ماذا فعلت «الخصخصة» بمصنع نسيج سوهاج؟.. تحولت نصف أرضه لأبراج سكنية وقيمة الباقي منها تفوق الـ2 مليار جنيه.. ورئيس غرفة تجارة المحافظة: مطلوب إعادة تشغيل المصانع لتوفير فرص العمل للشباب
الثلاثاء، 02 مايو 2017 06:55 ص
تعاني صناعة الغزل والنسيج في محافظة سوهاج من التدهور التام، بعدما أصاب مصنع غزل سوهاج والذي يعد أحد أكبر مصانع الغزل والنسيج في منطقة الوجه القبلي، العطب وطالته يد الخصخصة، وتم بيع 40 فدانا تم اقتطاعها من أرضه التي تبلغ 80 فدانا، لتشيد عليها أبراجا سكنية، في الوقت الذي توقفت فيه عملية التطوير والتحديث ولم تطل ماكيناته، لتضيع على المحافظة الفقيرة التي تعد أكبر محافظات الصعيد الطاردة للعمالة، والتي تشهد تراجعا في معدلات التنمية، وزيادة معدلات البطالة على مستوى الجمهورية.
حلم تطوير هذه القلعة الصناعية التي كانت تصدر إنتاجها لدول أوروبا الشرقية وروسيا وتشيكوسلوفاكيا من إنتاجه ضاع مع قدوم يد الخصخصة الباطشة، كان هذا المصنع ينتج أفضل أنواع الغزول في العالم، وكان يحقق أرباحا هائلة، حاليا المصنع يحقق خسائر بالملايين بسبب الماكينات المتهالكة، على الرغم من أنه يعمل به 3 ورديات.
ومؤخرا حضرت لجنة فنية من القاهرة لمعاينة المعدات والماكينات، وكتبت تقريرا خطيرا بأن المصنع لا يصلح للعمل لتوقف عملية تطويره ولا جدوى من تحديثه إلا بتغيير أرضية المصنع لتستوعب الماكينات الحديثة، لوجود مطبات في الأرضية، في الوقت الذي خرجت فيه أقاويل من الشركة، تؤكد أن المصنع من الخطأ بقاؤه في المدينة ولابد من نقله إلى إحدى المدن الصناعية الجديدة في سوهاج، مثل الكوثر أو مدينة سوهاج الجديدة بالكوامل، لكن الهدف من ذلك التصريح هو بيع أرض المصنع التي تزيد قيمتها على مليارى جنيه.
وتاريخيا يعد مصنع غزل سوهاج من أكبر مصانع الغزل على مستوى الجمهورية، وأقدمها على الإطلاق وقد أنشئ المصنع في الستينات بأوامر من الرئيس عبد الناصر شخصيا، من أجل تنمية سوهاج وأقيم المصنع على مساحة 80 فدانا تقريبا.
وقد استوعب حوالي 13 ألف عامل في وقت من الأوقات، وراح عدد العمال ينخفض تدريجيا حتى وصلنا إلى فترة التسعينيات والتي انخفض فيها عدد العمال إلى 3500 عامل دائمين، وبعد تطبيق نظام الخصخصة والمعاش المبكر على العاملين، تراجع عدد العمال إلى 450 عاملا، تم تعيين 20 عاملا من أبناء العاملين يتقاضى الواحد منهم راتبا هزيلا قدره 970 جنيها، في الوقت الذي يتقاضى فيه القدامى راتبا قدره 1150 جنيها فقط، والحافز للعاملين زهيد جدا ويبلغ 15 جنيها للجدد و20 جنيها للقدامى.
كما تم تشريد وتسريح الآلاف من العمال ومنحهم عدة آلاف من الجنيهات باتباع سياسة المعاش المبكر، كما تم بيع حوالي 40 فدانا من أراضي المصنع، وأقيمت عليها أبراج سكنية، وذهبت حصيلة البيع إلى خزينة الشركة القابضة، وبدلا من توجيه هذه الحصيلة إلى تطوير مصنع الغزل وضخ أموال ومواد خام للمصنع، تم الاستيلاء على هذه الحصيلة.
التدهور الكبير الذي شهده مصنع غزل سوهاج حدث في السنوات العشر الأخيرة، من عهد مبارك، عندما حاول محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق، تنفيذ سياسته وبيع باقى المصنع في إطار الخصخصة، إلا أن عمال المصنع تصدوا له بقوة وحضر وقتها إلى المصنع قبل ثورة 25 يناير، فوجد إصرارا كبيرا من العمال للحفاظ عليه، ليتوقف سريان هذا القرار مؤقتا، ومجبرا على عدم بيع المصنع نهائيا مع توجيه حصيلة البيع إلى تطوير المصنع ولكن عملية التطوير توقفت.
وشهد المصنع مرحلة أخرى، في عهد الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق، و اقترح وقتها المهندس عاطف عبد اللطيف، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالمصنع، بيع أراضي مصانع الشركة، ويصل ثمنها في ذلك الوقت إلى أكثر من 5 مليارات جنيه، شريطة أن يتم إقامة مصانع بديلة في المناطق الجديدة، و تحديث المعدات القديمة المستهلكة بأخرى حديثة، وفي سوهاج يبلغ سعر الأرض المتبقية، وهي 40 فدانا لأكثر من ملياري جنيه.
ولا ينسى أحد أن مصنع غزل سوهاج، كانت له شهرة عالمية، فهو ينتج أفضل الغزول في العالم، وكان الإنتاج يصدر إلى دول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي سابقا، وتشيكوسلوفاكيا، قبل أن ينفرط عقد الاتحاد السوفيتي سابقا، ويتحول إلى عدد من الجمهوريات، وكان يحقق المصنع أرباحا هائلة، ولكن تم القضاء على زراعة القطن المصري عاما بعد عام، وتراجع الإنتاج ولم تعد هناك المواد الخام وهي القطن اللازمة لتشغيل المصنع، وأصبحت مصر في ذيل الدول المنتجة للقطن ثم للغزل بعد أن كانت أولى الدول المصدرة له، لكن الخاسر في المقام الأول هو الدولة، لأن العمل في هذه المصانع كثيفة العمالة كان يمكن أن يقضي على البطالة في مصر خلال سنوات.
من جانبه طالب، أحمد الناظر، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بسوهاج، الحكومة بالعمل على إعادة تشغيل المصانع وتحديث بعض المتوقف منها عن العمل أو الذي لا يعمل بكامل طاقته في سوهاج، ومنها مصنع الغزل والنسيج، مؤكدا أن عودة تلك المصانع للعمل وبكامل طاقتها الإنتاجية يساعد على انتعاش فرص الاستثمار في المحافظة، وبالتالي توفير الآلاف من فرص العمل للشباب.

