محشى بالفراولة

الأحد، 30 أبريل 2017 07:40 م
محشى بالفراولة
خضار - أرشيفية
د. نجاح أحمد عبد اللطيف

عندما وقف أمام محل الخضار ليشترى حاجة المحشى شهق شهقة رعب وهو يرى الطماطم وقد قفزت حتى اقتربت من حاجز العشرين جنيها، عليه العوض ومنه العوض فى المرتب، اشترى الكرنبة والبصل والخضرة، ولم يطاوعه قلبه على شراء الطماطم، همس لنفسه «أما مجنونة صحيح»، وقعت عيناه فجأة على الفراولة، لافتة السعر مكتوب عليها خمسة جنيهات، شرد للحظات، وبعدها بنصف ساعة كان يقف أمام الباب يدق الجرس، فتحت له زوجته، ثم قالت باستنكار: «وإيه لزومها الفراولة بس؟» ثم علا صوتها فى استنكار أشد: «فين القوطة ياراجل؟»، جاهد كى يقنعها أنه بلاش قوطة وخدى فراولة، دى حمرا ودى حمرا والاثنين موالح والفراولة الأيام دى مالحة صبر، كانت على وشك أن تصب عليه جام غضبها كالمعتاد لكنه قال لها: «القوطة اتجننت وسأكون أكثر جنونا لو اشتريتها، الكيلو داخل ع العشرين والفراولة مسكينة وغلبانة وعلى قد إيدينا، ولو عملنا بيها المحشى مش حتقول لأ»، سلمت أمرها لله ولم تمض ساعتان إلا وكان المحشى قد نضج. أطفأت النار وغرفت طبقا على عجل، قالت له إنها ستذهب لجارتهم أم محمد ثم تعود فى الحال، دقت على باب الجارة التى ما إن رأت المحشى والدخان يتصاعد منه حتى تهلل وجهها فرحا: «محشى!»، ألقت بإصبع فى فمها وصاحبتنا تتحرق شوقا لمعرفة رأيها فى هذا المحشى الفراويلى. «تسلم إيدك ياحبيبتى، بس طعمه غريب حبتين»، جاءها رد الجارة مقلقا فسألتها فى خوف: «يعنى وحش؟» -لا وحش إيه؟ حد لاقى محشى اليومين دول؟ دى الطماطم بعشرين جنيه. ثم ألقت فى فمها بإصبع ثان.
وفى المساء دق جرس الباب ففتحت ربة البيت لتجد أم محمد تعيد لها الطبق ممتلئا «فراولة».
همس لها زوجها لاحقا: هذه بضاعتنا ردت إلينا.
ثم انفجر الاثنان فى الضحك. 
مدرسة بكلية الألسن جامعة عين شمس

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق