السادة «الهتيفة»

الأربعاء، 26 أبريل 2017 01:53 م
السادة «الهتيفة»
صبرى الديب يكتب

لا أجد سببا مقنعا لتلك الحملة الشرسة التي شنها البعض طوال الأيام الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على الحكومة المصرية ـ دون الاستناد على معلومات دقيقة ـ تتعلق بقضية المهندس المصري (مصطفى عواد) المحتجز في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات بتهمة التجسس، وتسريب معلومات عن حاملة طائرات نووية أمريكية، وكأن هناك قطاعا من المصريين عقدوا العزم على تشويه بلادهم بسب وبغير سبب، في ظاهرة أعتقد أنها تحتاج إلى دراسة متأنية من علماء النفس والاجتماع.
 
 ففي الوقت الذي تؤكد فيه المعلومات المتوفرة، أنه لا دخل للحكومة المصرية من قريب أو بعيد بالقضية المهندس المصري، أو ملابساتها، وأنه لم يحدث أن تدخل مسؤول مصري واحد في مفاوضات مع الجانب الأمريكي للإفراج عن «عواد» لأن القضية في مجملها «ملفقة»، ولا تمس الحكومة بأي صورة من الصور، ولا علاقة للقضية بالإفراج عن (آية حجازي) التي برأها القضاء المصري من تهمة الإتجار في البشر منذ أيام، واستقبلها الرئيس الأمريكي «ترامب» في البيت الأبيض على أساس أنها مواطنة أمريكية، وهو ما دعا المصريين إلى إشعال مواقع التواصل الاجتماعي، متهمين الحكومة المصرية بتسهيل تسلم «آية حجازي» إلى السلطات الأمريكية في مقابل الإفراج عن المهندس المصري.
 
ولعل الغريب في الأمر، أن ذات «الهتيفة» الذين روجوا لأكذوبة تسليم «آية حجازي» هم انفسهم الذين أشعلوا ذات المواقع من أجل الإفراج عنها، دون أن يكلفوا انفسهم مجرد الطلاع على تفاصيل قضية «عواد» التي تتلخص في مجملها في أن عميل سري لمكتب التحقيقات الفيدرلي الأمريكي يدعى «جيمس بيلتزر» قام عن عمد بإبهام المهندس المصري الذي كان يعمل في موقع حساس في البحرية الأمريكية، انه ضابطا في المخابرات المصرية، وطلب منه الحصول معلومات عن حاملة طائرات نووية أمريكية تبلغ تكلفتها 13 مليار دولار، إلى جانب معلومات خاصة بغواصات نووية بالستيه، وأخرى هجومية نووية.  
 
وقال بليتزر في اعترف خطي له: إن عواد أبلغه، أنه سوف ينسخ تصاميم حاملة الطائرات «فورد» على أقراص مدمجة، وسوف يتواصل معه بشكل سري عبر البريد الإلكتروني والهواتف العامة وأخرى غير مسجلة باسمه، وأنه طلب منه كمبيوتر محمول و«هارد ديسك» خارجي وخط تليفون مدفوع مسبقًا، وأنه اقترح عددًا من إجراءات السلامة، كاستخدام عناوين بريد إلكتروني تحمل أسماء وهمية،  ونظام أمن إلكترونيًا ينطوي على نسخ الملفات دون إعطاء إنذار أمني، وأنه قدم بالفعل 4 تصميمات سرية للغاية لحاملة الطائرات الأمريكية، وشرح كيفية ضربها بصواريخ تضمن إغراقها، على الرغم من أن كل الوثائق التي قدمها كانت تحتوي على نص يقول: «هذه الوثائق تحتوي على بيانات فنية يحذر تصديرها بموجب قانون السيطرة على الأسلحة، وقانون التصدير الإداري، وأن انتهاك هذه القوانين يخضع لعقوبات جنائية مشددة».
 
ومن الطبيعي أن الذي يعمل في موقع بذات حساسية موقع «عواد» في أي مكان في العالم لابد وأنه يخضع بشكل دائم للمراقبة الدائمة، وأن احتمالات خضوعة لمثل هذه الاختبارات وارد بشكل كبير، إلا أنه يبدو أن خبرة المهندس المصري كانت قليلة للغاية، للدرجة التي جعلته لا يستطيع تمييز عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي استطاع بإجادته للعربية، أن يقنعه أنه ضابط مصري ويدعى «يوسف».
 
خلاصة القول، أن الحكومة المصرية لم تتدخل في قضية «عواد» من قريب أو بعيد، لأن تدخلها في مفاوضات للإفراج عن بطل قضية بتلك التفاصيل، وبتلك الدرجة من الحساسية، يثير كثيرا من الشكوك حول علاقتها بالمهندس المصري، وأن كل ما روجه «الهتيفة» من دعاة التشوية على مواقع التواصل الاجتماعي، عن صفقة تبادل تمت بين الحكومتين المصرية والأمريكية، لمبادلة «آية حجازي» بـ «مصطفى عواد» جميعها «تكهنت دون سند» وانساق خلفهم الآلاف، وكأن هناك إصرار على تشويه مصر بأيدي أبناءها، في ظاهرة قلما تجدها بين شعب العالم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق