وكيل «الأزهر»: المنطقة العربية تعرضت لفتن وحروب دمرت دول كاملة

الأربعاء، 19 أبريل 2017 12:09 م
وكيل «الأزهر»: المنطقة العربية تعرضت لفتن وحروب دمرت دول كاملة
عباس شومان وكيل الازهر
كتبت منال القاضي

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن ما يمر به العالم اليوم من أحداث يندى لها جبين البشرية، ولم يكن عالمنا الإسلامى والعربى بمعزِل عن هذه الأحداث المؤسفة، بل إن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارثَ متلاحقةٍ أصابت كثيرًا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، من خلال بث الفتن، وإشعال الحروب التى دُمرت خلالها دول بكاملها، وقُسمت أخرى لطوائف وفِرق متناحرة.
 
وأوضح شومان في ختام مؤتمر دورالمؤسسات الدينية فى عمليات بناء السلام والحوار بلبنان، إن هناك عدةَ حقائقَ تمثل إطار تعاونِ الأزهر الشريف مع المؤسسات الدينية الرسمية، ومن هذه الحقائق، خاصة وأن الإسلام دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم، فنحن المسلمين نؤمن بأن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن هدًى ونورٌ للناس، وأن اللاحق منها مصدِّق للسابق، ولا يتم إيمان المسلم إلا إذا آمن بالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل جميعً
وأوضح شومان أن التعدد الدينى فى الوطن الواحد لا يعد مشكلة ولا ينبغى أن يكون، وقد علَّمَنا ديننا الإسلامى الحنيف كيفية التعايش فى ظل التعددية الدينية، وذلك من خلال المشتركات الإنسانية التى تشمل كل مناحى الحياة، أما الجانب العقائدى والتعبدى فلا يضر علاقاتِ البشر فى أمور حياتهم اختلافُ تعبدهم لخالقهم، فشعار ديننا الحنيف: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، و«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِى دِينِ»
 
وتابع:« إن الأزهر الشريف قد حقق نجاحاتٍ كبيرةً داخلَ مصرَ وخارجَها من خلال إقامة حوارات دينية حضارية حقيقية، راعت الضوابط العلمية، وحافظت على ثوابت الدين، وكان لها نتائج ملموسة على الصعيد الوطنى والعالمي.. ومن هذه الحوارات على سبيل المثال (الملتقى الدولى الأول للشباب المسلم والمسيحي) الذى عُقد فى أغسطس الماضى بمشاركة وفد من شباب الأزهر الشريف ووفد من مجلس الكنائس العالمى يضم نحو أربعين شابًّا وفتاة يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين فى قلب مشيخة الأزهر حول دور الأديان فى بناء السلام ومواجهة التطرف.. وقد كان لمركز الأزهر لحوار الأديان دور رائد فى هذا الإطار سيتوج نهاية هذا الشهر بمشيئة الله تعالى بتوقيع ميثاق السلام بين الأزهر والفاتيكان خلال الزيارة التاريخية المرتقبة للبابا فرانسيس، وهو ما يعد خيرَ شاهدٍ وأوضح دليلٍ على أهمية التعاون والترابط بين المؤسسات الدينية فى تعزيز السلام»
 
 
وأشار شومان إلى أن الأزهر الشريف يوفد بالتنسيق مع مجلس حكماء المسلمين «قوافل سلام» تجوب العالم، وتخاطب الناس بلغاتهم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، فضلًا عن جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر التاريخية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا من أجل تعزيز السلام، وترسيخ قيم التسامح والتعايش بين مختلِف الشعوب، وحماية الإنسان - على اختلاف دينه أو عِرقه أو ثقافته - من العنف والتطرف، والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وإقناع صناع القرار العالمى بتبنى ثقافة الحوار لحل المشكلات العالقة أو الناشئة،.
 
وأضاف:«نخطئ حين نظن أن السلام بين الناس من الممكن أن يتحقق باجتماع هنا وآخر هناك، أو بترديد نصوص من كتبنا المقدسة وأحاديث المرسلين، أو بدعوات نرددها فى صلواتنا، أو بالحث على التسامح والتراحم وإدانة العنف والظلم بأشد العبارات، ويخطئ كذلك من يظن أن أمنَ وطنِه أو رِفعتَه يمكن أن يتحقق على حساب وطن آخر، ومخطئ من يظن أن سلامًا حقيقيًّا يمكن أن يسود فى ظل أرض محتلة وحقوق مغتصبة وإرادة مسلوبة، ومخطئ من يظن أن استقرارًا يمكن أن يعم مع دوى المدافع وتحليق القاذفات وسقوط المتفجرات وتناثر الأشلاء وارتفاع صراخ الثكالى وأنين الأرامل والأيتام، ومخطئ من يظن أن القوة الغاشمة تولد أمنًا أو تخلف سلامًا، أو أن تطاول الأزمنة يقر واقعًا أو يُنسى حقًّا مغتصبًا »
 
واستطرد :« إننا لن نَمَلَّ ولن نَكَلَّ من تَكرار أن الأمن والسلام الحقيقيين يقتضيان ممن يملكون القوة، أن يمتلكوا كذلك الإرادة لاتخاذ خطوات مباشرة وصريحة لإنهاء الاحتلال ورد الحقوق إلى أصحابها، وإنقاذ العالم من الدمار والفقر والجهل والمرض، والتوقف عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وانتهاج التمييز المقيت وسياسة الكيل بمكيالين فى التعامل مع الآخر .. على الذين يمتلكون القوة أن يضربوا المثل والقدوة بالتوقف الفورى عن سباق التسلح المجنون نحو أسلحة الدمار الشامل بعد أن امتلكوا منه ما يكفى لتدمير كوكب الأرض عدة مراتٍ فى ساعات معدودة، بل عليهم اتخاذ خطوات جريئة للتخلص من هذا الجحيم المكنون الذى لا ينبغى أن يمتلكه بشرى مع ما يعتريه من انفعالات وانفلات قد يخرجه عن حد الاتزان، ومن عجبٍ أن يرى بعضهم امتلاك أسلحة الدمار الشامل هذه حقًّا مكتسَبًا لهم محظورًا على غيرهم.»
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة