرزيقات، ودير مارمينا العجائبى بمريوط، ودير مارمينا بأبنوب، ودير الأنبا أنطونيوس بالنمسا، ودير الأنبا أنطونيوس بكاليفورنيا، ودير الأنبا أنطونيوس بألمانيا، ودير الأنبا أنطونيوس بملبورن بأستراليا، ودير الأنبا باخوميوس الشايب، ودير الأنبا باخوميوس بحاجر إدفو، ودير الأنبا توماس السائح، ودير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسيدنى، ودير الأنبا شنودة «الدير الأحمر»، ودير الأنبا شنودة بميلانو، ودير الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون، ودير أبوفانا المتوحد بملوى، ودير الأنبا متاؤس الفاخورى بإسنا.
 
فى البحيرة يوجد دير مكاريوس السكندرى بجبل القلالى، وفى الخرطوم دير الأنبا أنطونيوس والأنبا موسى الأسود، ودير الملاك غبريال أبوخشبة بالفيوم، ودير الملاك ميخائيل بنقادة، ودير موسى النبى بسيناء، ودير مارمرقس والأنبا صموئيل المعترف بجنوب إفريقيا.
 
أما أديرة الراهبات فهى دير الأميرتادرس بحارة الروم، ودير السيدة العذراء بحارة زويلة، ودير مارجرجس بحارة زويلة، ودير مرقوريوس أبى سيفين بمصر القديمة، ودير مارجرجس بمصر القديمة، ودير القديسة دميانة بالبرارى، ودير مارجرجس بأورشليم، ودير البتول بملوى، ودير الأم سارة بالمنيا، ودير السيدة العذراء وأبى سيفين للرهبان بألمانيا، دير الأنبا أنطونيوس للرهبان بكندا، ودير الأنبا موسى الأسود للرهبان بالعلمين، ودير الشهداء للراهبات بإسنا

أديرة الراهبات.. الجنة سبيلهن للعيش
نساء ارتضين العيش فى الصحراء من أجل الرحمة والشفاعة، ولم تكن صعوبة الحياة عائقا أمامهن عن التفرغ للعبادة داخل الأديرة التى يقع أغلبها فى الظهير الصحراوى لأغلب محافظات مصر. 
 
أديرة الراهبات فى مصر بحسب مواقع قبطية، أهمها دير «القديسة دميانة» ويقع هذا الدير فى محافظة الدقهلية، ويتبع إداريًا الأنبا بيشوى مطران كفر الشيخ والبرارى.
 
وسمى دير القديسة «دميانة» نسبة إلى الشهيدة الابنة الوحيدة للحاكم مرقص، حاكم منطقة الزعفرانة والبرلس، وفى أحد الأيام طلبت من أبيها أن يبنى لها بيتا صغيرًا بعيدًا عن الناس لتعيش فيه وتهب نفسها للمسيح، فرفض أبوها فى البداية، ولكن مع إلحاحها وافق وأنشأ لها الدير، وانضم إليها ٤٠ من العذارى من بنات البلدة.
 
عقب ذلك بدأ الإمبراطور «دقلديانوس» يدعو الناس إلى نبذ المسيحية والسجود لأصنامه، فضعف والد «دميانة» وأعلن إيمانه بأصنام الإمبراطور خوفًا من بطشه، فلما سمعت دميانة الخبر استاءت من أبيها وطلبت زيارته وعنفته على خطيئته وأعادته إلى إيمانه، فأعلن كفره بأصنام الإمبراطور، فقتله الأخير، وأخبره رجاله أن سبب انقلاب مرقص عليه هو ابنته «دميانة» التى تسكن الدير وتدعو الناس للتمسك بالمسيح، فحاول استمالتها لصفه بالإغراءات والهدايا، وعندما فشل قرر تعذيبها والعذارى.
 
وظل الإمبراطور يعذبهن ٣ سنوات، حتى أشار أحد قواده عليه بقتل دميانة بالسيف للتخلص منها ومن دينها، فوافق، واقتاد دميانة والعذارى الأربعين إلى ساحة الدير، وقطع رقابهن جميعا فى نفس المكان، وتم دفنهن به، وسمى المكان عقب ذلك بالأرض الحمراء رمزًا لدمائهن التى سفكت.
 
من أشهر الرئيسات اللاتى تولين مهمة إدارة الدير، الأم مرثا، والتى تنيحت فى أول مارس 2014، واشترك فى الصلاة على جثمانها الأنبا بيشوى، والأنبا داوود أسقف المنصورة.
 
يقيم الدير احتفالًا يمتد أسبوعين بعيد استشهاد القديسة فى شهر مايو من كل عام، ويزوره الآلاف من المسيحيين والمسلمين، ويحضر الاحتفال أيضا العديد من مسئولى محافظة الدقهلية. 

دير «الأمير تادرس فى الغورية بالقاهرة»
هو أحد أديرة الراهبات الخمس المشهورة بالقاهرة والعامرة بالراهبات، ويرجح المؤرخون أن تاريخ نشأة الدير يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادى، وفى نهاية القرن السابع عشر بدأت منطقة حارة الروم والدير والكنائس المجاورة للدير (مثل كنيسة العذراء المغيثة)، فى النمو عندما انتقل إليها المقر البطريركى البابوى من حارة زويلة حوالى سنة 1675م.
 
اشتهرت هذه المنطقة فى التاريخ طوال القرن الثامن عشر الميلادى وصارت مركزاً للنشاط الكنسى نتيجة وجود الآباء البطاركة وتردد عليها الآباء الأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة، وأصبحت مركزا لجذب الأقباط كما سكن كثير من الكتاب بهذه الحارة بحكم قربها من مقر عملهم بالقلعة التى كانت تضم دواوين الحكومة فى ذلك الوقت. 
 
راهبات الدير القدامى يتناقلن تقليداً يقول : «إن سكن الآباء البطاركة مدة إقامتهم بحارة الروم كان محل بناء كنيسة الدير الحالية وهى باسم الأمير تادرس والقائمة شرق مسكن راهبات الدير».
 
وشهد القرن التاسع عشر، انحسار أهمية حارة الروم، كحى هام للأقباط وانعكس بدوره على كنيسة السيدة العذراء وعلى الدير، مع انتقال القلاية البطريركية من حارة الروم إلى حارة الأزبكية 1799 ميلادى.
 
ومع انتقال مقر الحكم المصرى من القلعة إلى قصر عابدين فى عهد الخديو إسماعيل، انتقل كثير من الأراخنة وموظفى الدواوين الأقباط من حارة الروم إلى أحياء سكنية أخرى كالأزبكية وحارة السقايين والفجالة. 
 
ومن أشهر رئيساته «الأم يوأنا» التى رسمها البابا شنودة فى إبريل 1993، كما رسم البابا عددًا من الراهبات فى إبريل 2004، منهن «إيسى ومهرائيل، وماتيرا وثواكلية، وأستير، وسوسنة».
 
أما دير مارجرجس بمصر القديمة فيعد من أشهر المسئولات عنه الأم «يوأنا» التى رسمها البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، كما قام أيضًا بسيامة عدد من الراهبات للدير فى مارس عام 1987. 
 
قالت إحدى الراهبات «حسب ما نقلت مواقع مسيحية»، إن هناك سلسلة من المعجزات التى يتميز بها الدير خاصة فى الأمور المتعلقة بالشفاء والعلاج، وذلك لأن المسيحية تؤمن بأن الأشياء التى لامست أجساد القديسين تصبح بركة.
 
أضافت: كما قال الكتاب المقدس عن «بولس» «حتى صار الناس يأخذون لمرضاهم ما لامس جسده من مناديل ومآزر، فتزول الأمراض عنهم وتخرج منهم الأرواح الشريرة، ويتم أيضًا عن طريقها الكثير من المعجزات التى تشفى الأبكم والأصم والمرأة العقيمة.
 
وأوضحت أنه بعد أن يتم العلاج لا بد من إشعال شمعة لتنول رضا الشهيد مارجرجس وتتضرع خشوعًا للرب وتدعوه ليستجاب لك.
 
 يضم الدير أيضًا بعض رفات جسد الشهيد مارجرجس، وكذلك ماء المعجزات الذى يساعد أيضًا على شفاء الأمراض وذلك لأن الماء شربت منه العائلة المقدسة أثناء رحلتها إلى القاهرة.
 
وتعد معجزة الأم «حنونة» من أهم معجزات «مارجرجس»، وهى إحدى الراهبات القدامى بدير الراهبات بمصر القديمة، والتى تنيحت عام 1985، فتبدأ المعجزة بنشئة هذه الأم فى بلاد الصعيد حيث أصيبت وهى شابة صغيرة بمرض الرمد الصديدى، الذى أفقدها الرؤية فنقلها أهلها إلى المستشفى وقرر الأطباء إجراء عملية جراحية إلا أن نجاحها غير مضمون.
 
طلبت الأم حنونة من مارجرجس أن يشفى عينيها ونذرت أن تكون خادمة له فى أى مكان على اسمه إذا تم شفاؤها، وفى أثناء نومها رأت طبيبا يرتدى معطفًا أبيض ويحل الرباط الموجود على عينيها ويقول لها: خلاص هاشفيك وأعملك العملية، فسألته أنت مين؟ فأجابها أنا الدكتور مارجرجس، فلما استيقظت من النوم وجدت عينيها ترى بوضوح فسألت عن الدكتور مارجرجس فلم تجده، وتأكدت أن القديس الشهيد مارجرجس هو من شفاها.

دير القديسة العذراء مريم للراهبات
كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة بناها رجل أعمال قبطى يدعى الحكيم زيلون عام 352، بعد أن تأكد أن هناك بئراً شربت منه العائلة المقدسة، السيد المسيح والسيدة العذراء ويوسف النجار، خلال هروبهم من فلسطين إلى مصر، وبنى الكنيسة على البئر، إضافة للاستراحة التى استراحت فيها العائلة.
 
بحسب رواية المقريزى المؤرخ المصرى ففى عام 969 م، أسس القائد جوهر الصقلى مدينة القاهرة وقسم المدينة إلى حارات أسماها المقريزى (خطط) أى مجموعة من الأحياء الآهلة بالسكان، وكانت هناك قبيلة مغربية من قبائل البربر قد نزحت إلى مصر مع القائد جوهر الصقلى وتدعى قبيلة «زويلة»، أقامت هذه القبيلة بالمساحة المزروعة بهذه المنطقة (حارة زويلة) إلا أنها تركت الدير على ما هو عليه، وتم بناء كنيسة السيدة العذراء الأثرية بحارة زويلة، ويرجع تاريخ تأسيسها إلى ما قبل الفتح العربى لمصر بحوالى مائتى عام وبالتقريب فى عام 352 ميلادية.
 
تأسست كنيسة السيدة العذراء هذه قبل أن يقوم جوهر الصقلى بتأسيس مدينة القاهرة بحوالى ستة قرون، وقد ذكر المؤرخ «أفيلينو» أن هناك مخطوطة قبطية مقرها المكتبة الأهلية بباريس قد ورد بها أسماء كنائس فى مواقع مختلفة بالقاهرة بعضها يقع فى قاهرة المعز وهى (كنيسة السيدة العذراء مريم الثرية) بحارة زويلة كما جاء ذكر كنيسة عذراء زويلة بمخطوطة اللورد «كوفورد» تحت اسم (كنيسة والدة الإله مريم بحارة زويلة).
 
ومن أشهر راهباته الأم «ملكة» رئيسة الدير فى القرن التاسع عشر، والأم أغابى، التى ترأست الدير فى القرن العشرين، وأيضا الأم مريم.
 
يذكر أن الدكتور أبوبكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قال فى تصريحات صحفية له إن إجمالى عدد الكنائس فى مصر يصل إلى 2869 كنيسة غالبيتها توجد فى محافظة المنيا، حيث يوجد بها 555 كنيسة وتليها أسيوط 320 كنيسة وتأتى بعدها سوهاج بإجمالى 320 كنيسة أما أقل محافظة فى عدد الكنائس فهى الوادى الجديد ويوجد بها كنيستان فقط.

القلنسوة الرهبانية.. طقس كنسى يحتفظ بصلاة خاصة
أطلق على الملابس الرهبانية الشكل الرهبانى وقديمًا كان يطلق عليها الشكل الملائكى ولربما ما يرتديه الراهب من «القلنسوة» وهى التى تشبه قلنسوة الأطفال التى تضفى على الراهب الشكل الطفولى الملائكى من البساطة والبراءة وكما قال السيد المسيح «إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال لن تدخلوا ملكوت السموات».
 
وحفظ الطقس الكنسى صلوات خاصة على هذه الثياب وكانت القوانين الرهبانية مشددة من جهة الالتزام بارتداء هذه الملابس دون غيرها.
 
جاء فى رسالة أفسس الإصحاح السادس يقول معلنا بولس الرسول «ألبس سلاح الله الكامل لكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس.. من أجل ذلك أحملوا سلاح الله الكامل.. فاثبتوا متمنطقين أحقائكم بالحق ولابسين درع البر وحاذين أرجولكم باستعداد إنجيل السلام حاملين فوق الكل ترس الإيمان، وخذوا خوذة الخالص وسيف الروح الذى هو كلمة الله».
 
قلنسوة فى اللغة كلمة يونانية تسمى كولوليون أو كوكلس وهى عبارة عن غطاء للرأس وهى تشبه غطاء رأس الأطفال والجمع منها: قلانسُ، وقلانيس. ورد فى كتاب بستان الرهبان بخصوص القلنسوة التى سلمها الملاك للقديس العظيم الأنبا أنطونيوس المنظم الحقيقى للحياة الرهبانية، وهو يرتدى القلنسوة «قام من موضعه وانتقل إلى مكان آخر وجلس».
 
«وإذا بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى. وبعد ذلك جلس يضفر الخوص ثم قام مرة ثانية ليصلى، ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص، وهكذا.. أما ذلك الرجل فقد كان ملاك الله أرسل لعزاء القديس وتقويته إذ قال لأنطونيوس: «اعمل هكذا وأنت تستريح» ومن ذلك الوقت اتخذ أنطونيوس لنفسه ذلك الزى هو شكل الرهبنة، وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص، وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة، فاستراح بقوة الرب يسوع له المجد».
 
لذلك يقول القديس أثناسيوس الرسول تلميذ الأنبا أنطونيوس وكاتب سيرته بخصوص ملابس الراهب «وثيابك الأساسية لا تكن ثمينة للغاية، ورداؤك الخارجى ليكن أسود اللون، ولا تضيف له صبغة الألوان، واجعله يغطى الجسم والأظافر، والأكمام تغطى الأذرع إلى أصابع اليدين، وتغطى شعر الرأس المنسدل بغطاء من وبر، وتربط الشعر المنسدل برباط يغطيك إلى الأكتاف، حتى إذا ما تقابلت مع أى شخص يكون الوجه مغطى، وتشير له من تحت البرقع، ولا ترفعه من على وجهك لأى إنسان، إذا لم تكن منفردًا مع الإله.
 
القلنسوة طقس كنسى يحتفظ بصلاة خاصة، فعندما يلبس الراهب القلنسوة يهتف أيضًا «إلبس قلنسوة الاتضاع وخوذة الخلاص وأعمل ثمرة صالحة بالمسيح يسوع ربنا، هذا الذى ينبغى له المجد إلى الأبد آمين»، ثم يمنطقه بالمنطقة وهو يقول شد على حقويك بجميع رباط الله وقوة التوبة بالمسيح يسوع ربنا هذا الذى ينبغى له المجد إلى الأبد آمين.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق